قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها، إنه وبعد أشهر من القتال العنيف وسقوط آلاف الضحايا الروس والأوكرانيين، انتهت المعركة من أجل باخموت بشرق أوكرانيا بشكل أساسي في الوقت الحالي، حيث تسيطر تشكيلات موسكو على المركز الصناعي، بينما تحاول قوات كييف الضغط على جوانب المدينة.
لكن ما سيحدث بعد ذلك بالنسبة لروسيا، التي قالت إنها تهدف إلى الاستيلاء على منطقة دونباس الشرقية بأكملها، “غير واضح”.
ماذا بعد باخموت؟
قبل معركة باخموت، كانت موسكو تأمل في استثمار الاستيلاء على باخموت كنقطة انطلاق نحو المدن الكبرى في دونباس مثل “كراماتورسك وسلوفيانسك”، لكن يبدو أن هذا الهدف بعيد المنال في الوقت الحالي.
ويقول محللون عسكريون لـ”نيويورك تايمز” إن القوات الروسية مستهلكة بعد تكبدها خسائر فادحة في تأمين باخموت.
وجعلت روسيا من باخموت هدفا رئيسيا لهجوم ضخم فشل في تحقيق أي مكاسب على الأرض في أي مكان آخر، بينما دربت أوكرانيا تشكيلات جديدة “مسلحة ومجهزة من قبل الغرب” ومن المتوقع أن تشن هجوما مضادا أوسع في مكان ما على طول خط المواجهة الذي يبلغ طوله 600 ميل تقريبا.
وقال المحلل العسكري في معهد أبحاث السياسة الخارجية، روب لي، “من المرجح أن تركز روسيا بشكل أساسي على الدفاع والاستعداد للهجوم المضاد لأوكرانيا”.
وفي الجنوب، الذي يتوقع بعض المحللين العسكريين أنه سيكون محور الهجوم الأوكراني، حفرت القوات الروسية شبكة معقدة من خطوط الخنادق الأولية والثانوية وحقول الألغام لإحباط أي تقدم أوكراني.
ويقول المحللون إنه إذا تمكنت أوكرانيا من استعادة الأراضي، فإن ذلك قد يمنح القوة الجوية الروسية الأكبر بكثير “اليد العليا”، مع تقدم القوات الأوكرانية، خارج نطاق دفاعاتها الجوية.
وفي الجنوب الغربي، تحتفظ أوكرانيا الآن بمدينة خيرسون الساحلية الجنوبية بعد استعادتها في نوفمبر.
ولكن نظرا لأن نهر دنيبرو يمثل حدودا طبيعية، يمكن لوحدات المدفعية الروسية قصف المدينة من الجانب الشرقي.
وفي الشمال، توغلت وحدات تدعمها أوكرانيا نحو الحدود الروسية في الأيام الأخيرة، واستولت على مجموعة صغيرة من الأراضي فيما يعتبر خطوة دعائية تهدف لإحراج الكرملين بعد الاستيلاء على باخموت، وفق “نيويورك تايمز”.
تكلفة كبيرة
جاءت معركة باخموت بتكلفة كبيرة لروسيا وأوكرانيا وستؤثر بشكل كبير على ما سيأتي بعد ذلك، حسب “نيويورك تايمز”.
وتعرضت روسيا وأوكرانيا لخسائر ضخمة في الرجال والعتاد، خلال القتال على المدينة الصغيرة نسبيا والمدمرة حاليا، والتي كان عدد سكانها قبل الحرب أكثر من 70 ألف نسمة.
Bakhmut.
Satellite images.
The first – May 2022.
The second – May 2023.
This is not the result of an earthquake, nor of a meteorite hitting the Earth, nor of a volcanic eruption.
It is much worse… the "russian world" came to Bakhmut. pic.twitter.com/MhvgTI0RJC— Defense of Ukraine (@DefenceU) May 17, 2023
وقال مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث “سي أن إيه” في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، “المعركة من أجل باخموت أقل أهمية من حيث الأراضي وأكثر في تأثيرها على كلتا القوتين وما تكشف عنه”.
وهُزمت القوات الروسية على ثلاث جبهات العام الماضي، وذلك حول العاصمة كييف، وفي منطقة خاركيف “الشمالية الشرقية” وفي خيرسون، وتعمل موسكو حاليا على رعاية تشكيلاتها المنهكة ومعالجة المصابين بعد قتال وحشي في باخموت.
وعلى جانب آخر، حققت القوات الأوكرانية خلال الأيام الأخيرة، مكاسب صغيرة في شمال وجنوب باخموت، مما جعل قواتها في وضع أفضل لمنع القوات الروسية من التقدم أكثر.
وتكبدت موسكو وكييف خسائر فادحة في باخموت، والتي دمرها القتال إلى حد كبير، ولم تُعرف بعد توابع المعركة بشكل كامل، سواء من حيث إجمالي الخسائر في كلا الجانبين أو كمية المعدات أو الذخيرة التي فقدت أو دمرت.
وتشير التقديرات الغربية في وقت مبكر من هذا العام إلى أن عدد القتلى والجرحى في روسيا يصل إلى حوالي 200 ألف منذ بدء الغزو في فبراير ٢٠٢٢، ويعتقد أن خسائر أوكرانيا مماثلة.
وكانت باخموت أيضا مسرحا لصراع مفتوح بين قائد مجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوجين، وهيئة الأركان العامة الروسية، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
ووجه بريغوجين، شتائم وإهانات لمسؤولين عسكريين متهما إياهم بعدم تزويد رجاله الذخيرة الكافية بهدف إضعافهم، ولاحقا تعهد بسحب مقاتليه من المدينة وتسليم دفاعها إلى الجيش الروسي، ما قد يتسبب في “تغيير غير منظم للقوات”.