يحضر لبنان في قمة عمّان غداً، حيث يعوّل عليها كفرصة لإعادة مدّ الجسور بين الدول العربية، في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة، وستكون لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يترأس وفد لبنان إلى القمة العربية بمشاركة رئيس الحكومة سعد الحريري ، “إطلالة لافتة على القادة العرب من خلال كلمة أمام القمة العربية ، وصفتها مصادر بعبدا بغير التقليدية، وبمضمون لا ينطوي على كلام فقط لمجرّد الكلام، بل غير تقليدية حتى بالمخاطبة، وفي لغة المصارحة مع الزعماء العرب التي سيعتمدها رئيس الجمهورية، لغة يقتضيها الواقع العربي ومخاطر المرحلة المقبلة التي لا تحتمل مزيداً من الانتظار في ظل التطورات المتسارعة. وبالتالي، هذه ستكون رسالة لبنان في القمة”.
رسالة خماسيّة؟
واذا كان لبنان حرص من خلال مشاركته في القمة على إبراز الصورة اللبنانية في ظل العهد الجديد والموقف الرسمي الواحد والمنسَجم في ظل مشاركة الحريري الى جانب عون ، فإنّ ما لفت الانتباه هو مبادرة بعض القوى السياسية في لبنان الى خطوة اعتُبرت تجاوزاً لموقف لبنان و”تشويشاً” عليه في القمة.
وتجَلّت، وكما كشفت مصادر موثوقة لصحيفة “الجمهورية”، برسالة الى القمة بعث بها كل من الرؤساء أمين الجمّل ، ميشال سليمان ، فؤاد السنيورة ، تمام سلام ونجيب ميقاتي ، وأرسلوها كرؤساء سابقين للجمهورية والحكومة.
وتقع هذه الرسالة في 3 صفحات فولسكاب، وتتمحور حول 5 عناوين: التأكيد على إتفاق الطائف ، التأكيد على التزام القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701، السلاح غير الشرعي، “إعلان بعبدا”، النأي بالنفس وبسط سلطة الدولة ووقف التدخلات الخارجيّة في الأزمة السورية”.
وبعث الرؤساء الخمسة بنسخ عن هذه الرسالة الى كل من عون ، ورئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري ، وكان وقعها سلبياً جداً في بعبدا، وعون لم يكن مرتاحاً لهذه الخطوة وعَبّر عن شديد استيائه، والأمر نفسه عند بري الذي فوجىء بخطوة من هذا النوع، وعَبّر عن انزعاج منها وقال لـ”الجمهورية” إنها “خطوة غير مُستساغة وغير مسبوقة، لا بل غير مقبولة”.
وأكدت مصادر رسمية لـ”الجمهورية” انّ هذه الخطوة غير مفهومة المضمون والمغزى والغاية منها، لا بل انها تشكّل مَسّاً وإساءة لموقع رئاسة الجمهورية ومحاولة لتجاوز الرئيس وهيبة الرئاسة الاولى، خصوصاً انّ لبنان سيكون ممثّلاً برئيسه، فما مغزى هذه الرسالة، وما هو هدفها، وماذا تريد ان تقول؟ هل تحاول ان تظهر انّ لبنان منقسم على ذاته؟
وماذا سيبدو عليه موقف لبنان في هذه الحالة وعندما يشوّش عليه برسالة لا لزوم لها أصلاً؟ بل هل القصد منها إضعاف موقف لبنان؟ وماذا سيقول عنّا العرب في قمة عمّان؟ فإذا كانت هذه الرسالة مكتوبة بمبادرة شخصية من قبل مُرسليها فهي مصيبة، أما اذا كان موحى بها، فهنا المصيبة أكبر.
مع ذلك، تبقى العيون اللبنانية شاخصة نحو عمّان، كفرصة لبنانية مهمة. وكان لافتاً للانتباه ما تمّ إعلانه عشيّة القمة من انه بنتيجة الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في واشنطن مع عدد من نظرائه ومن بينهم وزراء خارجية الأردن والسعودية والبحرين، وكذلك نتيجة للسياسة الانفتاحية التي رسمها رئيسا الجمهورية الحكومة، رفعت الدول الخليجية تحفّظها عن بند التضامن مع لبنان خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب وصدر القرار بالموافقة على بند التضامن بالإجماع.