الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بالفيديو: فاجعة لبنانية جديدة .. مواطنون قضوا غرقا وأطفال تم رميهم في البحار

فاجعة جديدة تضاف إلى سجل الأزمات اللبنانية التي ألمت بالمواطن اللبناني الذي دفع بنفسه إلى البحار بحثا عن حياة كريمة، ليواجه مصيبة كبرى ستتوسع رقعتها في الأيام القادمة بعد خبر وفاة شبان وأطفال لبنانيين غرقا.

هجرة غير شرعية أقدم عليها مجموعة من اللبنانيين هربا من واقع مذل وسلطة جائعة لمقدرات اللبنانيين وخيرات بلادهم التي تذهب خارج البلاد لمصلحة دول تساويها إجراما، شبان بعمر الورود وأطفال لم تر الحياة بعد يواجهون مصيرهم الاخير في البحار.

أي توصيف يعبر عن المشهد اللبناني المترهل، سلطة بمقام “جثة” لا تستحق الدفن إكراما حتى، بل تستحق كل أشكال الثورة والانتفاضة على قتلها شعبها بالجوع والفقر والبطالة، سلطة الأمونيوم التي أودت بحياة المئات وشردت الآلاف وهجرت أبنائها بل دفعتهم إلى الموت عير هجرة غير شرعية، انطلقت من المنية طرابلس باتجاه قبرص أملا أن تنقذهم تلك البلاد من فقر مدقع وذل دق أبوابهم، فكانت الهجرة بالنسبة لهم، آخر مسمار يدق في نعوشهم، فكان الموت بانتظارهم. وأثناء الهجرة، توقف المركب بسبب نفاذ المازوت ومشاكل أخرى، وأدى ذلك لموت العشرات وفقدان آخرين

وفي هذا السياق توجه مراسل راديو صوت بيروت انترناشونال غسان فران إلى بيت أحد الأشخاص الذين هاجروا بطريقة غير شرعية من لبنان باتجاه اوروبا، والتقى مع والدة محمد خلدون محمد، وهو أحد المهاجرين، التي أكدت أن ابنها لم يخبرها بأنه مسافر إلا بنفس اليوم وذلك بطلب من الأشخاص الذين قاموا بتنظيم هذه الهجرة خشية أن تعرف السلطات اللبنانية في الامر، فيتم إحباط الرحلة .

وتقول الأم، أن رعاة هذه الهجرة أمنوا للشبان مركبا صغيرا لهم وقد بلغ عددهم 45 إلى 50 شخص، وكان المركب بالكاد يحتويهم مع أغراضهم ومأكولاتهم، وكان المهربين قد وعدوا الشبان بأنه بمجرد دخولهم إلى المياه الإقليمية سيتم تأمين باخرة مجهزة تماما وكبيرة تستطيع استيعابهم جميعا بالإضافة إلى تأمين المأكل والمشرب لهم، ولدى دخولهم في المياه الإقليمية فوجئ المهاجرين بعدم وجود أي باخرة بالتزامن مع نفاذ المازوت وهم وسط البحار ولم يأمنوا لهم طعاما أو حليب للأطفال أو حتى مازوت ليعودوا أدراجهم إلى لبنان.

وتتهم والدة محمد شخصا يدعى “برهان القطريب” يسكن في القبة – طرابلس – وصهره أحمد صفوان الذي استلم منهم الأموال قبيل سفرهم من لبنان، وتقول الوالدة” كانوا يأملوننا يوميا بأنهم وصلوا ولكن كان قلبي يشتعل نارا، وقلت لهم لقد تاهوا في البحر أو غرقوا وابني إلى الآن مفقود ولا أعرف عنه شيء وأريده حيا أو ميتا.” وطالبت والدة محمد الجهات المعنية والقوات البحرية وقوات اليونيفل مساعدة الشبان والأطفال.

حرقة بالغة تعيشها الاهالي التي وسعت هذه المأساة جراحهم وأدمت قلوبهم في ظل أوضاعهم الاقتصادية المريرة، التي لو لم تكن لما أقدم الشبان والعائلات على رمي أنفسهم إلى التهلكة.

وقالت والدة محمد أن الشخص الذي كان يقود القارب الذي سافر فيه العشرات هو أحد أقارب المهربين، الذي غدر بقريبه حتى، لا سيما أنه ضل الطريق ولم يجد سبيله، وتقول أم محمد ” لقد تاجروا بأولادنا وبالشبان والأطفال، لقد توفي ابن شقيق زوجي وهو طفل صغير عمره ثلاث سنوات لعدم توفر المياه والحليب أو الأكل، لا سيما أن الشمس كانت قريبة من رؤوسهم فتسبب ذلك بعدم قدرتهم على التحمل فقضى من التعب والجوع، فقاموا برمي الطفل في البحر، وفي اليوم الثاني مات طفلا آخرا وهو حفيد عمي، وأيضا تم رميه في البحر، وأهل الطفل بحالة يرثى لها وهم في صدمة كبيرة، وكانوا يشربون المياه المالحة لعدم توفر شيء للأكل أو الشرب”.

انطلقت رحلة الموت منذ تسعة أيام، وتقول أم محمد ” ابني بعد 3 أيام رمى بنفسه في البحر وقال للبقية سأحاول تخليصكم من هذه الازمة بعد رؤيته للطيور شرقا فتوقع أنه باتجاه مكان الطيور ثمة يابسة، فسبح باتجاه توقعاته بعد أن لف نفسه بقطع من إطار هوائي وربط حول يديه عبوات مازوت بلاستيكية فارغة، ومما زاد حماسته تجاه ذلك، هو مشهد رمي أبناء عمه الأطفال في البحار بعد وفاتهم، فسارع لإنقاذ البقية.”

وتساءل مراسل صوت بيروت انترناشونال عن كيفية معرفتهم بهذه التفاصيل فأجابت الوالدة، “ياشين هو من أخبرنا وهو الآن في المستشفى وهو أحد الناجين، ظل يسبح 5 أيام حتى رأته قوات اليونيفل وساعدته، وهو صديق ابني المقرب.”

وفيما إذا تحدثوا مع جهات مختصة لمساعدتهم مثل اليونيفل التي تستطيع أن تقوم بمثل هذه العلميات من البحث، أجابت الوالدة ” تواصلنا معهم لكنهم يريدون أمرا من اللسلطات اللبنانية للقيام بالبحث عنهم والسلطات لم تعط الامر.” وتوجهت والدة محمد الذي يبلغ 27 عاما للسلطات قائلة “هؤلاء لبنانيين عاطلين عن العمل هاجروا من أجل لقمة عيشهم وأنا الآن لا أعلم شيئا عن ابني الوحيد وأريده حيا أو ميتا لذا أطلب من الدولة وكل العالم أن تبحث عنه وإيجاده لي في بحر قبرص أو اليونان أو تركيا، أريده بأي حال كان.”

وفي حديث مع أخت المفقود محمد، التي قالت بان المهربين كانوا يرسلون للعائلة مقاطع صوتية عبر تطبيق “واتساب” يطمئنون الأهالي بأن أولادهم بخير ليتضح فيما بعد أن الأخبار كلها كاذبة.

وقالت أخت محمد ” انطلقوا عند الساعة العاشرة من المنية وكان آخر اتصال لنا معهم عند الرابعة فجرا عند دخولهم المياه الإقليمية، وكان أخي محمد قد أخبرنا بأنهم سيصلوا إلى قبرص عند العاشرة صباحا، وفي اليوم التالي اتصل بنا المهرب برهان القطريب وأخبرنا بأنهم وصلوا إلى قبرص بخير وسلامة والسلطات القبرصية تقوم بإجراءات اعتيادية لهم من أجل كورنا وهم في الحجر الآن بحسب القطريب، ونحن صدقنا كلامه.”

وتتابع الأخت ” لم يتصلوا بنا في اليوم الثاني والثالث لكن في اليوم الثالت أرسل إلينا القطريب مقطعا صوتيا يقول فيه أن الشبان مع الصليب الأحمر الدولي وهم في الحجر الصحي وسحب منهم هواتفهم ولا يسمح لهم بالتواصل مع أحد قبل إتمام 15 يوما في الحجر” والقطريب هو بحسب أخت محمد موظف في بنك الاعتماد .

وتستكمل الأخت حيدثها قائلة ” وقد أرسل إلينا المدعو “احمد طليس ” – ابو فهد – مقطعا صوتيا يؤكد لنا فيه وصولهم إلى قبرص، وطليس هو شريك برهان القطريب أيضا، وقد وعدهم بتأمين العمل لهم فور وصولهم، على اعتبار بحسب قوله أنه صاحب سلسلة مطاعم ولديه معاصر زيتون، وهو كان يكذب عليهم طبعا.”

في المقطع الصوتي الذي استعرضته أخت محمد والذي يمكنم سماعة في الفيديو أعلاه يقول المدعو “ابو فهد ” بأن الشبان قد وصلوا إلى قبرص وهم في خيمة للحجر الصحي وتقوم السلطات بإطعامهم وأمورهم جيدة، وتعلق أخت محمد على المقطع بقولها ” الشبان لم يصلوا حتى إلى قبرص في ذلك الوقت الذي أرسل فيه ” ابو فهد ” هذا المقطع حيث كانوا في ذلك الوقت في منتصف البحر يواجهون الموت والجوع بينما يكذب المهربون علينا بان الشبان بخير.”

واستعرضت أخت محمد صور الطفلين اللذين توفيا من شدة الجوع والتعب وقالت ” لقد ماتوا لأنه لم يدخل إلى جوفهم سوى المياه والملح، حيث لم يتوفر مع أهلهم سوى مرطبان من الحر، فكانوا يخلطون لهم المياه والملح والحر ويشربون أطفالهم من هذا الخليط لعدم توفر أي شي آخر معهم، وفي اليوم الثاني وجدوا الطفل ميت، وعند وفاته ظل الطفل في حضن والدته لليوم الثاني، وانتظروا والدته حتى تنام، ليستطيعوا أخذه مها لا سيما ان جسد الطفل بدأ ينتفخ والحرارة مرتفعة، فقاموا بتغليفه وربطه بالمركب في حال تم إنقاذهم يبقى الطفل معهم ويعيدونه معهم إلى لبنان، لكن بسبب تعرضه الكبير للمياه المالحة، بدأت جثة الطفل المربوطة بالمركب من الخارج بالتحلل، وصدور رائحة كريهة منها، وخشية تضرر بقية الأطفال، فكوا وثاق الجئة من المركب لتذهب بعيدا.”

لم تستطع عائلته الطفل إكرام جسده الهزيل في مكان يحضنه للمرة الأخيرة، فتركت جثته لتتلقفها البحار، حماية لأرواح أطفال آخرين، ووالدة الطفل الحامل في الشهر السادس، تعيش في حالة من الهلوسة والصدمة بعد الأحداث التي جرت معها والتي تقوق قدرة أي إنسان على التحمل .

4 مليون ليرة لبنانية، ثمن هجرة الموت التي رتبها المهربين للشبان والعائلات، هجرة لا عودة منها ولا وصول حتى، تركوهم لمجهول أسود، ساقهم إلى رمي جثث أطفالهم نحو البحار . ودفع شادي وهو شاب مريض بالسكري إلى رمي نفسه أيضا في البحار بعد أن فقد دوائه “الإنسولين ” فوجد أن البحر قد يكون أكثر رحمة من بقاءه على ظهر المركب، وتقول أخت محمد” إن أمن الدولة قد صرح بان المبلغ الذي تقاضوه المهربين بلغ 400 مليون ليرة لبنانية”.

وطلبت أخت محمد من السلطات اللبنانية أن تعطي أمرا لليونيفل للقيام بمهام البحث عن الجثث لإعادة من لا زال على قيد الحياة وجلب الجثث العالقة في البحار، لا سيما أن اليونيفل قد أعلن أنه على استعداد للبحث عنهم بشرط أن تتقدم الدولة بطلب في هذا الامر.

وختاما وجهت والدة محمد رسالة إلى كل الشباب قائلة ” لا تذهبوا في مثل هذه الرحلات الخطيرة، لا تخاطروا بأنفسكم لأنها هجرة موت أيضا فمن لا يزال حيا هناك، يعيش في خيمة ضمن حجر مفروض عليهم وأوضاعهم قاسية جدا ويتمنون العودة.”

فاجعة جديدة تضاف إلى مآسي لبنان المتوالية والمتعاقبة في عهد وصف بالقوة فكان الضعف أبرز خصائصه والفساد علامة على جبينه، لبنانيون يموتون في كل مكان وأي لحظة، وحتى في محاولاتهم الأخيرة للنجاة كان الموت بانتظارهم، لا تطالب الاهالي السلطات اللبنانية بالبحث عن أبنائهم بل تطالبهم أن توجه طلبا واحدا فقط لقزات “يونيفل ” للمساعدة في الأمر، فـ حتى هذا الامر تتقاعس الدولة عن القيام به، ربما لعدم رغبتها في مواجهة أزمة جديدة ستطفو إلى الواجهة خلال الأيام المقبلة، لا سيما أن لبنان لم يهدأ من الأزمات منذ أشهر طويلة بعد الانهيار الاقتصادي مرورا بـ 4 آب ثم حريق المرفأ والأزمات اليومية المتعاقبة، تحاول السلطات تجنب تداول أي ازمة جديدة خشية من سيل فضائحها أمام المجتمع الدولي، لا سيما أنه ما يشغل بال سلطة الميليشيا اليوم، حقيبة المال المنهوب الذي يقاتل الثنائي الشيعي لأجلها، دون أي اعتبار لشهداء 4 آب ودون أي احترام للجرحى والمشردين ودون أن تأخذ بالا حتى ىأن ثمة غرقى وأمواتا في البحار يستنجدون. لكن هل تسارع الدولة لإنقاذ غرقى في مياه إقليمية بينما كان المفقودين في 4 آب أحياءً على أراضيها لأيام تحت المباني وداخل المرفأ، وكانت السلطة بكل وقاحة وسفالة قل نظيرها، تتوقف عن عمليات البحث عنهم.

الطفل الذي قضى خلال رحلة الهجرة إلى قبرص

الطفل الثاني الذي توفي لعدم توفر الطعام والشراب خلال الرحلة

محمد خلدون محمد

المهرب برهان قطريب

    المصدر :
  • صوت بيروت إنترناشونال