الأحد 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 19 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

“ضعاف النفوس” يعيدون “الأسد الضعيف”

لم يكشف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بعد خروجه من لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، مساء الاثنين، سراً دفيناً كان مكتوماً تحت “تاسع أرض” فقام جنبلاط بإخراجه إلى الضوء ونفض الغبار عنه. الجميع كان على علم بانخراط النائب جميل السيد في عملية تشكيل الحكومة والدور الذي يلعبه من “خلف الستار”، بالتنسيق مع النظام السوري. جنبلاط تولى فقط، على طريقته، تظهير الموضوع “بعدما عرف أن السيد من الذين يشكلون حكومات، وهناك أصول لتشكيل الحكومات وهناك فروع”، كما قال.

 

والكل يعلم أيضاً أن النائب السيد زائر “دوّيم” للقصر الجمهوري، منذ زمن، ورئيس الجمهورية ميشال عون يستمع لرأيه في مواضيع كثيرة، فكم بالحري في موضوع بهذه الأهمية كعملية تشكيل الحكومة؟ وثمة معلومات كثيرة عن أن الرئيس المكلف حسان دياب كذلك، على تنسيق مع السيد في هذا الخصوص بشكل شبه يومي، والأخير يمارس لعبته المفضلة منذ زمن الوصاية السورية بسرور، طالما أتاح المسؤولون المعنيون الفرصة له واتخذوه ناصحاً وعرّاباً.

فأي قدر ساخر هذا الذي يسمح بعودة النظام السوري إلى التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، على الرغم من أوضاعه التعيسة وعجزه ووقوع سوريا تحت احتلالات متعددة؟ إلا إذا كانت “المسألة أبعد من ذلك وأكبر”، كما تشير المعلومات لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني.

وتلفت المصادر إلى أن “المنطقة تعجّ بسيناريوهات متعددة، لكل محاذيرها ونتائجها المختلفة، من بينها السيناريو الحاصل في عملية تشكيل الحكومة في لبنان”، معتبرة أن “تريث حزب الله وعدم تغيير موقفه من حكومة الاختصاصيين وحسمه الأمور باتجاه أو بآخر، حتى الآن، يعكس في مكان ما انزعاجاً صامتاً من التدخل السوري وعودته للمنافسة في الداخل اللبناني، ما ينعكس انحساراً لدور الحزب بطريقة أو بأخرى إذا ما قُدِّر لهذا التدخل من ترسيخ أقدامه من خلال الاتفاقات الدولية القائمة”.

وترى أنه “لا يمكن أيضاً عدم ملاحظة مكان الإعلان عن تدخل النائب السيد في الملف الحكومي، بشكل صريح، ومن عين التينة بالذات، بعدما كان معلوماً من دون إعلان”، معتبرة أن ذلك “يحمل أكثر من إشارة ورسالة من صاحب الدار، إذ إن الجميع يعلم مدى الودّ المفقود بين بري والسيد”.

من جهته، يرجّح القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، في حديث إلى موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أن “اللعبة الحكومية كانت من الأساس تجري على هذا النحو”. ويشير إلى أن “النظام السوري، على الرغم من ضعفه الشديد، لكن ضعف نفوس كثيرين من حلفائه المحليين أدى لإعادته إلى الصورة”.

ويؤكد علوش أن “هناك شيئاً ما، بين رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر، كأمور مخفية لا نعرفها، أدت إلى إعادة هذه العلاقة من خلال جميل السيد”. ويشدد على أن “السيد لا يتدخل فقط، بل هو يدير العملية. وحتى أن ثمة معلومات تشير إلى ارتباط الرئيس المكلفّ أيضاً في هذا الملف”، مكرراً أن “ضعف نفوس بعض السياسيين في البلد، أدى إلى إعادة بشار الأسد الضعيف إلى الصورة”.

ويوضح أن “هناك معلومات كثيرة تتكشف حول هذا الموضوع، بحاجة إلى تدقيق. لكن عملياً في النهاية، هذا المسار يزيد ضربة جديدة إلى الواقع الكارثي الذي ترزح تحته البلاد”. ويقول إنه “بمجرد أن تطرح حكومة، وتكون الشبهة، أو القناعة، عند المجتمع الدولي أن المسؤولين أعادوا إنتاج الوصاية السورية على البلد، فالوضع سيسوء أكثر بكثير مما هو عليه اليوم. وإذا كان هناك أمل في مدّ يد المساعدة للبنان في مكان ما، فسيصبح الأمر من عالم الخيال”.

ويشدد علوش على أن “الخيار الوحيد المتاح للإنقاذ والخروج من الوضع الكارثي، كان بتأليف حكومة من اختصاصيين حقيقيين. لكننا اليوم عدنا إلى الوراء وفقدنا كل الفرص، وذاهبون إلى مرحلة جديدة ـ قديمة كارثية”.

أما عن موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وما إذا كان سيقبل بالعودة إلى عملية تصريف الأعمال بشكل عادي تحت ضغط الظروف، التي تحاول الأكثرية الحاكمة استغلالها لكسب الوقت وإعادة لملمة أوضاعها، فيرى علوش أنه “لن يتم ترتيب الوضع، وسلوكهم يشير إلى أن الأمور عادت إلى الوراء. فخدعة حكومة الاختصاصيين التي يترأسها دياب لم تمر، وهذا ما دفعهم إلى التراجع، لأنهم لم يجدوا التعويذة المناسبة التي تدفع المجتمع الدولي والدول المانحة للاقتناع بأن هذه الحكومة يمكن أن تكون حكومة مستقلين فعلاً”.

ويشير إلى أنهم “لذلك هم يريدون إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال بسبب عجزهم وعدم تمكنهم من تشكيل حكومة، ويريدون الاتيان بسعد الحريري من جديد ليكون شاهداً على الانهيار”. ويضيف أنه “إذا أردنا من حول الرئيس الحريري أن نقدِّم له نصيحة، فنقول له يجب أن يكون هناك حكومة، لا تفعيل حكومة تصريف الأعمال، أي الضغط باتجاه تشكيل حكومة”.

ويرى علوش أن أصحاب السلطة القائمة “يفضلّون الذهاب إلى انهيار كامل وفشل الدولة، ولن يتخلّوا عن المكتسبات السلطوية التي يقبضون عليها”.