السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

زمن الاحتلال يعود يا ثوار!

كأنه زمن اغلال أسود عاد يتحكّم بشباب وصبايا لبنان، وتحديدا الثوار. كأنه زمن عدنان عضوم وجميل السيد والنظام الامني ذاك، وذلك السوري المحتل اللئيم المتربص بالأحرار عبر عملائه اللبنانيين، يصطادنا هيك على مهل بالنقيفة، لمجرّد اننا نرفع الصوت مطالبين بحقنا بالحياة الكريمة وبالحرية.

 

كل يوم ثائر من ثوار لبنان الى التحقيق، تمهيدا للتوقيفات العشوائية المتلاحقة. والتهمة؟ جاهزة معلّبة وما احلاها، “مشاغب” او ما يقابلها من مفردات مثل “مخرّب” او “انت تسيء لدولة شقيقة ولشخصيات سياسية بارزة” او “التعرّض لموقع وطني كبير”، واهم الاهم “قاطع طريق”، وما شابه من تهم صارت بائدة بالية لا قيمة قانونية فعلية لها. ثوار بالعشرات صاروا زوار النظارة يوميا، في حملة شعواء مجنونة تشنها الدولة على ابنائها، او تحديدا على فئة معينة من ابنائها، اولئك الذين لا يطبّلون ولا يزمّرون لها، ولا يرفعون امامها المباخر والتسبيحات وكلام التبجيل والتمجيد!

دولة لا تحب الا الاصوات الصاغرة لها الذليلة بانصياعها، لا تحب من يقول لها “لا”، فتصدح على ليلاها في واديها السحيق، وشعب وحيد مستوحد مستفرد يصرخ في ظلمات وطن يتحول تدريجياً، الى سجن كل يوم تضيق مساحته اكثر واكثر. صار الوطن حبساً كبيراً والسلطة السجّان والجلاد. اسماء واسماء لثوار تتهافت يوميا كمطر كوانين الى التحقيق، في محاولة بائسة لترويعهم واستدراجهم الى الخوف، والتراجع عن ثورتهم، وعن نزولهم الى ساحات الشرف، والى اسكات اصوات الحق الصارخة في ضمائرهم.

طوني خوري، ربيع الزين، شربل قاعي، جورج قزي، ليندا برغل، محمد سرور، عصام صالح… اسماء واسماء واسماء بالعشرات، لثوار جعلوا الساحات بيتهم الثاني لتكون الكرامة بيت اللبنانيين جميعا، يُساقون الى التحقيق وكأنهم غربان ينعقون بين القبور، وهم شباب وصبايا في عز الحياة والكرامة يندهون مع عشرات الالاف من اللبنانيين بالثورة لأجل الحياة.

صارت الدولة دولة بوليسية، وصار الوطن المنفى. سلطة تسعى لتجعلنا غرباء على ارضنا، تجعلنا نشحذ الرغيف مع الكرامة، نستجدي الدواء على ابواب المستشفيات. نستجدي الحصول على اموالنا وغلة الايام امام المصارف كالمتسولين. دولة جعلتنا متسولين فعليين على ابوابها لتبقينا في الفقر والعوز والذل، ولتتمكن من التحكّم بنا وبخيرات الارض كما يحلو لها، ولما ارتفعت اصواتنا الغاضبة، هرعت الى نظامها العسكري لتدخلنا في القمع والترهيب والديكتاتورية المقنعة بالنظام الديمقراطي الحر!!

لم تنته الثورة كما تحلم السلطة، بل بدأت الان، وكما يقول الثوار “بعد ما بلشت الثورة هلأ بلشت فعليا وبعد ما شافوا شي”، بينما السلطة الخبيثة تتصرف كالحيّة الرقطاء تتسلل في لياليها المظلمة وتسعى بكل ما اوتيت من قدرة لتميت الثورة ولتقمعها في مهدها، وهي تعلم في سرها تماما، ان محاولات القمع ليست سوى اكسير حياة ووقود يشعل نار الغضب في قلب الناس الاحرار.

لا ظلم في الارض يدوم، ولا صوت يعلو على صوت مناضل لأجل الوطن والحق والحرية. تعرف السلطة الفاسدة في لبنان ان نهاياتها المدوية صارت أقرب مما تظن، وان الظلم والقمع سيكويانها قبل ان تصل نيرانها الى الثوار أنفسهم، وان محاولاتها البائسة لقمع الحريات لن تكون سوى البدايات الحقيقية لرحيلها الى بيتها، ولن يكون لها بيتا الا مزبلة الحاضر والمستقبل والتاريخ.