أصدرت السفارة الاميركية في بيروت بيانًا أعلنت فيه أنّها “أحيت اليوم الذكرى الأربعين لتفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت في 23 تشرين الأول 1983، حيث قام انتحاري بتفجير أدّى إلى قتل 241 جنديا أميركيا. وقد قامت السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ونائب رئيس البعثة أماندا بيلز ومجتمع السفارة بتكريم أولئك الذين فقدوا حياتهم في هذا الهجوم”.
وأضاف البيان: “السفيرة شيا والسفير الفرنسي هيرفي ماغرو وضعا إكليلا من الزهر على النصب التذكاري في السفارة الأميركية المزيَّن بعبارة ” لقد أتوا بسلام”. وقد قام أفراد مفرزة المارينز التابعين للسفارة الأميركية بقراءة أسماء كل من الضحايا، وتذكروا خدماتهم، وقاموا بتكريم تضحياتهم”.
وشدّدت شيا في كلمتها على أن التزام الولايات المتحدة تجاه شعب لبنان “أقوى بكثير من أي عمل جبان من أعمال العنف أو الإرهاب”.
وتابعت: “شعار مشاة البحرية الأميركية هو ‘الإخلاص دائمًا’. واليوم، بعد مرور 40 عامًا على تفجير مقر مشاة البحرية، نحن مخلصون إلى الأبد لذكرى هؤلاء الجنود الأميركيين البالغ عددهم 241 جنديًا وجميع هؤلاء، أميركيين ولبنانيين وغيرهم، ضحوا بحياتهم لدعم السلام”.
في ما يلي الكلمة الكاملة للسفيرة شيا: “صباح الخير. شكرًا لكم جميعا على الانضمام إلينا هنا اليوم. شكرا لك سعادة السفير هيرفي ماغرو وملحق الدفاع والزملاء الآخرين من نظرائنا في السفارة الفرنسية. شكرا لكم جميعا على وجودكم هنا معنا وسط ظروف صعبة لإبداء احترامنا للذين سقطوا وجُرحوا منذ 40 عامًا في مثل هذا اليوم.
قبل أربعين عاما، كان الشعب اللبناني في منتصف طريق الحرب الأهلية المروعة التي أدّت إلى مقتل عشرات الآلاف ودفعت ما يقارب مليون لبناني إلى الفرار من منازلهم. بناء على طلب الحكومة اللبنانية، شكّلت الولايات المتحدة – إلى جانب حلفائنا الفرنسيين والإيطاليين والمملكة المتحدة – قوة جديدة متعددة الجنسيات لمساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة السيادة الكاملة على بيروت وكلّ لبنان، أو، كما قال الرئيس رونالد ريغان في ذلك الوقت، لضمان “السماح للشعب اللبناني برسم مستقبله”. هذا طموح لا نزال نتمسك به.
وهكذا، في العام 1982، وصل 800 عنصرا تقريبا من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) الى بيروت. لقد جاءوا إلى جانب زملائهم من الجنود الفرنسيين والبريطانيين والإيطاليين بسلام للمساعدة في ضمان سلامة الشعب اللبناني ووضع حد للعنف المأساوي.
لقد كان المارينز الأميركيون هؤلاء شباباً أمامهم مستقبل مشرق، ولديهم التزام عميق بخدمة بلدهم والقيم التي نعتزّ بها كأميركيين ولبنانيين. أيها الزملاء أودّ أن أدعوكم لمشاهدة المعرض في غرفة الانتظار في القنصلية، وهو يتضمن بعض الصور الفوتوغرافية التي تصوّر حياتهم اليوميّة في بيروت. هذه الصورّ التقطت بعض ما كان يعبّر عن متعتهم البسيطة، مثل مباراة كرة قدم صغيرة أو الحصول على قصة شعر أو اللعب مع الأطفال اللبنانيين في المنطقة المحيطة بمقر مشاة البحرية.
كان من المفترض أن يكون يوم 23 تشرين الأول 1983 واحدا من تلك الأيام. كان يوم أحد، لذا كان المجمع هادئًا.
في الساعة 6:22 صباحًا، قبل لحظات قليلة فقط من الموعد المقرر لمنبه الصباح، تم قطع مستقبلهم المشرق في غضون ثوانٍ. لقد قاد انتحاريّ شاحنة مملوءة بالمتفجرات إلى المقر وقام بتفجيره، في هجوم تم تنفيذه بدعم من إيران. وتحوّل هذا المبنى إلى أنقاض. قتل في ذلك اليوم 241 جنديًا أميركيًا، وتبع ذلك، بعد أيام قليلة، موت شخص آخر متأثرا بجراحه التي أصيب بها أثناء الهجوم.
خلال ثوان قليلة، حرم عمل إرهابي جبان هؤلاء الجنود من مستقبلهم المشرق. لقد تُركت عائلات حزينة إلى الأبد بسبب خسارة لا يمكن تصوّرها، كما تركت الأمة بأكملها في حالة صدمة.
وبعد دقائق قليلة، ضرب انتحاري ثان ثكنة دراكار الفرنسية، وقتل 58 مظليًا فرنسيًا. وهنا أودّ أيضًا أن أحيي سعادة السفير هيرفي ماغرو، الموجود معنا هنا اليوم، وأن أحيي ذكرى المظليين الفرنسيين الذين سلب منهم مستقبلهم في وقت مبكر جدا. لترقد أرواحهم بسلام.
ونحن هنا، اليوم، بعد مرور 40 عامًا، من أجل إحياء ذكرى أولئك الذين جاؤوا بسلام. إننا نتذكرهم ونقوم بتكريمهم.
ونحن هنا أيضًا لنقول بشكل لا لبس فيه أن التزامنا تجاه شعب لبنان أقوى بكثير من أي عمل جبان من أعمال العنف أو الإرهاب.
اليوم، نحن نرفض، ويرفض الشعب اللبناني، تهديدات البعض بجرّ لبنان إلى حرب جديدة. ونحن مستمرون في نبذ أية محاولات لتشكيل مستقبل المنطقة من خلال الترهيب والعنف والإرهاب ــ وأنا هنا أتحدث ليس فقط عن إيران وحزب الله، بل وأيضاً عن حماس وآخرين، الذين يصوّرون أنفسهم كذباً على أنهم “مقاومة” نبيلة والذين ومن المؤكّد أنهم لا يمثلون تطلّعات – أو قيم – الشعب الفلسطيني، في حين أنهم يحاولون حرمان لبنان وشعبه من مستقبلهم المشرق.
شعار مشاة البحرية الأميركية هو “الإخلاص دائمًا”. واليوم، بعد مرور 40 عامًا على تفجير مقر مشاة البحرية، نحن مخلصون إلى الأبد لذكرى هؤلاء الجنود البالغ عددهم 241 جنديًا وجميع هؤلاء، أميركيين ولبنانيين وغيرهم، ضحوا بحياتهم لدعم السلام.
كما أننا مخلصون إلى الأبد لقيمنا ومبادئنا، وهي نفس القيم والمبادئ التي أتت بقوات مشاة البحرية الأميركية إلى هنا في الثمانينيات، والتي أعرف أننا كأميركيين ولبنانيين نتقاسمها اليوم. أولئك منا الذين يخدمون هنا اليوم يواصلون العمل يوميّا لتعزيز تلك القيم ولنكون قوّة إيجابيّة من أجل السلام والاستقرار والوحدة الوطنيّة في لبنان – واليوم، خصوصاً، نفعل ذلك تخليدًا لذكرى أولئك الذين دفعوا الثمن الباهظ”.