قالت مصادر ومحللون: “إن تحالف أوبك+ لن يكون لديه مجال كبير للمناورة حين يجتمع في ديسمبر/ كانون الأول لأن زيادة الإنتاج ستكون محفوفة بالمخاطر نتيجة ضعف الطلب، وزيادة خفض الإمدادات ستكون صعبة لأن بعض الأعضاء يريدون ضخ المزيد”.
وأرجأت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها بقيادة روسيا، المجموعة المعروفة باسم أوبك+ التي تضخ نحو نصف نفط العالم، بالفعل خطة لزيادة الإنتاج تدريجيا بضعة أشهر هذا العام.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على المناقشات في أوبك+ إن التحالف قد يؤخر زيادات الإنتاج مرة أخرى حين يجتمع في الأول من ديسمبر كانون الأول بسبب ضعف الطلب العالمي على النفط. وكان الوزراء قد أرجأوا الزيادة آخر مرة لمدة شهر حين اجتمعوا عن بعد في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني.
وقال أحد المصادر في أوبك+ والذي طلب عدم الكشف عن اسمه “لا أستطيع أن أقول إن (التأجيل) يحظى بتأييد واسع في المجموعة، لكن لن يكون هناك اعتراض قوي على التأجيل حتى الربع الأول”.
وقال مصدران آخران في أوبك+ إنه من السابق لأوانه الحديث عن القرار الذي ستتخذه المجموعة. ولم ترد أوبك أو مركز التواصل الحكومي السعودي على طلبات للتعليق.
وكانت أوبك+ تعتزم تقليص تخفيضات الإنتاج تدريجيا بزيادات صغيرة على مدى عدة أشهر في عامي 2024 و2025. لكن تباطؤ الطلب الصيني والعالمي، وارتفاع الإنتاج خارج المجموعة، جمد هذه الخطط.
ودفع هذا أوبك+ إلى الإبقاء على تخفيضات الإنتاج لفترة أطول مما كانت تعتقد. فقد خفضت المجموعة الإنتاج 5.86 مليون برميل يوميا، أو نحو 5.7 بالمئة من الطلب العالمي، في سلسلة من الخطوات المتفق عليها منذ عام 2022 لدعم السوق.
وعلى الرغم من خفض الإنتاج وإرجاء زيادته، ظلت أسعار النفط في الغالب في نطاق 70 إلى 80 دولارا للبرميل هذا العام.
وقالت مصادر إن السعودية حرصت على معالجة مسألة داخلية تتعلق بضعف الالتزام بأهداف الإنتاج من بعض أعضاء أوبك+، قبل المضي قدما في أي زيادة في الإمدادات.
وخفض بعض الأعضاء، منهم العراق، الإنتاج في الأشهر القليلة الماضية، لذا تحسن مستوى الالتزام. وقد يتيح هذا للمجموعة مجالا صغيرا لزيادة صغيرة منسقة في العرض ما دام الطلب يدعم ذلك.
لكن زيادة الإنتاج في سوق لا تشهد نموا كبيرا في الطلب قد تؤدي إلى إضعاف الأسعار. وهذا تكتيك قد تستخدمه أوبك+ للضغط على المنافسين لكنه قد يلحق الضرر أيضا بدول أوبك+ التي تعتمد على عائدات النفط.
ويحتاج كثيرون من أعضاء أوبك إلى سعر يزيد عن 70 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانياتهم، ولا يمكنهم تحمل فترة طويلة في ظل أسعار دون 50 دولارا للبرميل.
* احتمالات اشتعال “حرب أسعار” ضعيفة
أدى انخفاض حصة أوبك+ في السوق إلى تكهنات بأنها قد تشن عاجلا أم آجلا حرب أسعار لمواجهة المنافسين. وكانت آخر مرة فعلت فيها أوبك هذا في عامي 2014 و2015 حين رفعت الإنتاج للضغط على شركات النفط الصخري الأمريكية.
وتشير حسابات لرويترز مستقاة من أرقام وكالة الطاقة الدولية إلى أن إنتاج أوبك+ من النفط بلغ 48 بالمئة من المعروض العالمي، وهو أدنى مستوى منذ تأسيس المجموعة في 2016 حين كان حصتها السوقية تزيد على 55 بالمئة.
وأصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم بضخها أكثر من 20 مليون برميل يوميا أو ما يعادل خمس الإنتاج العالمي. ويبلغ إنتاج السعودية، أكبر منتج في أوبك، أقل من تسعة بالمئة من إجمالي النفط العالمي، في حين تضخ أوبك نحو 25 بالمئة.
وكان لحرب الأسعار في 2014 أثر كبير على منتجي النفط الصخري لكنها لم تتمكن من وقف الطفرة. وتمكن منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة وغيرهم من المنتجين من خفض التكاليف بمرور الوقت، مما يجعل من الصعب على أوبك+ الفوز بمعركة جديدة.
ويبلغ متوسط تكلفة إنتاج النفط من الحقول البرية في الشرق الأوسط 27 دولارا للبرميل، وفقا لشركة ريستاد إنرجي للاستشارات. بينما تقدر الشركة تكلفة إنتاج البرميل في أمريكا الشمالية عند 45 دولارا، انخفاضا من 85 دولارا في 2014.
وقال ألدو سبانجر من بي.إن.بي باريبا، الذي يقدر فرصة اندلاع حرب أسعار عند 20 بالمئة فقط، “يجب أن يصل سعر النفط الخام إلى أقل من 40 إلى 45 دولارا لتقليص المعروض من خارج أوبك بشكل كبير”.
وقد يزيد من صعوبة فوز أوبك بحرب أسعار اتجاه الشركات العاملة في قطاع النفط بالولايات المتحدة إلى دمج أعمالها. فخلال العامين الماضيين، اشترت شركات نفط أمريكية كبرى مثل إكسون موبيل وشيفرون بعض أكبر منتجي الخام الصخري، بفضل امتلاكها موارد مالية كبيرة ومحافظ استثمارية متنوعة.
وقال ريتشارد برونز من إنرجي أسبيكتس “نظم أن التكهنات حول حرب إمدادات محتملة مبالغ فيها. وعلى عكس ما حدث في عامي 2015 و2016، تدرك المجموعة أن إنتاج الولايات المتحدة والإنتاج من خارج أوبك لن ينخفض بسرعة”.
* التخفيضات الأكبر في الإنتاج غير مرجحة أيضا
قال محللون في ماكواري إن احتمالات زيادة إنتاج أوبك+ في النصف الأول من 2025 تبدو ضعيفة نظرا للتراجع الموسمي في الطلب.
ومن غير المرجح أيضا زيادة تخفيضات الإنتاج لأن عدة أعضاء في أوبك+ يدفعون باتجاه ضخ المزيد من النفط وليس خفض الإنتاج.
وتعد الإمارات، التي تقول إنها أبقت الإنتاج عند ما يقرب من ثلاثة ملايين برميل يوميا لفترة طويلة جدا وهو أقل بكثير من طاقتها الإنتاجية، من بين أبرز الداعمين لهذا الاتجاه.
وقالت مصادر من أوبك+ إن الإمارات حصلت بالفعل على حصة إنتاج أكبر لعام 2025، وأي تأخير في زيادة الإنتاج سيتطلب معالجة هذه المسألة. ويسعى العراق أيضا إلى زيادة حصته.
وقال والت تشانسلور من ماكواري “نعتقد أن زيادة التخفيضات، والتي قد تكون ضرورية لدعم أسعار النفط العام المقبل، من الصعب تقبلها على الأرجح”.