في احدث مواقفه حول مذكرة التوقيف الدولية في حق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي “أن مفاعيل المذكرة الصادرة عن القضاء الفرنسي لا تُنفّذ في لبنان حيث لا يمكن تنفيذ مذكرة دولية بتوقيف شخص لبناني بحقه مذكرة دولية وتسليمه إلى فرنسا وفي المقابل نتبلغ بأنّ هناك شخصاً لبنانياً عليه شبهات، ويجب ان نتحرك من خلال مساءلة حاكم مصرف لبنان وتحريك دعوى ضده في لبنان لأنّ عدم تنفيذ المذكرة الدولية لا يعني الإفلات من العقاب”.
كلام ماضي يكفي ويزيد لمعرفة الوجهة التي ستسلكها السلطة اللبنانية للتعاطي مع االمذكرة، في ظل صمت سياسي مطبق ، لا بد ستخرقه اليوم اجتماعات السراي التي ستضع ملف سلامة والبطاقة الحمراء في حقه على مشرحة النقاش، الا ان السؤال الاساس يتمحور حول مصير سلامة وما اذا كان من امكانية لنقض المذكرة الفرنسية ، وقد قال “الحاكم” في اول تعليق اثر صدورها ” أن القرار يخرق أبسط القوانين لكونه لم يراع المهل القانونية المنصوص عنها في القانون الفرنسي، مؤكداً أنه سيطعن به. واكد لاحقا في سلسلة مواقف ان “تحقيقات صندوق النقد اظهرت الا تزوير في ميزانيات مصرف لبنان وان الضجة القائمة حول التحقيقات الفرنسية لا اساس لها”. كلام تقاطع مع مضمون تغريدة كتبها رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب على حسابه عبر “تويتر” وفيها “زعبره بزعبره موضوع رياض سلامه وتذكروني…يجب وضع حد للقضاء الفرنسي وإلا سمعو مني سيمتد التدخل لأماكن أخرى وملفات أخرى”.وتابع “رياض سلامه لا تتنحى بل واجه ولا تخف وإفضحهم جميعاً”.
يقول خبير قانوني مالي لـ”المركزية” ان الجهة الوحيدة التي تملك حق الغاء مفعول البطاقة الحمراء، هي الدولة التي طالبت الانتربول باصدارها، بيد ان ثمة احتمالات اخرى واردة من بينها العودة الى محكمة الانتربول الداخلية، عبر تقديم الشخص الصادرة في حقه البطاقة الحمراء طعنا بقرارالمحكمة الفرنسية، مثبتاً ان خلف صدورها اهدافا سياسية. ويردف: اما في لبنان فلا مفعول لنتائج البطاقة، الا انها توجب على السلطات القضائية المحلية استدعاء الحاكم وتبليغه، في موازاة ابلاغ فرنسا ان رياض سلامه موجود في لبنان. آنذاك يطلب المدعي العام اللبناني الملف من فرنسا ويطلع على ما فيه. فاذا تبين ان الجرم المنسوب للحاكم في فرنسا غير معاقب عليه في القانون اللبناني يحفظ الاوراق. اما العكس فيوجب الادعاء اللبناني على الحاكم. ذلك ان لا ارتباط بين المسارين الغربي واللبناني قانونيا، ولكل دولة قانونها الجزائي.فالقانون اللبناني ليس كالفرنسي في الجزاء، لذلك سيدرس القضاء الفرنسي الملف وفق القانون الفرنسي. ويشير الى ان قرار المحكمة الفرنسية قابل بدوره للطعن وثمة اكثر من مسلك في القانون الفرنسي لتعطيل قرار قاضي التحقيق، قد يلجأ اليه محامو رياض سلامه في باريس.
عن مفاعيل المذكرة على المستوى الخارجي يقول: عندما توجه تهمة من قبل دولة غربية حول امر يتعلق بالسلطة النقدية، قد تضطرالمؤسسات المالية الدولية الى وقف التعامل مع لبنان من قبيل الحيطة والحذر بانتظار جلاء الصورة،علما ان حسب الاجراءات الفرنسية “الحاكم سلامة ليس مدعى عليه”، فالاجراء المتخذ هو تدبير وفق القانون الفرنسي لان سلامه لم يمثل امام المحكمة، وقد بدات تتردد في الاروقة المصرفية معلومات عن احتمال وقف مصارف مراسلة التعامل مع مصارف لبنان.
ولا تقف ارتدادات الاجراء الفرنسي عند حدود القانون، بل تمتد الى السياسة، يختم الخبير القانوني المالي “اذ ان المدعى عليه هو رئيس السلطة النقدية. واستهدافه من منظار الرأي العام يعني تحميله مسؤولية انهيار النظام المالي وتبخّر ودائع اللبنانيين لابعاد المسؤولية عن المسؤولين السياسيين، ممن استغلوا مواقعهم للانفاق من الاحتياطي بلا موازنة لسنوات طوال خلافا لقانون النقد والتسليف… لكن الامور لن تقف عند هذا الحدّ وحينما تحين اللحظة لا بدّ ستتدحرج تباعا رؤوس كبيرة.