الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بين اميركا وحزب الله: "الحريري كبش المحرقة"

بعقليَّته “الرأسمالية”، يُدير الرئيس الاميركي دونالد ترمب السياسة الخارجية لبلاده، ويرى رجل البيت الابيض، أنّه حقَّقَ طيلة ولايته الرئاسيّة اهدافًا كثيرة لصالحِ “الأمن القومي الاميركي” وبأقلّ خسائرٍ مُمْكِنة ومن حسابِ الدول التي تحتاج الى “الغطاءِ” الاميركي لاستمراريتها وتحديدًا دول الخليج.

يأتي الاميركيون الى لبنان بأجندةٍ واضحةٍ كوضوحِ سياسة واشنطن في العراق “الحشد الشعبي” وفي اليمن “الحوثيون”، فيما يشكِّل حزب الله برأيهم قوّة ترفد الاجنحة الايرانية في المنطقة والتخلص منه ضروري للدخول بقوّة في أيّ مفاوضات مع طهران، وكلّ ذلك، يعمل عليه ترمب من دون المسِّ بأيّ دولار اميركي، بل من خلال “تجيير” المنظومة المالية والاقتصادية الاميركية لصالحِ هذا الهدف والمُتَمثلة بعقوباتِ “العم سام” على كلِّ من يرتبط بإيران واجنحتها وعلى رأسها حزب الله.

لم تهضم الادارة الاميركية دخول حزب الله الى حكومة سعد الحريري الاخيرة، ونبَّهت عبر سفارتها في بيروت من مغبّةِ هذه الخطوة وضرورة التنبّه الى تداعياتها التي سرعان ما ظهرت من خلال فرملةِ المساعدات الدولية لوزارة الصحة والبرامج التي كان من المفترض دعمها، إلّا أنّ التأجيلَ كان سيّد الموقفِ.

الضغطُ الاميركي على الحكومة، ظهرَ بمحطاتٍ كثيرةٍ، بعضها يتعلَّق ببرامجِ مساعدة الجيش اللبناني والآخر بفرضِ مزيدٍ من العقوبات على مصارفٍ لبنانيّةٍ مُتَّهمة بعلاقتها بحزب الله، وما نتجَ عنها من اهتزازٍ لسمعةِ المصارف اللبنانية، تزامنًا مع تلويحٍ بإدراجِ وزراءٍ ومقرَّبين من حزب الله على لائحة العقوبات التي قد تصدر نهاية السنة، وتردَّد، أنّ اسماءً وازنة واردة على تلك اللائحة وقد تشكِّل صدمةً للرأي العام اللبناني.

ومع تقدّمِ خيارِ الشارعِ على الحلِّ السياسيٍّ للأزمةِ والدّفع بالرئيس سعد الحريري الى الاستقالة، تبدَّل المشهدُ الداخلي وبات الأميركي أمام الكثيرِ من الخياراتِ التي يعتقد أنّه من خلالها يستطيع التأثير على “بُنيةِ” حزب الله، ومن ضمنها الضغط على مسار التأليف ورغبة المجتمع الدولي بحكومةِ تكنوقراط بعيدة من الاحزاب السياسيّة، وربط شكل الحكومة بأموال سيدر والمساعدات الدولية للبنان.

من هنا، ثمّة اصرار كبير لدى الحريري بتسويق هذه الصيغة، كما أنّ المساعي مع حزب الله والوزير جبران باسيل والحلفاء لاقناعهم بالسير في هذه الحكومة لم تنجح حتى الساعة، في وقتٍ يميل الرئيس نبيه بري الى الحكومة المُطعَّمة التي لا تُقصي القوى النيابيّة عن الوزارة.

في المقابل، يرى حزب الله، أنّ السيرَ بحكومةٍ لا يكون رئيسها الحريري مخاطرة كبيرة، ولاسيما أنّ الاستنزافَ “ينخر” في جسمِ المقاومة بفعلِ العقوبات الاقتصادية التي وصلت مفاعيلها الى جيب المقاتل في الحزب، وهذا الأمرُ يعمل عليه الاميركي من باب تفجير الحزب من الداخل ويضغط في المقابل على الحريري برفضِ صيغةِ التكنو – سياسية لانها ستولد بحكمِ الميتة.

لا يحتمل الحريري المزيد من الضغوط الدولية وهو أكَّد للامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله عبر قنواتِ التواصل بين بيت الوسط والضاحية، أنّ مواجهة الاميركي اليوم لن تكون لصالحِ الحزب بل ستزيد النقمة الشعبيّة عليه، إذ أنّ اللبناني ليس الايراني ولا يمكنه التأقلم مع سعرِ صرفِ الدولار الاميركي بعشرين ألف ليرة لبنانيّة كما يحصل اليوم في السوقِ الايران، وأنّ الشعب الذي نزل الى الشارعِ بالأمسِ ولاسيّما من بيئةِ المقاومة سيضاعف عدده في أيّ مواجهةٍ ثانية مُحتَمَلة اذا ما استمرَّ الخناق الاميركي عليه، والمطلوب تحييد الحزب عن الواجهة الحكومية واعطاء الحريري فرصة جديدة لاستيعاب مطالب المجتمع الدولي، وإلّا فإنّ حكومة يطغى عليها طيف “مصطفى حمدان” وغيره من الشخصيّات اللّصيقة بالحزب ستجرّ لبنان الى النفقِ المُظلمِ ومن الصّعبِ الخروجِ منه.