شددت كل من تركيا وروسيا وإيران، الدول الضامنة لمسار أستانة بشأن سوريا، على عزمها مواصلة العمل معاً في قضايا الوقوف ضد الأجندات الانفصالية التي تهدد الأمن القومي لدول جوار سوريا.
وانتهت، الثلاثاء، في العاصمة الكازاخستانية أستانة، اجتماعات أستانة 22 حول سوريا بمشاركة الدول الضامنة تركيا، روسيا، إيران، ووفدي النظام والمعارضة فضلا عن منظمات دولية ودول مراقبة.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية أن الاجتماع بحث انعكاسات التطورات الإقليمية على سوريا، إضافة إلى الوضع الأمني والإنساني والاقتصادي ميدانياً وجهود مكافحة الإرهاب.
وركزت الاجتماعات على مدار يومي 11 و12 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، على إمكانية تنشيط العملية السياسية، التي تعتبر السبيل الوحيد لتحقيق حل شامل للصراع في سوريا.
وخلال الجلسة العامة التي جمعت كافة الأطراف، قرأ نائب وزير الخارجية الكازاخي علي بيك باكاييف البيان المشترك للدول الضامنة.
وأكد البيان على الدور الريادي لمسار أستانة في الوصول لحل دائم للأزمة السورية.
– دعوة لوقف عاجل لإطلاق النار بغزة
وأدان البيان بشدة مجازر إسرائيل المستمرة في قطاع غزة، وهجماتها الوحشية، واعتداءاتها في لبنان والضفة الغربية، معربًا عن قلقه العميق إزاء ذلك.
وقال: “نوجه نداء إلى المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن لضمان وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة دون عوائق”.
ودعا البيان إلى وقف عاجل لإطلاق النار في لبنان، مضيفًا: “نؤكد ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، كما نؤكد ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى لبنان الذي يعاني من مقتل عدد كبير من المدنيين فضلَا عن تدمير البنية التحتية على نطاق واسع”.
وأعرب عن قلقه من استهداف القوات المسلحة الإسرائيل عن عمد، قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان “يونيفيل”.
وتطرق البيان إلى الجهود المبذولة لاستقبال مئات الآلاف من الأشخاص الذين أجبروا على الهجرة من لبنان إلى الأراضي السورية، وقال: “تقرر مواصلة المشاورات من أجل منع التداعيات السلبية للممارسات الإسرائيلية في جميع أنحاء المنطقة”.
وأقر البيان بالتأثير السلبي لتصاعد العنف في الشرق الأوسط على الوضع في سوريا، مشددًا على الضرورة الملحة لتطوير استجابة عاجلة بخصوص الذين أجبروا على القدوم من لبنان إلى الأراضي السورية، من قبل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ووكالات الأمم المتحدة وجميع جهات الإغاثة الإنسانية.
– قلق من توسيع إسرائيل للصراع في المنطقة
وأكد البيان القلق الكبير بشأن مساعي إسرائيل لتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، وأدان الهجمات الإسرائيلية على القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بالعاصمة السورية دمشق في 1 أبريل/ نيسان 2024، والأراضي الإيرانية.
وأشار إلى ضرورة تكثيف الجهود من أجل تهيئة الظروف الملائمة وضمان الاستقرار من أجل تجاوز تداعيات الأزمة في سوريا.
وقال: “تم التأكيد على أهمية مواصلة الجهود حيال إعادة العلاقات بين تركيا وسوريا على أساس الاحترام المتبادل والنوايا الحسنة وعلاقات حسن الجوار من أجل مكافحة الإرهاب، وتهيئة الظروف المناسبة من أجل عودة آمنة وطوعية وكريمة للسوريين بمشاركة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وإعادة إحياء العملية السياسية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية لكافة السوريين دون عوائق، كما تم التأكيد على أهمية استمرار التواصل بين تركيا وسوريا، على أساس الالتزام الكامل بمبدأ احترام وحدة وسلامة أراضي وسيادة البلدين”.
– العزم على الوقوف ضد الأجندات الانفصالية
وشدد البيان على تصميم الأطراف على مواصلة العمل معًا لمكافحة جميع أشكال ومظاهر الإرهاب ومعارضة الأجندات الانفصالية التي تقوض سيادة سوريا ووحدة أراضيها وتهدد الأمن القومي للدول المجاورة، بما في ذلك الهجمات والتسلل عبر الحدود.
وأدان أعمال الجماعات الإرهابية بما في ذلك الهجوم على مبنى شركة صناعات الطيران والفضاء “توساش” في أنقرة يوم 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وجميع الجماعات الإرهابية التي تعمل تحت مسميات مختلفة في مناطق متفرقة من سوريا وتتسبب في سقوط قتلى من المدنيين عبر استهداف المنشآت المدنية.
وشدد على ضرورة تطبيق كافة القرارات المتخذة بشأن الشمال السوري، مبينًا أنه تم استعراض الوضع بالتفصيل في منطقة خفض التصعيد بإدلب.
وأكد ضرورة الحفاظ على الهدوء الميداني من خلال التطبيق الكامل لجميع الاتفاقيات المتعلقة بإدلب، لافتًا إلى “وجود مخاوف جدية بشأن وجود وأنشطة الجماعات الإرهابية التي تهدد المدنيين داخل وخارج منطقة خفض التصعيد في إدلب”.
وشدد البيان على رفض جميع محاولات خلق واقع جديد على الأرض تحت ستاري مكافحة الإرهاب ومبادرة الانتخابات المحلية، على رأسها محاولات الحكم الذاتي غير الشرعية في شمال شرقي سوريا (في المناطق التي يحتلها تتظيم بي كي كي/ واي بي جي الإرهابي).
وأردف: “نؤكد مجددا تصميمنا على مواجهة الأجندات الانفصالية التي تهدف إلى إضعاف وحدة سوريا وتهديد الأمن القومي لدول الجوار، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود القادمة من غرب نهر الفرات وعمليات التسلل”.
وأعرب البيان عن القلق البالغ إزاء كافة أنواع المظالم التي ترتكبها الجماعات الانفصالية بحق المدنيين في شرق الفرات، بما في ذلك التجنيد القسري الذي أدى إلى نشوب صراعات مع العشائر العربية، وقمع التظاهرات السلمية، والممارسات التمييزية في مجال التعليم وفرض المناهج، والقيود المفروضة على الأنشطة السياسية والصحفيين والحق في التجمع وحرية التنقل.
وأدان البيان أي جهد تقوم به أي دولة لتحريض التطلعات الإرهابية والانفصالية لمجموعات سكانية عرقية ودينية معينة وتسليحهم.
وأعربت الأطراف عن قناعتها بعدم وجود أي حل عسكري في سوريا، وأكدت من جديد التزامها بالدفع قدما بعملية سياسية مستدامة لحل النزاع، بإشراف الأمم المتحدة، يقودها السوريون وتتفق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وشدد البيان على أهمية دور اللجنة الدستورية السورية في تعزيز الحل السياسي، ودعا اللجنة إلى استئناف عملها في أسرع وقت ممكن وعقد الجولة التاسعة للجنة الصياغة.
وتم التأكيد على أهمية مواصلة إيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع إلى جميع السوريين، وأشار إلى أنّ حكومة النظام السوري “سمحت باستخدام معابر تركيا مع الشمال السوري من أجل دخول مساعدات الأمم المتحدة”.
وشدد البيان على ضرورة تسهيل العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين والنازحين إلى أماكن إقامتهم في سوريا، ومواصلة الجهود لتهيئة الظروف اللازمة في سوريا لعودة السوريين الطوعية والكريمة.
وذكر البيان أنّ الأطراف اتفقت على عقد القمة الثلاثية المقبلة في روسيا، وعقد الجولة الـ 23 من محادثات مسار أستانة في النصف الأول من عام 2025.
وانطلقت الاثنين في العاصمة الكازاخستانية أستانة، اجتماعات أستانة 22 حول سوريا بمشاركة الدول الضامنة تركيا، روسيا، إيران، ووفدي النظام والمعارضة فضلا عن المنظمات الدولية والدول المراقبة.
ومثل تركيا في المحادثات وفد برئاسة السفير إحسان مصطفى يورداكول مدير عام العلاقات الثنائية السورية في وزارة الخارجية.
وترأس الوفد الروسي الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، فيما يترأس الوفد الإيراني علي أصغر حاجي، مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية.
وشارك في الاجتماعات وفد النظام الذي يرأسه نائب وزير الخارجية أيمن رعد، فيما يرأس وفد المعارضة أحمد طعمة، بالإضافة إلى الوفد الذي يرأسه الممثل الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون.
وشارك في الاجتماعات أيضا ممثلون عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والصليب الأحمر الدولي، كما يحضر مراقبون من الأردن ولبنان والعراق.
ومحادثات صيغة أستانة تهدف إلى حل الأزمة السورية، وتركز على الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل شامل في ظل الوضع الإقليمي المحيط بها، والوضع الإنساني والحالي في البلاد.
وبدأت محادثات أستانة في 2017، برعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية في سوريا.