الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ليست حيوانا ولا نباتا... "البلوب" أغرب الكائنات المسافرة إلى الفضاء

سسيكون كائن بلوب الغريب، وهو ليس حيواناً ولا نباتاً ولا فطراً، ضمن الأشياء التي سيتم نقلها لمحطة الفضاء الدولية.

وأثار حيوان “البلوب” فضول العلماء، وهو كائن أحادي الخلية لا يملك دماغا ولكنه يتمتع بمستوى عال من الذكاء، إلى محطة الفضاء الدولية، لإجراء تجارب جديدة على هذا الحيوان الذي يثير فضول العلماء.

وفي تقرير نشرته صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية، يقول الكاتب فريديريك بوتي إن رائد الفضاء الفرنسي توماس بيسكيه سيحمل معه في رحلته الفضائية المقبلة في شهر أغسطس/آب، 4 حيوانات بلوب، لاكتشاف المزيد من الحقائق العلمية عن هذا الكائن اللزج الذي يتميز بسلوك شديد التعقيد.

ولا يُصنّف هذا الكائن الفريد حيوانا بالمعنى الدقيق للكلمة، ولا نباتا ولا فطرا. ويتمتع البلوب بقدرات فريدة على التعلم والتأقلم، فعند قطعه إلى نصفين، يلتئم مجددا في أقل من 3 دقائق، وعندما يوضع عند مدخل متاهة، يجد بسرعة أقصر طريق إلى المخرج للعثور على دقيق الشوفان، طعامه المفضل. وعند وضعه بين عدد من الأطعمة المتناثرة داخل وعاء تجارب، يغيّر شكله إلى ما يشبه شبكة السكك الحديدية حتى يتنقل بينها.

تربية البلوب

حصل ستيفان جوسو، وهو موظف في شركة للأغذية الزراعية في كونكارنو شمال غرب فرنسا، على أول عينة له من البلوب من موقع “لو بون كوان” (Le Bon Coin) في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بعد أن عثر على إعلان بيع في فئة “الحيوانات”.

يقول جوسو “تظل هذه الهواية تعليمية وتعتمد أساسا على الملاحظة، وتتطلب المراقبة بعض الانتباه دون أن تستغرق الكثير من الوقت”.

يمتلك ستيفان جوسو حاليا 8 من حيوانات البلوب اشتراها عبر الإنترنت، ويسيطر على هذا السوق الذي ظهر على الويب قبل أقل من 5 سنوات، 6 مربين يبيعون “بلوب سكليروتيا”، وهي نسخة مجففة تحتاج إلى القليل من الترطيب حتى تستيقظ وتكتسب مادة هلامية وتتلون.

تبلغ تكلفة شرائه وإرساله بالبريد ما بين 20 و40 يورو، ويعد هدية عيد ميلاد مثالية لجميع عشاق الحيوانات الغريبة. ويتبادل طلبة علوم الحياة والأرض ومحبو الطبيعة النصائح والعينات والمعلومات عن هذا الكائن عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد ألّفت الخبيرة الفرنسية أودري دوسوتور (Audrey Dussutour) أحد أكثر الكتب مبيعًا حول “فيزاروم بوليسيفالوم” (Physarum Polycephalum)، وهو الاسم العلمي لهذا الكائن الذي يمكن التعرف عليه من خلال لونه الأصفر المشرق، ويحمل عنوان “كل ما كنت ترغب بمعرفته عن البلوب دون أن تجرؤ على طرح السؤال”.

وضعت الباحثة الفرنسية في الكتاب خلاصة تجربتها على مدى 13 عاما في مراقبة هذا الكائن الذي تصل سرعته القصوى إلى 4 أمتار في الثانية، رغم أنه لا يملك أرجلا أو زعانف، وإنما شبكة وريدية قادرة على توليد حركات دودية، تشبه الأمعاء البشرية.

تجارب على الكائن الغريب

يقول أستاذ علوم الحياة والأرض فابيان نانيكس “لا يُعرف البلوب بقدرته السريعة على التكاثر فحسب، بل إنه يثير في أذهاننا الكثير من الأسئلة عن مفهوم الذكاء”.

فعندما لا يعثر على الطعام، يندفع البلوب خارج الصندوق للبحث عن بيئة أفضل، ويندمج مع بني جنسه بطريقة فريدة. ويتذكر إريل كايزاك، وهو طالب في المدرسة الثانوية في سانت كريستوف فالون، كيف وجد مجموعة منها على طول أحد الرفوف في غرفة نومه، ويقول “أدركت وجودها في الحين، ولاحظت كيف تتكاثر بشكل سريع ومذهل”.

وقد صوّر فيلم “ذا بلوب” (The Blob) عام 1958، سرعة تكاثر هذا الكائن اللزج الذي أثار الذعر بين سكان بلدة صغيرة في ولاية بنسلفانيا. ولحسن الحظ، فإنه من الممكن في الواقع إعادة البلوب إلى حالة التصلب بمجرد التوقف عن ترطيبه.

تقول أودري دوسوتور في هذا السياق “هل تعلم أنه يمكن تنويم هذه الحيوانات الأليفة قبل الذهاب في إجازة، وإيقاظها بعد شهر؟”.

يعتقد العلماء أن فيزاروم بوليسيفالوم ظهر على الأرض قبل 500 مليون سنة، وترى أستاذة علوم الحياة والأرض ساندرين جيرار أن سلوك البلوب يخالف ما يعلمه الكثير من مدرسي علم الأحياء، حيث يتميز بقدرته على التفكير رغم أنه لا يملك دماغا ولا خلايا عصبية.

وتضيف أن البلوب يعطينا فرصة فريدة لإنجاز التجارب المخبرية في المدارس بمرونة أكبر، مقارنة بالتجارب التقليدية على الفئران والضفادع. ومن المنتظر أن يزيد عدد المدارس التي تقام فيها تجارب على البلوب خلال العام الجاري.

وبمبادرة من المركز الوطني للدراسات الفضائية والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، سيقوم حوالي ألفي فصل مدرسي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل بتكرار التجربتين اللتين سيجريهما توماس بيسكيه في الفضاء، وتهدف الأولى لاختبار القدرات الاستكشافية للبلوب، والثانية لمراقبة إستراتيجياته الغذائية.

في الوقت ذاته، لا شيء يمنع المدرسين وطلابهم من إجراء تجاربهم الخاصة، ومحاولة اكتشاف المزيد عن هذا الكائن الغريب. وتقول أودري دوسوتور إن هذا الكائن “لا يشعر بالألم، لأنه لا يملك جهازا عصبيا، غير أن لديه استجابة للإجهاد مثل جميع النباتات”.

وفي إحدى مدارس مدينة بوون الفرنسية، اكتشف طلاب الأستاذ فرانك بيرون بعد عدد من الاختبارات قدرة البلوب على مقاومة الأشعة فوق البنفسجية.