رئيس الحكومة نجيب ميقاتي
صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بيان لفت فيه إلى أنّه “في خضم العدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان، انطلقت حملة سياسية وإعلامية على الحكومة وعلى دولة الرئيس شخصيًا قبل أيام قليلة، على خلفية الموقف الذي أعلنه في مجلس الوزراء. وتراوحت الاتهامات كالعادة بين تجيير الخيار الاستراتيجي للدولة لأطراف داخلية وخارجية، أو الحديث عن انقلاب على اتفاق الطائف أو رهن لبنان لمحاور خارجية، وما شابه ذلك من اتهامات أيضًا.
وقد تجاهل مطلقو هذه الحملة مسألة أساسية وهي أنّ الموقف المعلن لدولة الرئيس كان أبلغه لجميع المعنيين في خلال الاتصالات واللقاءات الديبلوماسية والسياسية التي أجراها منذ اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي، وطالب الدول الفاعلة والمؤثرة بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة والتوصل إلى وقف إطلاق النار، ومن ثم العودة إلى البحث في الحل السياسي الذي تقوم ركيزته الأولى على حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وهو موقف ومطلب عربي موحّد.
كما حذر دولته من انعكاسات الانتهاكات والتعديات الإسرائيلية على لبنان. ولمن خانته الذاكرة نذكّر أنه جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في 12 تشرين الأول، قال دولته في كلمة متلفزة “إنّ التعدي المتكرر والمتمادي على المقدسات الإسلامية والمسيحية أجج المشاعر ليس لدى الفلسطينيين فقط، بل لدى كل مؤمن بالأديان السماوية. فنحن جميعًا معنيون بما يجري هناك وطنيًا وعاطفيًا وإنسانيًا، ولا يمكن أن نكون إلا إلى جانب الحق والعدالة”.
وفي لقائه مع وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا في السادس عشر من تشرين الأول، أكد دولته “أن وقف إطلاق النار في غزة يساهم في إبقاء لبنان في منأى عن التوترات في المنطقة”.
وفي الثلاثين من شهر تشرين الأول، أكد دولته أيضًا أنه لا يمكن إلغاء أي تصعيد قد يحصل في لبنان، في ظل السباق بين وقف إطلاق النار في غزة والتصعيد في كل المنطقة”.
كما عبّر عن خشيته من “فوضى أمنية ليس في لبنان فقط، بل أخشى من تمددها إلى كل المنطقة في حال عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وخير برهان على أهمية الحلول البعيدة عن القتال، تجربة الهدنة الإنسانية الشاملة التي حصلت، حيث ابتعد الجميع عن القتال”.
وفي “القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية” في الرياض بالمملكة العربية السعودية بتاريخ الحادي عشر من تشرين الثاني، طالب مجددًا بوقف إطلاق النار، محذرًا من تمدد الحرب التدميرية في غزة إلى جنوب لبنان، ومنه إلى المنطقة”.
وفي الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأسبوع الفائت، أكد دولته للوزراء أهمية وقف إطلاق النار المعارك للانطلاق إلى البحث في حل مستدام ومنصف بالطرق الديبلوماسية بعيدًا عن المعارك”. كما نادى بالتأكيد على الحل السلمي وحماية لبنان، ودعم أي مبادرة ديبلوماسية خاصة وأن لبنان يحترم كل القرارات الدولية من اتفاق الهدنة عام 1949 وصولًا إلى القرار 1701.
يستدل مما سبق، أن ما قاله دولته يندرج في سياق موقف متكامل واضح المقصد والرؤية، وأي اجتزاء أو تشويه لهذا الموقف لا يلغي الحقيقة الثابتة بأن مدخل الحل لكل أزمات المنطقة، هو في إرساء الحل العادل للقضية الفلسطينية. وما نشهده من توترات متنقلة بين الأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان والبحر الأحمر وغيرها من الأماكن، يؤكد صوابية ما حذر منه دولته على الدوام ومطالبته بشمولية الحل لكل الأزمات.
إنّ دولة الرئيس، إذ يستغرب الحملات المتجددة عليه وعلى الحكومة، يطالب الأطراف المعنية بهذه الحملة بتقديم حلول عملية لما يحصل بدل الاكتفاء بالانتقاد، والرهان على متغيرات ما، أو رهانات خاطئة.
إن دولة الرئيس يدعو جميع القيادات اللبنانية إلى التضامن في هذه المرحلة الدقيقة والابتعاد عن الانقسامات والخلافات المزمنة التي لا طائل منها. كما يدعو من ينتقدون عمل الحكومة وسعيها الدؤوب لتسيير أمور الدولة والمواطنين، رغم الظروف الصعبة، إلى القيام بواجبهم الأساسي في انتخاب رئيس جديد للبلاد، ليكون انتخابه مدخلًا حقيقيًا إلى المعالجات الجذرية المطلوبة. وما عدا ذلك لا يعدو كونه حملات سياسية مكررة وممجوجة لن تغيّر في الواقع العملاني شيئًا.
ختامًا يعتبر دولته أن المزايدات المجانية في هذا الموضوع لا طائل منها، ودولته ليس في حاجة إلى شهادة حسن سلوك من أحد، فهو، من منطلق معرفته الدقيقة بالواقعين الداخلي والخارجي، يدعو على الدوام إلى التفاهم والخيارات السلمية وانتهاج الوسطية قولًا وفعلًا. وأثبتت كل التجارب الماضية صوابية موقفه الداعي إلى عدم رفع سقوف المواقف وانتهاج الحلول المنطقية والواقعية بعيدًا عن المزايدات”.