الخميس 4 جمادى الآخرة 1446 ﻫ - 5 ديسمبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

التحالف الأمريكي والحوثيون.. هل التصعيد مرشح للارتفاع؟

ارتفعت وتيرة المواجهات العسكرية بين التحالف الأمريكي وجماعة الحوثي اليمنية خلال الأيام الماضية، بعد نحو عام من بدء الأخيرة هجماتها البحرية “إسنادا” لقطاع غزة الذي يتعرض بدعم أمريكي لحرب إبادة إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفي 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلنت جماعة الحوثي تنفيذ “عمليتين عسكريتين نوعيتين” بصواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيّرة استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “إبراهام لينكولن” في البحر العربي ومدمرتين أمريكيتين في البحر الأحمر.

وأكد متحدث وزارة الدفاع الأمريكية “بنتاغون” بات رايدر، في اليوم نفسه، أن الحوثيين أطلقوا صواريخ ومسيّرات باتجاه مدمّرتين أمريكيين أثناء عبورهما مضيق باب المندب.

وأوضح أن المدمرتين “تعرّضتا لهجوم استُخدمت خلاله 8 طائرات مسيرة و5 صواريخ بالستية مضادة للسفن و3 صواريخ كروز مضادة للسفن، وتمّ التعامل معها بنجاح”، دون إيضاحات.

ووفق رصد مراسل الأناضول، فإن هذا الهجوم يعد من أوسع الهجمات التي تشنها الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن، منذ بدء عملياتها البحرية المساندة لغزة في 19 نوفمبر 2023.

وجاء هذا الهجوم بعد أن شنت الولايات المتحدة في 9 و10 نوفمبر الجاري، سلسلة هجمات على مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.

وادعت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، في بيان، أن قواتها “نفذت في هذين اليومين سلسلة ضربات جوية دقيقة على منشآت لتخزين أسلحة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين”.

و”تضامنا مع غزة” في مواجهة حرب إبادة إسرائيلية خلّفت نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، باشرت الحوثي استهداف سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات، فضلا عن استهداف مواقع في إسرائيل.

وردا على هجمات الحوثيين، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في 12 يناير/ كانون الثاني 2024، شن غارات جوية وهجمات صاروخية على “مواقع للحوثيين” في اليمن.

وهو ما قابلته الجماعة بإعلان أنها باتت تعتبر السفن الأمريكية والبريطانية كافة ضمن أهدافها العسكرية، وتوسيع هجماتها إلى السفن المارة بالبحر العربي والمحيط الهندي أو أي مكان تصله أسلحتها.

** وعيد متبادل
تزامنا مع تصاعد المواجهات، توعدت واشنطن بمعاقبة الحوثي، وردت الجماعة بأنها متمسكة بعملياتها المساندة لغزة، وأكدت مواصلة استهداف حاملات الطائرات الأمريكية.

وفي 12 نوفمبر الجاري، قالت وزارة الدفاع الأمريكية، في بيان، إنه سيكون “هناك عواقب لهجمات الحوثيين غير القانونية والمتهورة، ولن نتسامح مع أي هجمات على القوات الأمريكية”.

في المقابل، لم يكترث زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي لهذا الوعيد الأمريكي، بل أكد مواصلة العمليات العسكرية “إسنادا لغزة”.

وقال الحوثي، في كلمة متلفزة بعد يومين: “لو أراد الأمريكي أن يقدم حاملة الطائرات إلى البحر الأحمر فهو سيقربها أكثر لاستهدافها، وإذا أراد أن يتجرأ على ذلك فليجرب”.

** هجمات استباقية
التصعيد الراهن تزامن مع تحول ملحوظ في مسار المواجهة العسكرية بين التحالف الغربي وجماعة الحوثي.

وأعلنت “سنتكوم” عبر بيان في 13 نوفمبر الجاري، أن قوات جوية وبحرية أمريكية، بينها مقاتلات “إف 35 سي” (F-35C)، شاركت قبل أيام في غارات على منشآت لتخزين أسلحة تابعة للحوثيين باليمن.

واعتبرت القيادة هذه الغارات “عملية استباقية ردا على الهجمات المتكررة وغير القانونية من قبل الحوثيين على الشحن التجاري”.

وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها واشنطن مشاركة طائرات مقاتلة متطورة في هجمات ضد الحوثيين.

وتُعد طائرة “إف 35 سي” أول مقاتلة شبحية بعيدة المدى تم تصميمها وبناؤها خصوصا لعمليات حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية.

وتمتاز الطائرة بأجهزة استشعار مدمجة وسعتها للأسلحة والوقود وقدرتها الكبيرة على التخفي عند مستويات منخفضة للغاية.

جماعة الحوثي بدورها أعلنت للمرة الأولى تنفيذ “ضربة استباقية” ضد واشنطن، بمهاجمة حاملة طائرات ومدمرتين أمريكيتين.

وقالت الجماعة في 12 نوفمبر الجاري: “لأول مرة ينفذ جيش عربي (تقصد قوات الحوثيين) عملية عسكرية استباقية ضد القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة”.

وأضافت أن حاملة الطائرات الأمريكية والمدمرتين “كانت بصدد التحضير لشن هجوم جوي واسع على اليمن”، بحسب موقع “26 سبتمبر” الناطق باسم وزارة الدفاع في حكومة الحوثيين (غير معترف بها دوليا).

** تحول في المواجهة
الباحث في الشؤون العسكرية علي الذهب، قال للأناضول إن “التطورات تشير إلى تحول في المواجهة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي”.

وأضاف: “هناك تطور ملحوظ في آلية المواجهة الأمريكية تجاه الحوثيين، وهو الانتقال إلى تعقب التهديدات المتحركة”.

وأوضح: “بمعنى البدء في تزاوج الاستهداف لتشمل معاقل أو مناطق المنشآت المحصنة التي تضم طائرات غير مأهولة أو صواريخ بالستية أو مجنحة أو أي قذائف أخرى تهدد الشحن البحري وكذلك تشمل في الوقت نفسه منصات متحركة أو وسائل نقل المقذوفات والقادة والمدربين الخبراء المعنيين بهذه التقنيات”.

الذهب عزا التحول في المواجهة إلى “توفر مزيد من المعلومات الاستخبارية الأمريكية عن مصادر التهديد الثابتة والمتحركة والمعاقل التي توجد فيها المقذوفات”.

ورأى أن “الأمريكيين استفادوا خلال عام مضى من جمع بيانات عن الحوثيين وانتقلوا إلى المواجهة”.

وبشأن دلائل التحول، قال الذهب إن “الولايات المتحدة لجأت مؤخرا إلى استخدام قاذفات ’بي 2’ (B2 الاستراتيجية)، لأن الهدف يحتاج إلى ذخيرة انفجارية شديدة وأكثر فاعلية”.

واستطرد: “الهدف المراد ضربه محصن تحصينا شديدا وعلى مسافة كبيرة تحت الأرض، واستخدام هذه القاذفات تؤدي إلى هذا الغرض”.

وعن مستقبل المواجهات، رجح الذهب أن “الولايات المتحدة ستضاعف الهجمات على الحوثيين وتركز بشكل أكبر على تحركات الجماعة خارج العاصمة صنعاء”.

وتابع مبينا: “أي استهداف مناطق إعداد وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة في المحافظات خصوصا تعز (جنوب غرب)، والحديدة وريمة (غرب)، والبيضاء (وسط)، والمناطق القريبة من البحر الأحمر”.

** تصعيد متوقع

المواجهات بين التحالف الغربي والحوثيين “ربما مرشحة للتصعيد”، هكذا بدأ الباحث في المركز الشرق أوسطي للأبحاث بجامعة كولومبيا عادل دشيلة حديثه للأناضول.

وأردف أن “الإدارة الأمريكية ستحافظ على مصالحها في نهاية المطاف إذا استمر الحوثيون في هجماتهم في البحر الأحمر، وأيضا إدارة الرئيس القادم دونالد ترامب قد تنتهج نفس النهج”.

واعتبر دشيلة أن الهجمات الأمريكية الأخيرة هي “عمليات استباقية للضغط على جماعة الحوثيين وتدمير قدراتهم العسكرية”.

وبشأن مستقبل المواجهات، اعتبر أنه “لا مؤشر إيجابي لتوقف العمليات العسكرية، فالحوثيون بوصفهم ذراعا مرتبطا بمحور إقليمي واضح أنهم ينتهجون نفس السياسة أو نفس الاستراتيجية الإيرانية”.

وتابع: “في حال توصل الأمريكيون مع الإيرانيين إلى صفقة أو ما شابه ذلك، ستوقف الجماعة الحوثية هجماتها، أما إذا استمر التصعيد فالحوثي عبارة عن جزء من محور سيستمر في التصعيد”.

** غزة ولبنان
أما الصحفي المقيم في صنعاء أحمد فوزي فاعتبر أن “ما حدث قبل أيام من استهداف حاملة الطائرات ’إبراهام لينكولن’ يعد تطورا لصالح العمليات اليمنية”.

وزاد في حديث للأناضول، أن “البارجة الأمريكية اختارت أن يكون تمركزها بعيدا جنوب البحر العربي، لذلك تمثل هذه العملية (استهدافها) تطورا نوعيا وضربة استباقية مهمة تُحسب لليمن”.

واعتبر فوزي أن “تطور العمليات اليمنية ونجاحها خلال قرابة عام في إسقاط 12 طائرة تجسس أمريكية من نوع MQ9، ولّدا مخاوف فعلية لدى واشنطن”.

و”هذه النجاحات اليمنية ربما دفعت القوات الأمريكية لاستخدام طائرات ’إف 35’ في قصف اليمن، إما لقدراتها العالية على التخفي أو في سياق محاولات كشف القدرات الدفاعية لدى القوات اليمنية”، حسب فوزي.

وشدد على أن “وقف عمليات إسناد غزة في البحر الأحمر مرهون بإيقاف العدوان ورفع الحصار عن غزة ولبنان، والحوثيون يستمدون قوتهم من زخم التأييد الشعبي اليمني”.