الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بذباب الحزب الإلكتروني.. هكذا حاول أتباع "نصر الله" تبييض صفحته قبيل ساعات من خطابه الجمعة

كما هي عادة مليشيا السلاح، فرغم كل الدمار والأسى الذي يلف بيروت جراء كارثر المرفأ، احتفل مناصروا حزب الله بظهور زعيمهم حسن نصر الله في إطلالته يوم الجمعة بكثير من الرصاص على أنقاض وركام العاصمة.

 

وما إن ظهر نصرالله يتكلّم، حتى اجتاح استياء عارم الأوساط اللبنانية كشفت عنه وسائل التواصل الاجتماعي، فالعاصمة مكلومة ثكلى لا تقوى على “رصاصات الفرح والتهليل”، كما عبّر البعض.

في المقابل أدار حزب الله حملة على تويتر لدعم كلمة زعيمه أمس.

فعندما كان نصرالله يستعد لإلقاء كلمته مساء الجمعة عن انفجار مرفأ بيروت، كان الجيش الالكتروني للحزب ينفذ عملية استطلاع على تويتر تمهد للكلمة وتختبر رد الفعل.

وخلال ظهوره على شاشات القنوات الإخبارية كان الجيش الإلكتروني يشن عمليته الأساسية، حيث أمطر تويتر بوابل مكثف من التغريدات تدعم نصرالله وكلمته، أما فور انتهاء الخطاب فلم ينسحب الجيش الإلكتروني تكتيكيا وإنما استمر في الاشتباك.

تفاصيل 19 ساعة قبل الخطاب

وبدأ أنصار حزب الله الخميس بالترويج للخطاب عن طريق حملة إلكترونية، استخدمت الحملة هاشتاغ على تويتر #من_الضاحية_هنا_بيروت ، وقبل 19 ساعة من موعد كلمة نصرالله احتل الهاشتاغ المركز الثالث في قائمة “التريند” عند تويتر في لبنان.

فيما كان هدف الهاشتاغ التمهيد واستطلاع رد الفعل، وعندما لم تجد الحملة معارضة تذكر أو هاشتاغ آخر ينتقد حزب الله أو زعيمه، وجد الجيش الإلكتروني أنه لا طائل من الاستثمار فيه خصوصا مع حلول مساء الخميس، فتراجع خلال ساعتين إلى المركز الخامس، وقبل 14 ساعة من الكلمة تلاشى الهاشتاغ من القائمة.

 

لا حسابات موثقة

وقد كان أداء الحملة ضعيفاً، فحتى مساء الجمعة قبيل إذاعة خطاب نصر الله لم يكن هناك حساب موثق واحد شارك في نشر الهاشتاغ، فقد أظهر البحث عبر برنامج Tweetdeck الفارق عندما بين الحسابات الموثقة التي كان وجودها صفراً، أما الحسابات العادية فلها كثير من التغريدات.

بيد أن غياب الحسابات الموثقة عن التغريد يضفي شكوكا حول مصداقية تلك الحملة، ويتطلب مزيدا من البحث حول تاريخ الحسابات المشاركة، فلاحظت أن كثيرا من تلك الحسابات تشترك في بعض الممارسات، فهي لا تنشر صور مستخدميها، وتتابع عددا كبيرا من الحسابات يتجاوز بكثير عدد جمهورها، وهذا التصرف دائما يلجأ إليه الحساب الذي يهدف إلى الاستفادة من رد المتابعة فيزداد عدد متابعيه وترتفع مصداقيته بصرف النظر عن نشاط الحساب أو قيمة تغريداته، كما أن كثيراً من الحسابات المشاركة في الحملة تسخدم أسماء طويلة تخلط بين الأرقام والحروف ولا تقدم أسماء حقيقية، وهو أسلوب الحسابات الوهمية.

استخدمت تلك الحملة اثنين من الأساليب المعروفة لعمليات البروباغندا، الأول هو التركيز على جزء من الصورة، فهي تقدم حزب الله بصفته مقدما لعمليات إغاثة وبالطبع لا تأتي الحملة على ذكر الانتقادات الموجهة لحزب الله في أزمات لبنان المتلاحقة، والأسلوب الثاني هو تقديم مؤيدي حزب الله كمتضررين من الانفجار مثلهم كمثل كل اللبنانيين، وحاولت الحملة أن تنفي عن حزب الله الاتهام الذي يواجهه دائما بأنه دولة داخل الدولة اللبنانية.

الجمعة.. بروبغندا وعبارات رنّانة

أما يوم الجمعة وقبل 3 ساعات من إذاعة كلمة نصر الله فظهر هاشتاغ #الأمين_ع_الوطن واحتل المرتبة الأولى بدون مقدمات، حيث بلغت عدد التغريدات التي استخدمت ذلك الهاشتاغ 10 آلاف خلال ساعتين تقريبا، إلا أن تحليل عينة من الحسابات التي نشرت الهاشتاغ يظهر أنها تمارس نفس تصرفات حسابات الحملة الأولى، فهناك حسابات وهمية وأخرى تفتقد المصداقية وتجمع متابعيها فقط عن طريق رد المتابعة.

كما لم تشمل التغريدات معلومات أو أخبار، واختارت الحملة من أساليب البروبغندا استخدام العبارات الرنانة وأفرطت في كيل المديح لنصر الله، وقالت إن خطاب نصر الله سينشر الطمأنينة، واشتركت حسابات كثيرة في نشر نفس المواد، خصوصا التصميمات الدعائية التي تحمل صورة نصر الله بالإضافة إلى الهاشتاغ أو عبارات رنانة أخرى.

وقبل دقائق من بدء الكلمة أظهر البحث أن حسابين موثقين استخدما الهاشتاغ مرة واحدة لكل منهما، ولكن أيا منهما لم يؤيد الحملة، فإحدى التغريدتين كانت بهدف دعم الرئيس ميشال عون، والأخرى قالت إن حملتي دعم نصرالله وميشال عون تقومان على تغريدات تلقائية باستخدام وسائل تكنولوجية وليس تغريدات مستخدمين حقيقيين.

 

 

المثير أن كلمة نصرالله نفسها جاءت متكاملة مع الحملتين، وهو ما يؤكد التنسيق بين معدي الكلمة ومديري الحملتين.

كما أن كلمة نصر الله بدت متكاملة مع الحملتين، فهو أيضا ركز على اعتبار حزب الله جزءا من الدولة اللبنانية، وأن مؤيديه متضررون أيضا من الانفجار مثل كل اللبنانيين، نافياً أن تكون الشحنة المتفجرة مملوكة للحزب، محاولاً طمأنة أنصاره بأن الأزمة لن تؤثر عليهم.

وخلال إذاعة الكلمة كثفت الحملة النشر مستخدمة الهاشتاغ نفسه #الأمين_ع_الوطن ، الأمر الذي رفع عدد التغريدات التي تشمله من 15 ألفا إلى 35 ألفا خلال ساعة واحدة تخللتها الكلمة.

وبعد انتهاء الخطاب استمر أنصار نصر الله في التدوين مستخدمين الهاشتاغ نفسه، ولكن أسلوب النشر بعد الخطاب ارتكز على تكرار عبارة ذكرها نصرالله تهدف إلى القول إن حزب الله لن يتأثر وإن أعداءه لن ينجحوا في استخدام الأزمة الحالية لإدانته، بالإضافة إلى التصدي لمعارضي حزب الله على تويتر.

وبعد ساعة من انتهاء الخطاب شارك حسابان موثقان فقط في دعم الحملة باستخدام الهاشتاغ وهما يعودان إلى إعلاميين اثنين مؤيدين لحزب الله.

يشار إلى أن إدارة حملة الكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي أمر ليس مستغربا على حزب الله، فهو لا يكتفي بإدارة الحملات وإنما يصدرها أيضا إلى حلفائه، فقد كشفت صحيفة ديلي تليغراف البريطانية قبل أيام أن حزب الله يدير مركزا لإعداد الجيوش الإلكترونية لحلفاء إيران في الشرق الأوسط.

وأوضحت الصحيفة أن حزب الله يدير ذلك المركز منذ عام 2012 على أقل تقدير، وأن آلاف المتدربين حضروا تلك الدورات قادمين من دول كثيرة، وأن الدورة تستغرق 10 أيام، ويخضع المتدرب خلالها لعدة إجراءات لضمان السرية، منها أنه يتخلى عن اسمه الحقيقي خلال فترة الدورة ويستخدم اسما مستعارا وتراقبه كاميرات.

إلى ذلك يعمل خريجو هذه الدورات في خلايا إدارة حسابات إلكترونية مسؤولة عن نشر أخبار مزيفة وإدارة حملات تشويه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقد يصل دورها إلى إشعال العنف أو التحريض على القتل.