كشف رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، عن عزمه إطلاق قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، بهدف بناء الدولة ورأب الصدع وتقوية النسيج الاجتماعي، لكن هذه الخطوة أزعجت المجلس الرئاسي الذي يرعى منذ سنوات هذا الملف.
ووفقاً لبيان نشره البرلمان، قال صالح خلال لقائه، أمس السبت، مع عدد المشايخ والأعيان والحكماء بالمنطقة الغربية، إن القانون سيصدر “بعد حصيلة نقاشات وحوارات بين المكونات الاجتماعية والخبراء والمستشارين القانونيين وأصحاب الاهتمام بالشأن العام”.
وأضاف أن القانون “صيغ تحت مبادئ العدالة النزيهة وإحقاق الحق وجبر الضرر بتعويض المتضررين وإتمام المصالحة العرفية الاجتماعية والقانونية”، معتبراً أن تطبيق القانون “سيُنهي الكثير من القضايا العالقة، ويجمع أبناء الوطن على كلمة واحدة”.
وشدّد صالح على “ضرورة رأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين أبناء الوطن الواحد دون إقصاء أو تهميش، لإخراج البلاد من حالة الجمود والانقسام، والانطلاق نحو بناء دولة متقدمة وحصينة وعزيزة، تفتح فيه آفاق المشاركة في العمل أمام الجميع في غربه وشرقه وجنوبه من دون استثناء، بما يحقق طموحاتهم في تنمية مناطقهم وإعمارها وتحديثها وإدارتها بعيدا عن المركزية والبيروقراطية المعطلة للحياة”.
وأثارت محاولة البرلمان إدارة ورعاية ملف المصالحة انزعاج المجلس الرئاسي، الذي يقود هذه العملية منذ عام 2022، من دون تحقيق تقدمّ إيجابي بسبب عمق الخلافات السياسية والانقسام بين سلطتين تنفيذيتين.
وفي هذا السياق، طالب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، في رسالة وجهها إلى مكتب رئاسة البرلمان، نشرت اليوم الأحد، بإقرار قانون المصالحة الوطنية المحال من قبله منذ فبراير من العام الجاري، وفي الجلسة العامة المزمع عقدها غداً الاثنين.
وشدّد المنفي على ضرورة إقرار القانون من دون إجراء أي تعديلات عليه في جلسة شفافة صحيحة الانعقاد، موضحاً أن “طبيعة المرحلة الانتقالية لا تستلزم إصدار أي قوانين تمس حقوق الإنسان أو البنية الاقتصادية والمالية للدولة”، داعياً إلى العودة إلى الاتفاق السياسي والاحتكام إليه والتوقف عن الإجراءات الأحادية.
وملف المصالحة الوطنية يراوح مكانه منذ إطلاقه، بعدما فشلت كل محاولات المجلس الرئاسي، في جمع الأطراف المتنافسة والمتنازعة للحوار، في مؤتمر بمدينة سرت، بسبب انشغالات السياسيين وصراعهم على السلطة والنفوذ.
وبحسب مراقبين، فإن تغيّر الجهة الراعية للمصالحة الوطنية وإدارة هذا الملف من قبل البرلمان، لن يفيد في شيء، وأن الوضع سيبقى على ما هو عليه، بسبب رغبة وعمل كلّ الأطراف السياسية والكيانات العسكرية والميليشيات المسلحة، في بقاء هذا الوضع وعدم الانخراط في أيّ ملف قد يفقدهم مواقعهم ومقاعدهم.
والبرلمان والمجلس الرئاسي في علاقة قطيعة، منذ قرار الأخير في أغسطس الفائت، تغيير إدارة المصرف المركزي وتعيين محافظ جديد، وكذلك بسبب إقرار البرلمان قانون إنشاء المحكمة الدستورية في مدينة بنغازي، بدلاً من الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس.