الجمعة 9 ذو القعدة 1445 ﻫ - 17 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل تهتز المظلة الدولية التي تحمي لبنان؟

تتخوف مصادر ديبلوماسية بارزة، من أن يجد لبنان نفسه في المرحلة القريبة المقبلة، متروكاً دولياً وأزماته تتعاظم، نتيجة تفاعل الهجوم الروسي على أوكرانيا، ونتيجة إعادة التموضع الدولية والإقليمية في ضوء ما ستفرزه الحرب الروسية على هذا البلد وتأثيرها على موازين القوى الدولية، والانشقاق الدولي العمودي حيال الوضع الأوكراني.

لقد توافرت الاستمرارية للاستقرار في لبنان على مدى العقود الماضية عبر التفاهمات الدولية – الإقليمية، وعبر الاستفادة من نقاط التلاقي في المصالح الدولية الكبرى، وهذا شكل ما يشبه المظلة التي أدت دوراً في حمايته أمنياً وسياسياً في حدود معقولة، وإن لم تكن مشكلته الأساسية حول السلاح غير الشرعي لتجد حلاً بعد.

والخوف حالياً من أن تهتز هذه المظلة بفعل الظروف المستجدة لا سيما نتيجة عاملين اثنين:

الأول: أن نتيجة الهجوم الروسي على أوكرانيا، وتداعيات باتت تشكل الأولوية الدولية، أي الأولوية لدى كل من واشنطن والأوروبيين من جهة وروسيا من جهة أخرى. ما قد يؤثر ويؤدي الى تراجع في الاهتمام بالملف اللبناني الذي يُعتبر أنه بحاجة الى العناية الفائقة نظراً للضغوط الإقتصادية والإجتماعية، وللاستحقاقات الدستورية المنتظرة، واستحقاق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ثم حاجته الى المجتمع الدولي برمته للاستمرار في تأمين الغطاء السياسي الذي من شأنه أن يحافظ على حد مقبول من الإستقرار.

مع ما يتطلب ذلك من استمرار الدعم الدولي للبنان لاجتياز المرحلة بأقل قدر ممكن من الخسائر. وأي عدم تعاون دولي أو أزمة دولية ستؤثر حتماً على لبنان.

ثانياً: إن الملف الأوكراني سيعيد خلط الأوراق في العالم وفي المنطقة تحديداً، من حيث التوازنات السياسية و الإقليمية، الأمر الذي يفرض نفسه على ضرورة أن يستكشف لبنان آفاق الوضع الراهن و ما قد يعكسه من تطورات إقليمية تلقي بظلالها على أوضاعه و استحقاقاته المنتظرة. لذلك ثمة أسئلة مطروحة تتناول، العلاقات الروسية – الإيرانية، المقبلة وتطوراتها فهل يمكن أن تتعمق أكثر نتيجة ما يحصل في الملف الأوكراني؟ ثم أين موقع العلاقات الروسية – الإسرائيلية على الخريطة الدولية وهل ستتظهر توجهات جديدة تؤثر في الملف السوري واللبناني مع ما ستتركه من تداعيات سوء العلاقات الروسية مع كل من واشنطن وأوروبا على مجمل الملفات في المنطقة.

وأي علاقة ستكون بين موسكو والخليج بعد هذه التطورات؟ وهل سيُستكمل التفاوض لتوقيع الإتفاق النووي بين الدول الكبرى وطهران قريباً جداً، بغض النظر عمّا يحدث في أوكرانيا؟

ان روسيا تسعى لاحتلال كامل لأوكرانيا ولم تواجه أي معارضة فعلية على الأرض. وهي سيطرت على سوريا وأبقت على نظام بشار الأسد حياً، وأضعفت المعارضة ولم تواجه ما يوقف سيطرتها بشكل فعلي. وقبل ذلك احتلت القرم الأوكرانية، وسيطرت على جورجيا، وتريد مساحة جغرافية على توخمها تحت سيطرتها وتأثيرها وليس من يقف في وجهها إلا العقوبات وهي لا تأبه لها، وتعتبر أنها تضر بالدول التي تفرضها. في المقابل، تنكفئ واشنطن عن العديد من الملفات لا سيما بعد انسحابها من أفغانستان، وبعد المباشرة بالتفاوض حول البرنامج النووي الإيراني كأولوية دولية يوازيها اهتمامها بالملف الصيني.

وهي ليست مستعدة للإنخراط عبر جيشها وأسلحتها للدفاع عن حلفائها. وهذا كله يؤثر على موازين القوى الدولية والتي تنعكس على موازين القوى الإقليمية وعلى وضع لبنان.