الخميس 23 رجب 1446 ﻫ - 23 يناير 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد الإطاحة بالأسد.. هل ينجح السوداني في تقليل الاعتماد على إيران وتعزيز السيادة العراقية؟

يعمل رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على استغلال الدعم الأمريكي والدولي للابتعاد عن الهيمنة الإيرانية والتخلص من نفوذ الأحزاب السياسية المرتبطة بها، في ظل تراجع نفوذ إيران في المنطقة، خاصة في سوريا ولبنان.

وكشفت مصادر متطابقة من داخل العملية السياسية العراقية استغلال السوداني المتغيرات الإقليمية لتحجيم دور الأحزاب السياسية التي ترتبط بشكل مباشر بإيران، بما فيه تحالف “الإطار التنسيقي”، ومن ثم تحجيم النفوذ الإيراني المسيطر على القرار العراقي واستقلاليته.

ويرى خبراء أن تحركات وتصريحات رئيس الحكومة، ما بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، تشير إلى ارتياح كبير للتغيرات الجارية في المنطقة، والاتكاء على توجه المجتمع الدولي للحد من النفوذ الإيراني في العراق باعتبار ذلك فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب سياسية لم يكن السوداني قادراً على تحقيقيها قبيل انهيار الأسد.

وقال مصدر مطلع لـ “إرم نيوز” إن “السوداني منذ أكثر من عام ونصف العام حاول استغلال الارتياح الشعبي لحزمة الخدمات التي تقدمها حكومته بهدف التخلص من سطوة الإطار التنسيقي؛ وهذا ما دفع أطرافاً فاعلة في الإطار لمحاربته، وأدى إلى خلافات كبيرة بينه وبين رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي”.

وأضاف أن “السوداني سيجري مع فريقه حراكاً واسعاً خلال المرحلة المقبلة للانفصال بشكل صارخ عن حلفاء إيران الذين أوصلوه إلى السلطة في عام 2022، مستغلاً الدعم الأمريكي والإقليمي اللامحدود الذي سيتم تقديمه إذا أقدم على هذه الخطوة”.

وتتمتع إيران منذ ما بعد عام 2003 بنفوذ واسع في العراق، منه بشكل مباشر عبر قائد الحرس الثوري السابق، قاسم سليماني، وخليفته اليوم، إسماعيل قآاني، والآخر غير مباشر عبر الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة الموالية لطهران.

وسعت حكومات عراقية، مثل حكومة حيدر العبادي، 2014-2018، ومصطفى الكاظمي، 2020-2022، إلى التخلص من السطوة الإيرانية، إلا أن الشخصيتين فشلتا في تحقيق أهدافهما، حيث “كانت إيران تتمتع بنفوذ واسع بمحاصرة العراق من خلال سوريا، واللعب على ورقة التنظيمات الإرهابية”، بحسب المحلل السياسي، عبد الله العائدي.

ويقول العائدي، إن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يواجه تحدياً معقداً في محاولة التخلص من النفوذ الإيراني المتجذر في العراق والرغبة في تعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية التي تمكنت طوال أشهر عديدة من منع الضربة الإسرائيلية على العراق بانتظار إقدام السوداني على إجراء ثورة داخلية ضد النفوذ الإيراني”.

وأكد أن “وجود إيران في سوريا كان بالأساس لتعزيز نفوذها ليس في العراق فحسب بل في المنطقة أجمع، ومع فقدان سوريا سيكون هناك مزيد من الضغط على وجودها في العراق، وزيادة عزلتها دوليًا”.

وبين العائدي أن “إيران ترى العراق كجزء من عمقها الاستراتيجي، ولن تسمح بسهولة بخروج العراق من دائرة نفوذها، وهذا سيشكل تحدياً كبيراً أمام السوداني، الذي ظهرت خطواته نحو التخلص من النفوذ الإيراني”.

ويمنح سقوط الأسد فرصة كبيرة للعراق لإعادة التموضع، عبر استغلال أي فراغ إقليمي لتقليل الاعتماد على إيران وتعزيز علاقاته مع الأطراف الدولية الأخرى، فضلاً عن إمكانية تقديم نفسه كلاعب توازن إقليمي إذا لعب أوراقه بشكل صحيح.

ويقول الأكاديمي والخبير الاستراتيجي، د. حيدر المعيني، إن “العراق يعتمد على في قطاعات حيوية مثل الطاقة والتجارة؛ ما يعقد أي محاولة لفك الارتباط بشكل كامل، لكن ما يجري اليوم على الساحة السياسية يعد فرصة ذهبية لرئيس الوزراء لترميم العلاقات مع المجتمع الدولي والإبحار بعيداً عن طهران”.

وأضاف أن “خطوات السوداني يمكن تحقيقها إذا تمكن من كسب المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة ودول الخليج، التي لديها مصلحة في رؤية عراق مستقل ومستقر قادر على المساهمة في استقرار المنطقة”.

وأشار إلى أن “هناك فرصاً أمام حكومة السوداني للاستفادة من الدعم الدولي، من خلال العمل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والاستثمارات الخليجية والدولية التي يمكن تعزيزها بعلاقات متوازنة ومتينة مع دول مثل السعودية والإمارات يمكن أن تساعد في تطوير البنية التحتية والطاقة”.

وكثف رئيس الوزراء العراقي خلال الأيام القليلة الماضية حراكه الدبلوماسي واتصالاته وزياراته للعديد من الدول العربية والأجنبية، في محاولة منه لكسب الدعم الدولي للمضي بحزمة الإصلاحات والتغييرات السياسية.

تقليل النفوذ
الكاتب والمحلل السياسي الكردي، سامان هيمن، يرى أنه من الناحية النظرية يمكن للسوداني تقليل النفوذ الإيراني عبر الاستفادة من الدعم الدولي.

وقال، إن ذلك يمكن تحقيقه إذا “عزز سيادة الدولة العراقية بعيداً عن الفصائل المسلحة والنفوذ الخارجي، وركز على الإصلاحات الاقتصادية والسياسية لكسب الدعم الشعبي، وتبنى سياسة خارجية متوازنة تراعي مصالح العراق مع القوى الدولية والإقليمية”.

كل ذلك يتطلب، بحسب هيمن، “شجاعة سياسية، ورؤية استراتيجية، وتحالفات داخلية ودولية قوية، وهو أمر ليس سهلاً في بيئة عراقية معقدة ومتشابكة”.

ورجح “انتهاء الدور الإيراني في العراق قريبا، بسبب الغليان الشعبي الرافض للأحزاب الموالية لإيران، والفصائل والميليشيات جراء الفشل في إدارة البلاد، فضلاً عن الضغوط الأمريكية والأوروبية والعربية لتخليص البلاد من نفوذها”.

    المصدر :
  • إرم نيوز