الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

عزرائيل في طرابلس

من نفس هذه الشوارع المعدمة، خرج من يسكنون اليوم القصور المبنيّة من حجر تبييض الأموال، المفروشة بأبهى المفروشات الكلاسكيّة من ماركة سرقة شركات الإتصالات، المسيّجة بحيطانٍ من ألوان مال الحرام.

من نفس هذه الشوارع، تخرّج من يجلسون على كراسي حُكم جهنّم، بربطات عنقٍ “سينيّه” لرقابٍ لا تليق بها إلا حبال المشانق. إنها شوارع طرابلس في ضهر المغر، هنا يضيعُ المكان بقهر الزمان، فلا تعرف إن كنت تسكن المطرح أم تسكن في الزمن المرّ. يبدو ان عزرائيل إتخذ من هذه المدينة المسكينة موطناً له، في البحر حيث الناجون قد ماتوا و من مات قد نجا، و في البرّ حيث الظلم خالدٌ، سرمديٌ، أبدي.

لا غاز، لا طعام، لا كهرباء، لا حياة، لا كرامة و لا حتى موتٌ جسدي ، فقط موت الروح في لعنة أرزةٍ وخطيّن أحمريين و أبيضٌ يكذب بسواده على التاريخ.

يتكلّمون بحسرة، فالصوت لا يخرج من فمهم بل من ضوء عيونهم التي ترى في هذه الدنيا ظلاماً في غزّ النهار، فهنا لا تشرق الشمس أبداً