يخوض لبنان الرسمي أول اختبار دقيق له على المستوى الخارجي تحت مظلة العهد الجديد، في ظل الانقسام السياسي الحاد حول العديد من القضايا التي تحلّ عناوين عريضة في القمة العربية المنعقدة في منطقة البحر الميت الأردنية، كالملف السوري، ودور إيران وحزب الله في الصراع في سوريا ودول عربية أخرى.
وتعبّر أوساط رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري؛ عن تفاؤل تجاه وحدة الموقف اللبناني في القمة، على قاعدة التوافق والنأي بلبنان عن القضايا الخلافية الحساسة. وفي الوقت عينه، يتوقع مراقبون أن يكون الموقف اللبناني خجولا في ظل طغيان التباينات على المواقف المنسجمة بظاهرها، والتي تخفي بين سطورها خلافات عميقة ومتجذرة.
ماذا في خطاب عون؟
وفي هذا السياق، قال النائب في التيار الوطني الحر، سليم سلهب: “نحن مسرورون لوحدة القرار اللبناني والحضور المشترك في القمة العربية في ظل التوافق على السياسات بين رئيسي الجمهورية والحكومة”.
وتوقع في تصريحات خاصة لـ”عربي21″؛ أن يعطي “خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون خلال القمة منحى عروبيا يعكس الصورة السياسية اللبنانية”، مشيرا إلى أن الموقف اللبناني أمام القادة العرب “لن يخرج عن دائرة الصراحة والوضوح، وسيحمل مؤشرات إيجابية وتطمينات للدول العربية حول دور لبنان، والهواجس على مختلف المستويات”، كما قال.
وعن التباينات بين الفريق اللبناني الواحد المتواجد في القمة بشأن عناوين القمة، قال سهلب: “لدينا أزمات عميقة عربية، وعليه فإن الدخول إليها أمر محفوف بالمخاطر، والخروج منها صعب للغاية، وبالتالي على اللبنانيين أن يحيّدوا أنفسهم عن الملفات الخلافية، ويتوحدوا تجاه القضايا ذات الهدف والاهتمام المشترك، بما سيخدم ويدعم لبنان بشكل مباشر”.
وأشار إلى “توافق سابق بين عون والحريري حول تنحية الملفات الخلافية والعمل على نقاط التوافق؛ كمنطلق لمعالجة الأوضاع الداخلية، وتكوين مؤسسات الدولة على قاعدة الابتعاد عن الخلافات المحيطة في العالم العربي”، مقللا من أهمية الحديث عن وجود خلافات بين الفريق السياسي اللبناني الرسمي. وقال: “الموقف والطرح اللبناني سيكون موحدا”.
مرونة أمام العقد
بدوره، شدد النائب عن كتلة المستقبل، غازي يوسف، على ضرورة الظهور اللبناني في القمة بإطار موحد، قائلا: “الموقف اللبناني لن يكون مفاجئا في ظل التوافق الحاصل على المستوى الرسمي اللبناني”، مؤكدا في تصريحات خاصة لـ”عربي21” بأن الطرح اللبناني “لن يكون مستفزا للقادة العرب، وسيحافظ على الواقعية ومنطق التوازن”، على حد تعبيره.
وعن طرح القمة العربية لملفات حساسة كالملف الإيراني وتصنيف حزب الله بالإرهاب، توقع يوسف: “أن يتم التعامل مع هذه القضايا بمرونة وشفافية، ومن دون إحداث أية مشاكل قد تولّد تداعيات أو انعكاسات سلبية”.
ورأى يوسف أن “الحضور اللبناني سيكون طبيعيا بخلاف ما يتوقعه البعض”، مؤكدا أن “هناك مطالب محقة للبنان، تتمثل بدعم قضية اللاجئين السوريين على أراضيه”، وقال إن الدعم “لا يكون فقط السلاح، بل بتعزيز الوضع الاقتصادي، ما يعزز خدمات الدولة المقدمة إلى اللبنانيين واللاجئين السوريين المتواجدين على أرضه”، كما قال.
تشتت وتناقض لبناني
أما المحلل والكاتب السياسي، عماد شمعون، فرأى أن الحضور اللبناني سيكون مشتتا، وقال: “الموقف اللبناني سيكون مربكا في القمة العربية، لسبب أساسي يكمن في ازدواجية المواقف اللبنانية وتناقضها تجاه الملفات والقضايا العربية”، مضيفا: “الرئيس عون عبر خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية عن موقف يناقض ما عبّر عنه صهره وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، حيث أكد الأخير على أهمية المقاومة التي يمثلها حزب الله كخيار لبناني للدفاع عن لبنان في ظل عجز الجيش عن تحقيق ذلك”.
واستغرب شمعون حصول ما أسماه التناقض ضمن الفريق الواحد، قائلا: “مواقف رئيس الجمهورية اتجهت هي أيضا في الفترة الأخيرة نحو حزب الله، وذلك عندما شدد الرئيس عون على أهمية دور الحزب في الذود عن لبنان وحمايته”، لافتا إلى أن هذه المواقف “أثارت حفيظة القيادة السعودية وشكلت إرباكا سياسيا للبنان، ودفعت بالعلاقات اللبنانية- العربية إلى الوراء بعد التقدم الذي حصل مع بداية العهد”.
وحول موقف الحريري المخالف لموقف عون، قال شمعون: “هذا يدلّل على أنّ للبنان سياستين في الخارج، الأولى يمثلها رئيس الجمهورية، والثانية رئيس الحكومة”، معتبرا أن الانعكاسات سترتد إلى الداخل اللبناني غير المتماسك وسط حالة الانقسام السياسي الحاد الذي يشهده لبنان”، وفق تقديره.
وحول المواقف الإيجابية الصادرة من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، قال شمعون: “النوايا صادقة وإيجابية من الطرفين تجاه تحسين وتطوير العلاقات مع المحيط العربي، لكن الملفات الثقيلة تعقد الخلافات في مقدمها دور حزب الله في سوريا وسلاحه في الداخل”.
وعن موقف حزب الله، قال: “ما يهمّ حزب الله هو استمرار دعمه بالمواقف من قبل رئيس الجمهورية، وتشكيل غطاء ضامن يحتاجه لإظهاره كجزء أساسي في المشهد اللبناني”.