كيف يغير انسحاب القوات الأوكرانية معادلة الصراع في دونباس؟

بالتزامن مع محاولات الرئيس الأمريكي جو بايدن- المنتهية ولايته – تعزيز قدرات الجيش الأوكراني في مواجهة الجيش الروسي، يبدو أن القوات الروسية توشك على حسم المعركة في الشرق الأوكراني، بعد إعلان كييف انسحاب قواتها من منطقتي أوسبينيفكا وترودوف شرق البلاد.

وبرر الجيش الأوكراني انسحابه من منطقتي أوسبينيفكا وترودوف في دونيتسك شرق البلاد، لتجنب محاصرتها من قبل القوات الروسية المتقدمة، حيث تواصل القوات الأوكرانية الدفاع على طول خطوط المواجهة رغم الضغوط الكبيرة من قبل القوات الروسية.

وقالت إن قرار الانسحاب جاء بتوجيه من القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية لتجنب حصار الوحدات، مشيرة إلى أن قواتها ستواصل عملياتها في منطقة كوراخوف-كونستانتينوبولسك.

في المقابل، أعلنت وزراة الدفاع الروسية، سيطرتها على قريتي أوسبينيفكا ونوفوبوستينكا في دونيتسك، إضافة إلى ترودوف التي تمت السيطرة عليها سابقًا، وأفاد فلاديمير روغوف، رئيس مجلس التنسيق لدمج المناطق الروسية الجديدة، بأن نحو 700 جندي أوكراني تم تطويقهم بالقرب من قرية رومانوفكا جنوب محور كوراخوفو، بينهم عناصر من القوات الخاصة.

وأشار روغوف إلى أن القوات المحاصرة تحاول التسلل عبر أوسبينوفكا ونهر سوخي يالي بعد رفض قياداتهم 8 طلبات للانسحاب، مؤكدًا أن الخيارات المتاحة أمامهم محدودة بين الاستسلام أو التصفية.

وعن تأثير انسحاب القوات الأوكرانية على مسار الحرب، أكد د. نبيل رشوان، المحل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن الجيش الأوكراني يعاني الآن من عدم القدرة على الصمود أمام القوات الروسية، حيث تسعى القوات الأوكرانية إلى تكبيد القوات الروسية ‏أكبر عدد من الخسائر، كما أن الغرب يهدف إلى استنزاف روسيا بدرجة كبيرة.

وقال الخبير في الشؤون الروسية، إن القدرات الروسية أجبرت أوكرانيا على الانسحاب من المناطق الشرقية أمام هجوم الجيش الروسي، وإن هذا القرار الأخير، يأتي خوفًا من تزايد الخسائر الأوكرانية في مناطق الشرق.\

وأشار رشوان إلى أن ‏عملية وقف إطلاق النار سوف تستغرق وقتًا بعد تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام سلطاته، بينما يتوجه المبعوث الأمريكي المختص بحل هذا النزاع إلى روسيا وأوكرانيا في جولة من التفاوض تستغرق بعض الوقت.

وتابع: “على أسوأ تقدير قد تخسر أوكرانيا لوغنستيك ودانيستيك ‏وتصل روسيا إلى الحدود الإدارية لتلك المناطق، وعلى الأغلب سيكون هذا هو الحل المتوقع أن تسيطر روسيا على تلك المناطق وتضممها لأراضيها، لكنها لن تستطيع السيطرة خلال تلك الفترة على هذه المناطق المذكورة”.

وشدد رشوان على أن الغرب يحاول ‏استنزاف روسيا بأكبر قدر ممكن، ‏كما استبعد أن يتحول مسار الحرب الروسية الأوكرانية إلى هزيمة أوكرانيا ودخول روسيا كييف، بينما يحتفظ الجانب الأمريكي لنفسه بأوراق ضغط على الجانبين الروسيي والأوكراني، حيث يتم ‏اللعب بورقة وقف إمداد أوكرانيا بالأسلحة حال امتناعها عن دخول المفاوضات وقبول الشروط التي يطرحها الأمريكان.

وأشار إلى أن الغرب يضغط على روسيا بورقة ‏تزويد أوكرانيا بالأسلحة بشكل مكثف حال تمسكت روسيا بأهدافها، وعدم تقديم تنازلات خلال عملية التفاوض، ‏فضلًا عن الضغوط الأمريكية على روسيا بفكرة زيادة إنتاج النفط الأمريكي حتى ينخفض سعر البترول، ما سيؤثر على روسيا بشكل كبير.

وأوضح المحلل السياسي، أن الأمر حتى الآن يعدُّ غاية في الصعوبة والتعقيد، بينما ينتظر الجميع وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وبالتالي تبدأ عملية التفاوض بشكل رسمي.

ومن جانبه، قال ديمتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن انسحاب القوات الأوكرانية من شرق البلاد يعني أن روسيا سوف تواصل التقدم والسيطرة على المزيد من المناطق وأبرزها الدونباس، كما أن هناك تقدمًا في عدة قرى مختلفة، وهذا يعني أن أوكرانيا سوف تخسر المناطق الشرقية في المقاطعات الأربعة، وقد تخسر المزيد من المناطق، ولفت إلي أن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أكد أن هناك فرضيه بإمكانية ضم مناطق جديدة للاتحاد الروسي.

وأضاف بريجع في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز”، أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي يفهم أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستكون سياسته مختلفة عن الرئيس الأمريكي جو بايدن فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، كما سيتم إجبار أوكرانيا على الجلوس إلى طاولة الحوار، وتسليم المقاطعات الأربعة وشبه جزيرة القرم، ما يعد فرضًا لواقع جديد وسياسة جديدة.

وتوقع بريجع أنه سيزداد التعاون الروسي الأمريكي في المجالات التجارية والعودة تدريجيًّا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كما كانت قبل عام 2022 في موضوع ملفات كثيرة، بالإضافة إلى تخفيف العقوبات عن روسيا ورفعها شيئاً فشيئًا، وهذا متوقع خلال الفترة المقبلة.