ردت برلين بغضبٍ، الإثنين 6 مارس/آذار 2017، على اتهامات الرئيس التركي لها باعتماد سياسة شبيهة بـ”ممارسات النازية”، في آخر تطورات الخلاف بين البلدين إثر منع تجمعات تدعم رجب طيب أردوغان في مدن ألمانية.
وتأتي هذه التوترات السياسية لتفاقم علاقات صعبة أصلاً، حيث إن أنقرة لم تعجبها انتقادات ألمانيا في الأشهر الأخيرة بشأن احترام حرية التعبير وحقوق المعارضة، بعد حملة طرد وتسريح شنها النظام التركي إثر انقلاب فاشل منتصف يوليو/تموز 2016.
لكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عادت ودعت إلى الهدوء.
وقال المتحدث باسم ميركل ستيفن سيبرت: “لشريكنا التركي أقول: لنكن منتقدين عند الضرورة، لكن يجب ألا ننسى أهمية شراكتنا وعلاقتنا الوثيقة. ويجب أن نلزم الهدوء”.
وأضاف: “نحن نرفض تشبيه سياسة ألمانيا الديمقراطية بالسياسة القومية الاشتراكية. وبشكل عام، المقارنة مع النازية هي دائماً عبثية وغير لائقة؛ لأنها تساوي التخفيف من جرائم ضد الإنسانية ارتكبها النظام القومي الاشتراكي”.
مخاوف ألمانية
وقال أردوغان أيضا إنه مستعد للقيام بالحملة في الأراضي الألمانية وإذا منعته السلطات الألمانية من ذلك “فسيقلب الدنيا رأساً على عقب”.
ومن شأن هذه التصريحات أن تثير مخاوف ألمانيا التي تؤوي أكبر جالية تركية في العالم مع نحو 3 ملايين شخص يرتبط معظمهم بصلات وثيقة مع بلدهم الأم.
ودعت ألمانيا في الأشهر الأخيرة هذه الجالية إلى عدم توريد النزاعات التي تهز تركيا بين أنصار أردوغان ومعارضيه من جهة وبين النظام والأكراد من جهة أخرى، إلى ألمانيا.
وتعتبر الجالية التركية في ألمانيا مهمة للقوى السياسية في تركيا؛ لأنها تشكل خزاناً مهماً من الأصوات. وتقليديا يشكل الـ1.4 مليون ناخب تركي في ألمانيا قاعدة انتخابية أقرب لأردوغان.
وقال سينان يولغن رئيس مركز السياسات الخارجية والاقتصادية في إسطنبول: “إن نتيجة الاستفتاء لا تزال غير واضحة، وتحاول الحكومة اغتنام أي فرصة للحصول على مسب سياسي”.
وأضاف أن معظم الطبقة السياسية، بما فيها المعارضة، تنتقد منع التظاهرات السياسية في ألمانيا.
وألغت عدة بلديات ألمانية تجمعات انتخابية يشارك فيها وزراء أتراك، متعللة خصوصاً بصعوبات لوجيستية وعدم إبلاغها قدوم مسؤولين أتراك.
وتؤكد الحكومة الألمانية أنه لا دخل لها في هذه القرارات التي هي من صلاحيات البلديات وحدها. لكن أنقرة تعتبر برلين تقوم بحملة ضد أردوغان.
تصاعد التوتر
لكن هذا الملف ليس المصدر الوحيد للتوتر بين برلين وأنقرة.
وكانت العلاقات تدهورت إثر إيداع دينيز يوسيل، المراسل الألماني التركي لصحيفة دي فيلت الألمانية، الأسبوع الماضي، السجن بتهمة القيام بـ”دعاية إرهابية”.
وتتهم أنقرة، من جهتها، برلين، بانتظام، إيواء “إرهابيين”، سواء من أنصار حزب العمال الكردستاني أو انقلابيين مفترضين.
وتلقت ألمانيا في الأشهر الأخيرة آلاف طلبات اللجوء من مواطنين أتراك، بينهم عشرات الدبلوماسيين والعسكريين.
كما أن تركيا أبدت غضبها العام الماضي من تصويت البرلمان الألماني على قرار بشأن “إبادة الأرمن” في عهد الإمبراطورية العثمانية، وأيضاً بث قصيدة ساخرة ذات طابع جنسي حول أردوغان.
ورغم كل ذلك، كان يبدو قبل تصريحات أردوغان الأخيرة، أن الشريكين التاريخيين داخل الحلف الأطلسي قطعا خطوة نحو التهدئة إثر اتصال هاتفي، السبت، بين ميركل ورئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، وصفه الأخير بأنه كان “مثمراً”.
ومن المقرر أن يعقد وزيرا خارجية البلدين اجتماعاً الأربعاء.
كما أشارت وسائل إعلام ألمانية إلى أن وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، سيزور الثلاثاء الجالية التركية بهامبورغ في إطار حملة الاستفتاء التركي.
وتبقى تركيا شريكاً لا يمكن التخلي عنه لألمانيا، حيث إن دور أنقرة بالغ الأهمية، بحسب برلين، في وقف تدفق طالبي اللجوء على أوروبا.