آخر واحد في لبنان

ربما لن يبقى لنا سوى الماضي لنعيش فيه، فالحاضر مؤلم و المستقبل لا أثر له في حساباتنا اليوميّة. ماضينا، المحاك بخيطانٍ من ذهب، المترابطة بعضها ببعض بفعل العشق و متانة الحب، كتمتمة حنينٍ نرددها و نُسمعها إلى صورنا المعلّقة،وحدها الباقية هنا ونحن زائلون. ومن ماضينا المبدع، مهنةٌ زالها الإقتصاد الريعي و أبقاها الوفاء، آخر الورثة، ورثة التاريخ العائليّ، ورثة الحصة الأكبر من روعة الإنتماء للأرض. نزيه باز، المترسّخ في أرض الشوف، يجيد مع مهنة متعة الذكريات، مهنة النول، هو كمكوك الحياكة، لا يهدأ، لا يتعب، يستمرّ حتى آخر خيطان النفس.

يحتفظ نزيه في معرضه، بكل ما هو من زمن الأبيض و الأسود، يلوّنها بمشاعر الحنين، يجعل منها قوس قزحٍ مخيّطة عباءاتٍ و تصاميم.
الحايك يبقى واقفاً وراء المكنة، فالجلوس ليس من شيم المتمرّسين في المهنة، واقفاً يحيك ذكرى وراء ذكرى.

صدق من قال أن مكوك الحايك لا يهدأ، هكذا هو نزيه يعمل ليل نهار بخيطانٍ لا تنقطع.