لا تزال فضيحة التسريبات التي طالت مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتفاعل في الشارع الإسرائيلي.
أما جديدها، فما كشفته محكمة الصلح في ريشون لتسيون، مؤخرا من تفاصيل تتعلق بمسؤول في مكتب نتنياهو وضابط عسكري يشتبه في قيامهما بتسريب وإساءة التعامل مع وثائق استخباراتية سرية لوسيلة إعلامية أجنبية.
فقد أعلن القاضي في حكمه، أمس الأحد، أن التسريبات هدفت إلى التأثير على الرأي العام الإسرائيلي بطريقة من شأنها أن تقلل الضغط الشعبي على نتنياهو لدفعه إلى التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس يفضي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وينهي الحرب في غزة. ورأت المحكمة أن تسريب تلك المعلومات السرية أتى بقصد الإضرار بأمن الدولة، وهي جريمة تجسس خطيرة يعاقب عليها بالسجن مدى الحياة.
كما طلبت النيابة العامة من المحكمة تمديد اعتقال مساعده إليعازر فيلدشتاين، والضابط العسكري الذي لم يتم الكشف عن اسمه علنا، بعد أن اعتقلا الشهر الماضي مع جنديين آخرين على الأقل، محتجزين رهن الإقامة الجبرية.
إلى ذلك، كشف التحقيق مع فيلدشتاين أنه شارك وثيقة سرية مع وسائل إعلام أجنبية للتأثير على الرأي العام في إسرائيل ضد الاحتجاجات الداعمة لصفقة إطلاق سراح الأسرى، بحجة أن المظاهرات تضر بالمفاوضات وتساعد حماس.
كما بين أن الوثيقة أرسلت إلى صحيفة “بيلد” الألمانية عبر طرف ثالث مرتبط بمكتب رئيس الوزراء، وكشف أن جندي احتياط، تم تحديده كأحد المشتبه بهم الرئيسيين إلى جانب فيلدشتاين، قدم وثيقة ثانية ذات تصنيف أمني، وأرسل الملف إلى فيلدشتاين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقام الأخير بعد ذلك بتمريره إلى صحافي في القناة 12.
لكن الصحافي أحالها إلى الرقابة العسكرية التي منعت النشر، فمان كان من فيلدشتاين إلا أن أرسلها إلى صحيفة “بيلد” لنشرها.
في الوقت نفسه، نبه فيلدشتاين صحافيين إسرائيليين وحثهم على نشر المقال بمجرد ظهوره في صحيفة “بيلد”.
لكن وسط تنامي شكوك وسائل الإعلام الإسرائيلية حول مصداقية تلك الوثيقة، طلب فيلدشتاين من جندي الاحتياط الملف الأصلي.
فقدمه الجندي مع وثيقتين سريتين إضافيتين، كاشفا أن مساعد نتنياهو ادعى أن المواد طلبها رئيس الوزراء للتحقق منها.
إلى ذلك، كشفت المحكمة أن فيلدشتاين تلقى الوثائق في يونيو الماضي، لكنها نشرت في 31 أغسطس تقريبًا، بالتزامن مع مقتل ستة محتجزين إسرائيليين، هم ألموغ ساروسي، وأليكس لوبانوف، وكرمل جات، وإيدن يروشالمي، وأوري دانينو، وهيرش غولدبرغ بولين، وفق ما أفادت صحيفة “هآرتس”.
ووسط احتجاجات إسرائيلية واسعة النطاق على تعامل الحكومة مع صفقة الأسرى، زُعم أن فيلدشتاين شارك تلك الوثائق لإعادة توجيه الخطاب العام، وإلقاء اللوم على زعيم حماس يحيى السنوار.
يشار إلى أن التحقيق في تلك القضية انطلق بعد إحالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتزل هاليفي إلى الشاباك إثر اكتشاف تسريب من قبل إدارة أمن المعلومات في الجيش.
وكانت إيناف زانجوكر، والدة متان المحتجز في غزة، انتقدت بشدة تلك التسريبات قائلة: “بينما يتعفن متان وآخرون داخل الأنفاق في غزة، نفذت عصابة نتنياهو عملية غير قانونية ضد صفقة إطلاق الأسرى وضد عائلاتهم، لمساعدة العدو وتعريض أمن الدولة للخطر”.
ومنذ أشهر يضغط آلاف الإسرائيليين، لاسيما أهالي الأسرى المحتجزين في القطاع الفلسطيني منذ العام الماضي على الحكومة الإسرائيلية من أجل صفقة تفضي إلى تبادل الأسرى مع حماس ووقف الحرب، إلا أن نتنياهو أكد أكثر من مرة أنه ماضٍ في خططه من أجل القضاء على الحركة، رافضاً الانسحاب التام من غزة.