غادر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مقر عمله في مصرف لبنان بعد ثلاثين عاماً، مشيداً بصمود المركزي رغم كل الأزمات التي واجهته، داعياً زملاءه الموظفين الى الصمود والاستمرار في العمل على الوتيرة نفسها التي عرفهم من خلالها.
وعلى الأثر، تسلّم نائبه الأول وسيم منصوري مهامه، ومن الواضح أن نهج سلامة لن يتبدّل في المرحلة الجديدة مع منصوري، بل إن السياسات نفسها ستستمر من أجل تمويل نفقات الحكومة الأساسية وتفادي السيناريوهات الأسوأ، ولكن بضمانات من الحكومة ومجلس النواب لتغطية هذه المرحلة، إلى أن يتم انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، وينطلق إصلاح المالية العامة.
في الإطار، أشار الخبير المالي والاقتصادي نسيب غبريل في حديث لصحيفة “الأنباء الالكترونية” إلى أن النقطة الأهم في كل ما جرى اليوم هي تطبيق القانون، وقال: “كان ثمّة تناسٍ للقانون بالرغم من أن المادة 25 من قانون النقد والسليف تنص صراحة بأن يتولى نائب الحاكم الاول مهام الحاكم في حال شغور هذا المركز لسب ما، فكل الحديث الذي جرى عن تعيين حاكم من قبل الحكومة أو البحث عن بدائل لم يكن له لزوماً”.
وفي تعليقه على كلام وسيم منصوري حول عدم تسليف الحكومة أي مبلغ مالي بالعملة الصعبة من دون قرار يصدر عن مجلس النواب يسمح له بذلك، رأى غبريل في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية” أن “المسألة ليست ما اذا كان مجلس النواب سيقر قانوناً يسمح له بذلك أم لا، ولو أقر البرلمان قانوناً يسمح للحكومة ان تستدين ثلاثة مليارات دولار، هل سيرفض؟”.
واعتبر غبريل أن “الأولوية في السياسة النقدية يجب أن تقوم على عدم تسليف الحكومة أي مبلغ، والأولوية الأخرى تكمن بالتذكير والحفاظ على استقلالية السياسة النقدية، وأن يطالبوا بتنفيذ الاقتراحات التي تقدموا بها الى لجنة الادارة والعدل النيابية التي تقوم على اقرار قانون الكابيتال كونترول وهيكلة القطاع المصرفي والبنود الاخرى”.
ولفت غبريل إلى أن “هذه الاقتراحات هي التي حرّكت المياه الراكدة، فالسياسة النقدية تتطلّب تنفيذ هذه القوانين”، وسأل: “لماذا لم ينفذوا هذه القوانين منذ حين الاتفاق عليها مع صندوق النقد منذ اكثر من سنتين؟ فهل سيستجيب المجلس الى مطالبهم هذا هو السؤال؟ وتبقى العبرة في التنفيذ”.
غبريل أبدى ارتياحه لكلام منصوري لجهة الاتجاه لتحرير الصرف بشكل تدريجي، “لأنهم لن يستطيعوا اتخاذ قرارات جذرية بهذا الصدد لأنها تتطلّب أن تسبقها إجراءات إصلاحية للاقتراحات التي تقدموا بها إلى لجنة الإدارة والعدل، وهذه الاجراءات تتطلّب مناخاً إصلاحياً في البلد قبل الذهاب للتوقيع مع صندوق النقد على الاستدانة”.
إن ما حصل أمس لا ينفصل عن كونه إجراءً ترقيعياً يُضاف إلى الترقيعات السابقة، والتي لن تؤدّي إلى أي نتيجة أفضل مما نحن عليه، بانتظار التوجّه نحو الإصلاحات الجذرية التي تبدأ بإتجاز الاستحقاقات، وعلى رأسها انتخابات رئاسة الجمهورية.