وُلد حسن نصرالله في أغسطس 1960 في أحد الأحياء الفقيرة شرق بيروت، كان والده يملك محل بقالة صغيرا، وكان نصرالله هو الإبن الأكبر بين 9 أبناء.
عند انلاع الحرب الأهلية اللبنانية كان عمره 15 عاما؛ في بداية الحرب، قرر والد حسن نصرالله مغادرة بيروت والعودة إلى قريته الأصلية في جنوب لبنان “البازورية”، وهناك تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي.
وانضم نصر الله في سن الـ 15 إلى حركة “أمل”، وورغم أن نصرالله درس في النجف بالعراق لمدة عامين فقط ثم اضطر إلى مغادرتها، إلا أن وجوده في النجف كان له تأثير عميق على حياته، حيث التقى في النجف برجل دين آخر يُدعى عباس الموسوي والذي كان يكبر حسن نصر الله بـ8 سنوات، وسرعان ما أصبح مدرسًا صارمًا ومرشدًا مؤثرًا في حياة نصرالله، وبعد عودتهما إلى لبنان، انضم الإثنان إلى القتال في الحرب الأهلية.
كان الموسوي يُعتبر أحد طلاب موسى الصدر في لبنان، وتأثر بقوة بالأفكار السياسية لروح الله الخميني الذي سيصبح المرشد الاعلي للثورة الإيرانية فيما بعد.
دور الثورة الإيرانية في صعود نصر الله
بعد عام من عودة حسن نصرالله إلى لبنان، وقعت ثورة في إيران، وصل روح الله الخميني الذي كان يحظى بإعجاب رجال الدين مثل عباس الموسوي وحسن نصرالله، إلى السلطة، وغيّر هذا الحدث بشكل عميق العلاقة بين شيعة لبنان وإيران، بالنسبة لحسن نصرالله، كان هذا التحول العميق ناتجًا إلى حد كبير عن حكم أصدره روح الله الخميني، ففي عام 1981، التقى نصرالله بقائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طهران، ليعينه الخميني ممثلًا له في لبنان “لرعاية شؤون الحسبة وجمع الأموال الإسلامية”.
وأقام نصر الله، علاقات مع أعلى مستويات صنع القرار والسلطة داخل الحكومة الإيرانية، حيث كان الشعور المعادي للغرب ركيزة أساسية في لما روّج لها الخميني، وأصبحت القضية الفلسطينية واحدة من أهم الأولويات في السياسة الخارجية لإيران بعد الثورة.
وخلال هذه الفترة، كان لبنان الذي كان بالفعل محاصرًا بالحرب الأهلية والاضطرابات، أصبح قاعدة رئيسية للمقاتلين الفلسطينيين، حيث كان لهم وجود قوي في جنوب لبنان، بالإضافة إلى بيروت.
ونتيجة لذلك، هاجمت إسرائيل البلاد في يونيو 1982، واحتلت أجزاء كبيرة منها للقضاء على المقاومة الفلسطينية التي كان يقودها ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني الراحل.
تأسيس حزب الله
في عام 1985، أعلن حزب الله رسميًا عن تأسيسه، انضم حسن نصرالله وعباس الموسوي، مع بعض الأعضاء الآخرين في حركة أمل، إلى هذه المجموعة التي تم إنشاؤها حديثا.
عندما انضم نصرالله إلى حزب الله، كان عمره 22 عامًا فقط وبمعايير رجال الدين الشيعة، كان يُعتبر مبتدئًا.
وكان يقودها شخصية أخرى تُدعى صبحي الطفيلي، وسرعان ما تركت بصمتها من خلال تنفيذ أعمال مسلحة ضد القوات الأمريكية في لبنان.
في منتصف الثمانينيات، ومع تعمق علاقة نصرالله مع إيران، قرر الانتقال إلى مدينة قم لمواصلة دراسته الدينية، وخلال فترة وجوده في الحوزة العلمية في قم، أصبح نصرالله متمكنًا من اللغة الفارسية وأقام علاقات صداقة وثيقة مع العديد من النخب السياسية والعسكرية في إيران.
عندما عاد إلى لبنان، نشأ خلاف كبير بينه وبين عباس الموسوى، في ذلك الوقت، كان الموسوي يدعم زيادة النشاط السوري والنفوذ في لبنان تحت قيادة حافظ الأسد، في حين أصر نصرالله على أن يركز الحزب على الهجمات ضد الجنود الأمريكيين والإسرائيليين.
وجد نصرالله نفسه في الأقلية داخل حزب الله، وبعد ذلك بوقت قصير، تم تعيينه “ممثلاً لحزب الله في إيران”، أعادته هذه الوظيفة إلى إيران وأبعدته في الوقت نفسه عن الساحة اللبنانية.
تصاعد التوتر بين الحزب وإيران، إلى درجة أنه في عام 1991 تم عزل صبحي الطفيلي من منصب الأمين العام لحزب الله بسبب معارضته لارتباط الحزب بإيران، وتم تعيين عباس الموسوي بدلاً منه.
بعد عزل الطفيلي، عاد حسن نصرالله إلى بلاده، بعدما بدت مواقفه حول دور سوريا في لبنان قد تعدلت، وأصبح فعلياً الرجل الثاني في حزب الله.
توليه قيادة حزب الله
اغتيل عباس الموسوي على يد عملاء إسرائيليين (الموساد) بعد أقل من عام من انتخابه أميناً عاماً لحزب الله، وفي العام نفسه 1992، انتقلت قيادة الحزب إلى حسن نصرالله في ذلك الوقت والذي كان يبلغ وقتها 32 عاما.
وفي الوقت نفسه، كانت إحدى المبادرات المهمة لحسن نصرالله في ذلك الوقت ترشيح بعض المنتسبين وأعضاء حزب الله في الانتخابات اللبنانية، إذ كان قد مر عام على الوساطة السعودية في الحرب الأهلية اللبنانية ونهايتها في «اتفاق الطائف» والذي بموجبه تم انهاء الحرب الأهلية اللبنانية.
قرر نصرالله جعل الجناح السياسي لحزب الله فاعلاً جدياً في البلاد إلى جانب الفرع العسكري، ونتيجة لهذا، تمكن حزب الله من الفوز بـ8 مقاعد في البرلمان اللبناني.
في ذلك الوقت، كانت إسرائيل احتلت جنوب لبنان، وبصفته حزب الله يقاتل ضد القوات المحتلة سُمِح له بالاحتفاظ بأسلحته.
انسحاب إسرائيل وطغيان شعبية نصرالله
في عام 2000، انسحبت إسرائيل بالكامل من لبنان، منهية احتلالها للمناطق الجنوبية من البلاد، ليحتفل حزب الله بهذا الحدث باعتباره انتصاراً كبيراً، ونُسب الفضل في هذا الانتصار إلى حسن نصرالله.
كانت هذه هي المرة الأولى التي تنسحب فيها إسرائيل بشكل أحادي من أراضي دولة عربية دون اتفاق سلام، واعتبر العديد من المواطنين العرب في المنطقة ذلك إنجازاً مهماً.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت مسألة السلاح واحدة من القضايا المهمة المتعلقة باستقرار وأمن لبنان، وبعد انسحاب إسرائيل من لبنان بدأت قوى سياسية لبنانية وأجنبية تطالب بنزع سلاح حزب الله، فيما تمسّك الحزب بسلاحه.
وتوصل نصرالله إلى اتفاق لتبادل الأسرى خلال مفاوضات مع إسرائيل، مما أدى إلى الإفراج عن أكثر من 400 أسير فلسطيني ولبناني ومواطنين من دول عربية أخرى.
في ذلك الوقت، بدا نصرالله أكثر قوة ونفوذاً من أي وقت مضى، وواجه خصومه في السياسة اللبنانية تحدياً جدياً في مواجهته ومنع توسع نفوذه وقوته.
عودة شعبية «نصر الله» في حرب 2006
وفي عام 2006 نفذ مقاتلو حزب الله عملية على الحدود الجنوبية للبنان، أسفرت عن مقتل جندي واحد وأسر جنديين، لترد إسرائيل بهجوم شرس استمر 33 يوماً، قُتل خلاله نحو 1.200 لبناني، حيث أسفرت هذه الحرب في زيادة في شعبية نصرالله.
زيادة نفوذ مكانة نصرالله
في عام 2008، وبعد أشهر من الصراع السياسي، قررت الحكومة اللبنانية تفكيك نظام الاتصالات الذي كان تحت سيطرة «حزب الله» ووضع شؤون الاتصالات بالكامل تحت سيطرة الحكومة، في المقابل رفض نصرالله هذا القرار، وفي وقت قصير، سيطرت حزب الله بشكل كامل على بيروت.
قوبل هذا التحرك من قبل نصرالله بانتقادات واسعة من الدول الغربية، ومع ذلك، وبعد المفاوضات السياسية، تمكن من زيادة قوة حزب الله في مجلس الوزراء اللبناني، وتراجع تمثيله في المجلس النيابي بعد الانتخابات الأخيرة عام 2022، وبعد اندلاع العدوان الإسرائيلي، في 7 أكتوبر الماضي، أعلن الحزب في اليوم الذي تلاه، مساندته لقطاع غزة ومقاومتها، ليشن مئات عشرات العمليات العسكرية ضد مواقع الاحتلال الإسرائيلي، لاسيما في الشمال.