الأربعاء 15 شوال 1445 ﻫ - 24 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد الإبادة... ماذا بانتظار لبنان حتّى أيلول؟

من المستحيل لثانية تصديق أن الإبادة في لبنان سببها الإهمال التي تتبناها الرواية الرسمية الكاذبة، خصوصاً نظراً لكل ما يحصل على خطّ الحرب الأميركية-الاسرائيلية ضدّ إيران ووكلائها على كل المستويات والتي تحولت منذ أوائل هذا العام إلى أمنية بامتياز عند اغتيال سليماني وتبادل العمليات الأمنية من الطرفين في كل ساحات المواجهة.

 

ولبنان آخر ساحات هذه المواجهة من أجل إكتمالها وشهد عدد من العمليات الأمنية بين اسرائيل وإيران آخرها الحدث على الحدود قبل انفجار بيروت الرهيب الذي يُعتبَر أقوى انفجار في تاريخ الجمهورية اللبنانية.

لم يشهد لبنان قبل الحرب الأهلية وخلالها وبعدها وخلال الاجتياحات والحروب الاسرائيلية واغتيال الحريري، مثل هذا الانفجار وأدت قوته الرهيبة إلى مصرع أكثر من 200 شخص وإصابة وفقدان العشرات وتكسير كل زجاج وحجر بيروت وأزال المرفأ ودمّر مناطق بكاملها وشرّد الآلاف وغيرها الكثير من المآسي!

فهذا المرفأ الذي تسيطر عليه رسميا الدولة الذي يتعامل مع 300 مرفأ عالمي وترسو فيه 3100 سفينة، كان يشكل احدى المراكز الاساسية للحركة التجارية للبنان مع العالم ويتنافس مع ميناء حيفا الاسرائيلي على الرغم من تحكم الحزب بجزء مهم منه باعترافه، فتدميره سيُغيّر بالمعادلات الاقتصادية.

سبب الانفجار قصف اسرائيلي لأسلحة وصواريخ ثقيلة آتية لحزب الله، ويوحي انه هناك مواد غير تقليدية ضمن الشحنة الواصلة الى مرفأ بيروت. هذا الواقع اعترفت به اسرائيل ضمنياً عبر عدد من صحفها ومحطاتها قبل سحب الاعتراف، فضلاً عن ترجيح الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الاسرائيلي أن يكون الانفجار في مرفأ بيروت ناجم عن ذخائر للحزب.

من جهتها، اعترفت إيران أيضاً ضمنياً بهذا الأمر عبر قول مدير دائرة الشؤون الدولية في البرلمان الإيراني أمير حسين عبد اللهيان أن “هناك أطرافاً خارجية مستفيدة من انفجار مرفأ بيروت وقد تكون إسرائيل خلف الانفجار والمواقف السعودية حتى الآن إزاء الحادث غير بناءة”.

في وقت قال رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إنّ “الرسائل والرسائل المضادة تُذكّرني بجريمة اغتيال الحريري عندما حاولوا في اللحظات الأولى طمس معالم الجريمة والانفجار رسائل موجهة للبنان وهناك محاور… ودُمّرت بيروت بظروف غامضة قد تكون تآمرية”، فيما افادت تقارير ان عناصر الحزب دخلوا المرفأ بعد حصول الانفجار من دون معرفة ماذا فعلوا في داخله.

يُضاف الى ذلك زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الى لبنان بعد تأجيلها لسنتين ثم إلغائها، فهل كان سيزور لبنان بهذه السرعة القياسية لو كان الانفجار جراء إهمال فقط؟ خصوصاً قوله انه أتى لطرح فكرة تغيير النظام السياسي ولقائه كل رؤساء الكتل وكأن رئيس الدولة التي استعمرتنا يأتي في وقت حاسم لرعاية بدء مسار تغيير النظام بعد الدمّ والدمار…. وإذا لم توافق حكومة حزب الله بالأمر، قد تأتي الضربات الأخرى أو الهزات الأمنية معطياً المسؤولين حتّى أيلول للبدء بالخطوات قبل عودته، وخلال هذا الهامش من الوقت سيجتمع مجلس الأمن الإثنين المقبل وتصدر المحكمة قرارها في 18 الجاري.

والأهم تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال ان العسكريين أشاروا له إلى أنّ الانفجار عبارة عن هجوم. لذلك فإن هذه التصاريح تعطي فكرة بسيطة عن ما حصل وتجيب عن كثير من الأسئلة.

أمّا ميدانياً، فعدد كبير من الخبراء أقر بمشاهدة وسماع الطيران الاسرائيلي وشهود على الأرض أكّدوا ذلك، إضافة إلى الفيديوهات المتداولة وبعد التمعّن بها، تؤكّد توجّه صاروخ صغير وسريع نحو المرفأ الذي كان يحترق أصلاً ما ادى لتغطية الضربة الأخيرة.

للأسف، هذه العوامل تودي بأن يكون البشر والحجر ضحية هذه المواجهة الشرسة والطرفان يتنافسان على دمّنا ولحمنا وأرضنا. ولاحظنا كيف أن الاسرائيلي والايراني دمرا وخربا عدد من الدول العربية.

أخيراً وليس آخراً، إذا كانت إيران تريد فعلاً إعلان الحرب على اسرائيل، فماذا تنتظر بعدما مسّت الأخيرة بأمنها يومياً لشهر وضربت كل مواقعها في سوريا والآن في لبنان؟ اتهام إسرائيل بأي عمل أمني كان سهلاً سابقاً لدى محور المقاومة لكن الآن أصبح يتردد قبل سوقه أو قبل تبني اي عملية ضد الكيان لأن التداعيات ستكون وخيمة في حال شنّ هجوم عليها بعدما تخطت اسرائيل الخطوط الحمر، ما يؤكد عدم الجدية في محاربة العدوّ.

لا يمكن محاربة الدولة العبرية من محور صغير اسمه لبنان يكاد يتحمل أعباء أزمته الاقتصادية، فكيف سيتحمل حرباً ضروس تداعياتها شبيهة بالانفجار، فهل يُدمر كل لبنان من اجل ايران واسرائيل؟