لا تزال البطريركية المارونية تعمل لإبعاد شبح الفراغ عن قيادة الجيش ولتأمين استمرارية العمل في المؤسسة العسكرية، بالشكل القوي الذي تعمل فيه اليوم، آخذة في الاعتبار، الخيارات الممكن اللجوء اليها لتحقيق هذا الهدف، في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية… امس، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا التي غادرت بكركي من دون الادلاء باي تصريح. وتم التداول خلال اللقاء في مختلف المواضيع، وكان تشديد على ان احوج ما يكون اليه لبنان اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية، اذ ان الولايات المتحدة الاميركية مهتمة باستقرار لبنان على كل الصعد، وترفض دخوله في حرب غزة. وفي موضوع انتهاء ولاية قائد الجيش، كرر البطريرك الراعي “موقفه الرافض لاسقاط قائد الجيش”.
ايضا، التقى الراعي في الصرح البطريركي النائب غسان سكاف الذي قال “المؤسسة العسكرية امام وضع مصيري ممكن ان يهدد أمن البلد لذلك علينا ابعادها عن مرارة الشغور”.
اللافت في هذا المشهد كله، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، هو انه تكوّن في الايام الماضية، في الداخل، رأيٌ عام واسع، عابر للاصطفافات وللطوائف، مؤيد لفكرة تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون، نظرا الى الاوضاع الدقيقة والحرجة والمصيرية التي تمر بها البلاد اليوم حيث جبهتُها الجنوبية مشتعلة فيما طبول الحرب تقرع في المنطقة، ونظرا ايضا الى نجاح العماد عون في ادارة المؤسسة العسكرية والى امساكه بزمامها واطلاعه بدقائق الملفات والتحديات المطروحة راهنا.. اي ان الوقت اليوم ليس مناسبا لتغييره.
في السياق، زار وفد من نواب المعارضة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عصر الاحد طارحا تأجيل التسريح من خلال مجلس الوزراء، وضم هذا الوفد نوابا سنّة ولم يكن مسيحيا فقط. الى ذلك، فإن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو ليس من فريق المعارضة، اعلن في مقابلة تلفزيونية مساء الخميس، انه تلقى اتصالا من العماد عون، وأنه لا يمانع التمديد خاصة اذا كان البديل منه، تعيينات مفصّلة على قياس البعض، غامزا من قناة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. اما امس، فبدا ان رئيس مجلس النواب نبيه بري، اثر استقباله “الجمهورية القوية”، لم يعد رافضا فكرة التمديد، لكنه يفضّل ان يأتي عبر مجلس الوزراء. اما اذا لم يحصل ذلك خلال اسبوعين، فإنه سيدعو الى جلسة نيابية لهذا الغرض.
امام شبه الاجماع الوطني هذا، لا يزال حزب الله يقف وحده في مربع الصمت. فهو لم يدل بأي موقف بعد ويبدو حتى الساعة، وفي انتظار تطورات الميدان، يساير حليفه البرتقالي الرافض ابقاء عون في موقعه، وقد قال وزير العمل مصطفى بيرم (المحسوب على الحزب) اليوم: موضوع التمديد لقائد الجيش لم يطرح بعد على وزراء حزب الله و”كل شي بوقتو”.
فترة الاسبوعين التي طرحها بري، متروكة للاتصالات بينه وبين الحزب، ليقررا ما سيفعلانه وليحسما توجهاتهما: تقاسم ادوار لعدم إغضاب باسيل او سير بالتمديد عبر مجلس النواب لقاء ثمن ما … لكن وفق المصادر، الامور ذاهبة على الارجح نحو خيار التمديد.