السبت 11 شوال 1445 ﻫ - 20 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الثورة “تكوي” بزّتها والحكومة أسيرة المصارف

لا أفق، ولا نهاية للأنفاق المظلمة التي يسير بها لبنان، وحده المجهول يومض من بعيد، ويلوّح عبر حكومة أراد مؤلفوها ان تكون على قياس محسوبياتهم لا على قياس الازمات التي تعصف بالبلاد، وهذا ما بدا من خلال البيان الوزاري الانشائي، الذي لم يعط أهمية للأوضاع الراهنة.

 

الأعباء الاقتصادية تتفاقم، والمصارف تضيق الخناق على المودعين وباتت تتحكم بالحكومة، والاقتصاد يدفع الثمن والمحال التجارية تقفل أبوابها والمواطنون بلا أموال يتسولون اتعابهم من المصارف.

وشغلت قضية تسديد لبنان سنداته السيادية الأجنبية “يوروبوند” والتي تبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار (1.2 مليار تستحق في 6 آذار، و600 مليون دولار في نيسان و700 مليون دولار في حزيران)، اهتمام المسؤولين والمواطنين على حد سواء في كيفية التعاطي مع هذا الاستحقاق، وانعكاسات الخيارات المختلفة على الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي المختنق.

وفي السياق، أكد الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور لويس حبيقة لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “من الخطر جداً على سمعة لبنان وكل اللبنانيين عدم الوفاء بديوننا، بغض النظر عمن هو في السلطة أو خارجها، لأنه بذلك لبنان بأكمله سيكون متخلفاً عن القيام بواجباته، وسينعكس ذلك على المجتمع اللبناني ككل”، معرباً عن أسفه لأن “من يطالبون بالامتناع عن دفع التزاماتنا، لا يتحلّون بروح المسؤولية”.

ويقول إن “وفاء لبنان بالتزاماته يتيح له فرصاً إيجابية للاستدانة في المستقبل”، مشدداً على أن “من أصعب الأمور التي لا يمكن إعادة تصحيحها هي السمعة، فمتى فُقدت أو مُسَّت لا بعود بالإمكان تلميعها”. ويضيف، “نحن كبلد بحاجة للاستدانة في السنوات المقبلة، وحتى لو أتينا بقديسين ليحكمونا اليوم، لا يمكن إلا أن نستدين، فالعجز في الموازنة باق لسنوات طويلة. وبالتالي إن تخلفنا عن تسدين ديوننا اليوم وفقدنا سمعتنا لن يقرضنا أحد في المستقبل، ونكون كمن يطعن نفسه بسكين في ظهره، “.

توازياً، قالت مصادر نيابية لـ”النهار” إن مجلس النواب آثر عدم اصدار القيود على التحويلات بقانون قد يعرض سمعة لبنان الخارجية للضرر، على الرغم من إلحاح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على الامر لتجنب تعريض المصارف للملاحقات القضائية، وفضل المجلس اعطاء صلاحيات استثنائية لمصرف لبنان لاتخاذ تلك الاجراءات بقرارات وليس بقانون ما يعطيها الطابع الموقت.

وبالنسبة للمصارف، تتصرف وكأنها الآمر الناهي المتحكم بأعناق البلاد والعباد، اذ اعتبرت مصادر شبه رسمية لـ”اللواء”، ان إجراءات المصارف هي أشبه بحصار لحكومة الرئيس حسان دياب، قبل ان تنال الثقة، وهي تجهد لاتخاذ قرار بشأن سندات دولية قيمتها 1.2 مليار دولار تستحق في الثلث الأوّل من آذار المقبل، لكن مصادر سياسية ومصرفية قالت انها تميل لسداد مستحقات حامليها من الأجانب ومقايضة المستثمرين المحليين.

في سياق متصل بالاموال المهربة إلى خارج لبنان، كشف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات لـ”الشرق الأوسط”، عن أن كتاب لجنة المصارف “افاد بوضوح بتحويل مليارين و276 مليون دولار من حسابات أشخاص من مصارف لبنانية إلى عدد من البنوك السويسرية، لكنه (الكتاب) لفت إلى أن نحو 60 في المائة من هذه المبالغ عبارة عن عقود ائتمانية”.

وأثارت المعلومات التي كشف عنها قبل نحو شهر الخبير المالي والاقتصادي مروان إسكندر، بلبلة في الأوساط الشعبية وفي قطاع المصارف، اذ نقل عن مسؤولة سويسرية أن 9 سياسيين لبنانيين، حوّلوا إلى حساباتهم في سويسرا نحو 3 مليارات دولار، وهو ما استدعى فتح تحقيق قضائي، وتحركاً من مصرف لبنان للوقوف على حقيقة المعلومات، وكشف هوية أصحاب الأموال.

وبالعودة إلى أنين المواطنين وأصحاب الاستثمارات في لبنان، هذه المرّة جاء دور “السينما”، إذ قال أحد مدراء شركة Cinemall، لموقعنا، هناك 144 صالة في لبنان، بدأت تقفل تباعا، وغالبيتهم بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي بدأ تحديداً منذ عامين، “الحركة بحسب الايام والاحداث، لكنها تصبح ناشطة غالباً في الويك اند، وبحسب نوعية الفيلم. مثلا منذ نحو الشهر شهدنا على زحمة كبيرة لفيلم Frozen 2، الذي حضره كبار وصغار، وايضاً فيلم “جوكر” الذي فاز بجائزة غولدن غلوب”، وفقاً للمدير ذاته.

ويقول أحد موظفي شركة Grand cinema، “صراحة الأكثر تضرراً من كل الأماكن هي الصالات في وسط بيروت، التي كانت تشكل 20 بالمئة من دور السينما في لبنان، معاناة وسط بيروت مستمرة منذ أكثر من سنتين بسبب الركود، وقد ارتفعت هذه النسبة مع اندلاع الثورة بطبيعة الحال، مع ان الوضع في نهاية الأسبوع أفضل من الايام الأخرى”.

وسط التخبط الحاصل حكومياً على كافة الأصعدة، وحدها الثورة تبقى الأمل الوحيد لحياة اللبنانيين المقاومين على جبهة العيش بكرامة. وفي هذا السياق، يجمع قادة الانتفاضة لـ”اللواء” على ان هناك ركوداً نسبياً في وجه السلطة، لكنها مرحلة إعادة تموضع، قد توصف “بالهدوء ما قبل العاصفة”، قبل إطلاق الشرارة الكبيرة، التي يقول الحراكيون انها ستنفجر مع جلسة الثقة بالحكومة. وبدأ البحث جديا بين قادة الحراك في تشكيل مجلس قيادة للثوار يتكوّن من مجالس تنسيقية للمناطق. ومن ضمن الإقتراحات غير المبتوت بها أن يتكون مجلس الثوار من العدد نفسه لنواب المجلس النيابي في رمزية ذات دلالات.

وإذا كانت معاناة اللبنانيين بعيدة عن اذهان أهل السلطة الغائبين عن السمع، تبدو الآذان الدولية العربية والغربية أكثر سمعاً ومراقبة للوضع اللبناني، إذ نقل مصدر دبلوماسي لـ”نداء الوطن” أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الاسوط ديفيد شنكر سيصل بيروت في النصف الثاني من شباط الجاري، مشدداً على أنّ “رسالة الادارة الاميركية تتمحور حول التأكيد على أنها ستحكم على أفعال الحكومة الجديدة وليس على أقوالها، بحيث تتريث قبل أن تقرر هل ستمدّ يد العون لها بانتظار أن ترى خطتها الاقتصادية للنهوض وتحقيق الإصلاحات المطلوبة، لا سيما في المجال المالي والتهرّب الضريبي”.

بدورها، العواصم العربية تراقب بصمت، اذ أكدت مصادر دبلوماسية لـ”الجمهورية” انّ الدول العربية، ولا سيما منها بعض الدول الخليجية، تنتظر ما ستلتزمه الحكومة في بيانها الوزاري من إصلاحات ومواقف على كل المستويات، حتى تبني على الشيء مقتضاه في شأن التعاطي مستقبلاً مع لبنان. علماً أنّ بعض المؤشرات تدلّ حتى الآن الى عدم ارتياح بعض العواصم الخليجية الى التشكيلة الوزارية للحكومة وتعتبرها “حكومة اللون الواحد”، لا بل بعض العواصم العربية اعتبرت ان الحكومة هي حكومة حزب الله وحلفائه.