وبفضل هذا السّلاح، بات اللّبنانيّون يختبرون ما يُسمّى بثقافة الذّلّ والقهر، فهو لم يتوقّف عند قتل آمالهم وطموحاتهم، بل جعلهم يسدلون السّتارة على أحلامهم، كلٌّ منهم على طريقته، كما وأنّه فتك بأجسادهم ودفعهم لكتابة نهاية لفصول عذاباتهم.
فنجد أمين عام حزب الله حسن نصر الله متوجّهاً للّبنانيّين بقوله: “سلاحنا بأيدينا ولن نجوع” ويستكمل بالقول “سنقتلك بسلاحنا”!
هذا السّلاح الّذي يرفع عنوان الذّهاب شرقاً تارةً، ويقتل الشّعب السّوريّ تارةً أخرى، ويقصف الصّواريخ على المملكة العربيّة السّعوديّة وينفّذ هجمات إرهابيّة في أوروبا، بات عنواناً واضحاً لأخذ لبنان إلى الانتحار الجماعيّ.
أمّا المواطن محمد الهق ابن الهرمل، من سكّان الضّاحية الجنوبيّة، فهو لم ينتحر عندما كان يعيش في الخليج ويسترزق من خيرات أهل الخليج، بل قرّر الانتحار في حين كان يعيش في كنف الضّاحية وحاصره “جوع السّلاح” وقتل مستقبلَه مشروعُ الفقيه.
وكم هو مؤسف ان ترى ابناء بيئته تشمت وتلوم وتحتقر إنسان أقفلت بوجهه كل السبل في تغريدات تكشف حجم الحقد والمرض المذهبي في بيئة السلاح، وهذه عينة قليلة من تفكير مريض لبعض المأزومين و”الذباب الإلكتروني”.
تتزامن حالات الانتحار تلك، مع الأزمة الّتي يعيشها المواطن اللّبنانيّ اليوم، والّتي تملأ الشّوارع بحزن مصحوب بالنّقمة واليأس. والبحث عن الأسباب ليس بأمر صعب، فالحالة الاقتصاديّة الخانقة ليست السّبب الأوحد، إنّما الخنوع أمام رزمة مخطّطات حزب اللّه هو مفتاح الدّوافع الّتي تلفّ يوماً بعد يوم وطننا بكفن الإرهاب والظّلمة والموت.
فهل سيصبح لبنان مقبرة جماعيّة يقرأ الإرهابيّون عليه الفاتحة؟ هل نعلن الحداد على ما تبقّى من أشلاء وطننا المحتضر؟ أم أنّه علينا إعادة إحياء ضمائرنا والتّوجّه بكلّيّتنا إلى رفض الذّلّ والإرهاب والتّحرّك والاستيقاظ بشكل جماعيّ للتّخلّص من المسبّب بدلاً من إنهاء حياتنا، وننقذ لبناننا من الغرق في هذه البؤرة المظلمة!