الأحد 19 شوال 1445 ﻫ - 28 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مازح أراد استعراض عضلات "حزب الله" أمام أميركا فسقط في الضربة القاضية!

بعد اصدار قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح، يوم السبت الماضي قراراً قضائياً يقضي بمنع السفيرة الاميركية دوروثي شِيا من التحدث الى اي وسيلة اعلامية في لبنان، ومنع وسائل الاعلام من تغطية حديثها تحت طائلة توقيف الوسيلة الاعلامية المعنية عن العمل لمدة مماثلة

 

قدم مازح اليوم استقالته بعد تحويل وزيرة العدل الملف الى المرجع المختص وقبل دخوله الى مجلس القضاء الاعلى، وذلك بعدما استدعى الاخير مازح لاستوضاح حيثيات قراره.

خلفيات القرار

وكان مازح اتخذ قراره بعدما تقدمت فاتن علي قيصر باستدعاء عبر البريد الالكتروني لمحكمة صور للقضايا المستعجلة، عرّفت فيه انها شاهدت مقابلة للسفيرة الاميركية ادلت خلالها بتصريحات اعتبرتها قيصر “مسيئة للشعب اللبناني ومثيرة للفتن والعصبيات ومن شأنها تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية وتشكل خطراً على السلم الاهلي والعيش المشترك”.

وجاء في قرار مازح القضائي: “بعد أن تقدمت فاتن علي قيصر باستدعاء عبر البريد الالكتروني لمحكمة صور للقضايا المستعجلة عرفّت فيه انها شاهدت مقابلة للسفيرة الاميركية بتاريخ 26-6-2020 على قناة الحدث العربية، حيث ادلت السفيرة بتصريحات مسيئة للشعب اللبناني ومثيرة للفتن والعصبيات ومن شأنها تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية وتشكل خطراً على السلم الاهلي والعيش المشترك، طالبة في الختام اتخاذ التدابير بوضع حد لمثل هذه التصريحات. وحيث أن السفيرة الاميركية تناولت في حديثها اثناء المقابلة احد الاحزاب اللبنانية الذي له تمثيل نيابي في مجلس النواب اللبناني وتمثيل وزاري في الحكومة اللبناية، وله قاعدة شعبية لا يستهان بها في لبنان، وحيث ان حديث السفيرة الذي تناول الحزب المذكور لجهة تحميله المسؤولية عما حلّت اليه الاوضاع في لبنان،

 

فضلاً عن انه لا يحق للسفيرة التطرق اليه لكونه يمثل شأناً داخلياً لبنانياً لذلك يأمر بما يلي:

أولاً: منع اي وسيلة اعلامية لبنانية او اجنبية تعمل على الاراضي اللبنانية سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة أو الكترونية، باجراء اي مقابلة مع السفيرة الاميركية أو اجراء اي حديث معها لمدة سنة تحت طائلة وقف الوسيلة الاعلامية المعنية عن العمل لمدة مماثلة بحال عدم التقيد بهذا الامر، وتحت طائلة الزام الوسيلة الاعلامية المعنية بدفع مبلغ مئتي الف دولار اميركي كغرامة اكراهية بحال عدم الالتزام بمندرجات هذا الامر.

ثانيا :ابلاغ وزارة الاعلام اللبنانية والمجلس الوطني للاعلام نسخة عن القرار لتعميمه على الوسائل الاعلامية”.
وكانت شيا قالت في مقابلة مع قناة العربية الحدث، بثت الجمعة الماضي، إن بلادها “تشعر بقلق كبير حيال دور حزب الله المصنف منظمة ارهابية” واتهمت شيا “حزب الله” بأنه “حال دون إجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاج اليها الاقتصاد اللبناني إلى حد بعيد”.

اعتذار وطيّ للصفحة

بعد قرار مازح أعلنت السفيرة الأميركية، أنها تلقت اعتذاراً من الحكومة اللبنانية، مدخلة حكومة حسان دياب في دوامة من التخبط حول الجهة التي اعتذرت منها، وبعد نفي وزيرة الإعلام ومصادر رئاسة الحكومة، تبين فيما بعد أن مستشار رئيس الجمهورية، سليم جريصاتي، هو من قدم الاعتذار، معتبراً أن الدولة اللبنانية لا توافق على القرار القضائي.

بعد ذلك دعا وزير الخارجية اللبناني شيا الى اجتماع، وطلب منها عدم الوقوف عند هذا القرار القضائي، وطي الصفحة، مؤكداً أن لبنان حريص على العلاقة والتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، ويأمل منها مساعدة لبنان. وبعد اللقاء، أعلنت شيا أن الاجتماع كان إيجابيًا “واتفقنا على طي صفحة القرار المؤسف، الذي جاء لتحييد الانتباه عن الأزمة الاقتصادية. وطوينا الصفحة للتمكن من التركيز على الأزمة الفعلية. والولايات المتحدة ستستمر في مساعدة لبنان، وتبقى إلى جانبه. وعلاقتنا الثنائية قوية ومتينة. وأؤكد أن العلاقات بين البلدين قوية جداً، وستكون ذات فائدة على البلدين والشعبين”.

ردود فعل مستنكرة

شيّا لم تول قرار مازح عند صدوره اية اهمية، حيث صرحت الى وسائل اعلامية، في وقت توالت فيه رود الفعل المستنكرة على ما صدر عن مازح، فغردت وزيرة الإعلام تعليقاً على القرار قائلةً “أتفهم غيرة القضاء على أمن الوطن من تدخل بعض الدبلوماسيين في شؤونه الداخلية. لكن لا يحق لأحد منع الإعلام من نقل الخبر والحد من الحرية الإعلامية.. وفي حال لدى أحد مشكلة مع الإعلام فليكن الحل عبر وزارة الإعلام والنقابة والدور الاستشاري للمجلس الوطني للإعلام وانتهاءً بمحكمة المطبوعات”، كما غرد الوزير السابق ملحم الرياشي، عبر “تويتر” قائلا “‏قرار سمج وغير مضحك على الاطلاق، لقاض مازح السفيرة الاميريكية”. وأرفق التغريدة بهاشتاغ: “#حرية_ الاعلام”.

وأكد نقيب الصحافة عوني الكعكي في حديث صحفي “أن النقابة ترفض رفضاً قاطعاً اي قرار يقمع الحريات”، لافتاً إلى “أن لبنان بلد الحريات، ويتميز عن كل العالم العربي ويتباهى بالحرية التي يملكها والتي دفعنا ثمنها غالياً”، موضحاً “ان شهداء كبار ذهبوا في سبيل هذه الكلمة، ولسنا مستعدين، من اجل قاض خطر على باله ان يمنع هذه الحرية، والتي ليست في الاصل من اختصاصه، للتنازل عن حرية التعبير وهي بمثابة الاوكسيجين الذي نتنفسه وبدونه لا حياة للصحافة”، مشددا على ان “هذا القرار هو اولاً من اختصاص محكمة المطبوعات، وثانيا إذا كان هناك من شكوى فيجب أن تذهب الى وزارة الخارجية، ووزير الخارجية، يتصرّف، في حال وجد أن هناك من ضرورة للتدخل ويعالج المواضيع”.

واعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن ما يحصل معيب بحق القضاء اللبناني، فلو كنا بوضع سيادي طبيعي لكنت أول من يرفض ويستهجن ما قالته السفيرة الأميركية، ولكني كنت اتبعت الطرق القانونية. هل القاضي محمد مازح غير مدرك لمضمون معاهدة فيينا؟ فصلاحيته غير موجودة في هذه القضيّة من الأساس وعلى القضاء ألا يقوم بدور سياسي. اضاف جعجع “انا مع احالة القاضي مازح الى التفتيش القضائي لانه بهدل القضاء”.

كما علق “الحزب التقدمي الاشتراكي، على القرار من دون أي تسمية، وذلك في بيان أصدرته مفوضية الإعلام في الحزب، وجاء فيه: “لا تنفك إبداعات الغرف المظلمة تطل برأسها في بعض القضاء وبعض مؤسسات الدولة، وتسعى إلى تغيير وجه لبنان المتعدد المتنوع، وإلى قمع الحريات فيه بأشكال وأساليب مختلفة، آخرها حكم من زمن قرارات محاكم التفتيش يهدف الى تقييد حرية الإعلام أسوة بمحاولات حرية التعبير عن الرأي وملاحقة الصحافيين والناشطين.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فهل ينطبق هذا القرار على تصريحات آخرين من سفراء ومسؤولين من هذا المحور أو ذلك؟، مشيرا الى انه”لا دخل للقضاء في امور لا تعنيه، نرفض اي تدخل من اي قضاء كان غير محكمة المطبوعات، اما ان يأتي قاض ويقرر فلا هو ولا غيره يحق له ذلك ولا نقبل، هذا امر خطير”.

استقالة مازح خير دليل على ان “حزب الله” اضعف بكثير من ان يقف في وجه أميركا، وان كل استعراضته واهية، وليس بامكانه سوى التصعيد الكلامي اما القرارات والافعال فهو اوهن من ان يتخذها.