الخميس 1 ذو القعدة 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

أزمة صرف الدولار مقابل الجنية في مصر تنذر بكارثة

تمر الأسواق المصرية، بوضع كارثي بسبب تأخر الحكومة المصرية في حل أزمة “صرف” العملة المحلية مقابل الأجنبية، والتي تفاقمت بشكل غير مسبوق مطلع العام الجديد، حيث صعد سعر صرف الدولار لأكثر من 70 جنيها بالسوق الموازية، في ظل تثبيت حكومي للسعر الرسمي عند نحو 30.80 جنيها مقابل العملة الأمريكية.

‌ويطالب تجار محليون ورجال أعمال كبار بينهم صاحب إمبراطورية “أوراسكوم” الاقتصادية مع أشقائه، الملياردير نجيب ساويرس، بتحريك سعر الصرف الرسمي إلى معدله بالسوق السوداء مؤكدا أن ذلك “يقضي على السوق الموازية”، متهما الحكومة بـ”التأخير كثيرا عن اتخاذ قرار تعويم الجنيه”.

‌وقال ساويرس: “التأخير في القرارات المطلوبة، مصيبة ستزيد من حجم الوضع الحرج الذي نحن فيه”، مضيفا: “وأي محاولة لعلاج ازدواجية سعر الصرف بعرض الدولار بسعر أقل من السوق السوداء لن يحالفها النجاح”.

‌وأكد أن “الصح هو البداية من سعر السوق السوداء”، متوقعا أنه “سينزل تدريجيا بعد وجود عرض، فكل من لديه سوف يوافق على البيع عبر القنوات الرسمية لو تساوى السعران”.

وأعرب الاستشاري الهندسي المصري، ممدوح حمزة، عن صدمته من حدوث “هبوط بنسبة 20 بالمئة من قيمة الجنيه بيوم واحد”، واصفا الأمر بأنه “غير طبيعي”؛ معتبرا أنه يفوق الحالة اللبنانية.

وتواجه السوق حالة من الضبابية، فلا أسعار محددة لأية سلعة، مع إحجام التجار عن البيع إلا بعد مراجعة أسعار الموزع والشركات، وسط عمليات تخزين واسعة للسلع حتى الوصول لأعلى سعر، وذلك في الوقت الذي توقفت فيه الجهات الرسمية عن تسعير الذهب الذي وصل سعر الجرام عيار 24 منه لـ4500 جنيه.

‌وتوقف الموقع الرسمي الخاص بنشر أسعار الذهب التابع للشعبة باتحاد الغرف التجارية عن تحديث أسعار الذهب منذ عدة أيام، فيما قالت “شعبة الذهب” باتحاد الصناعات المصرية، إن “أسعار الذهب المتداولة غير حقيقية، وأن هناك عمليات مضاربة خارجة عن قواعد السوق”.

‌وفي المقابل، يعيش المصريون حالة من الصدمة، وسط غموض السوق، وارتفاعات الأسعار التي لا تتوقف، وعجزهم عن توفير المستلزمات الأساسية لأبنائهم، وشكاواهم اليومية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وفق تقرير نشره موقع “عربي 21″.

ومن أمام الفرع الرئيسي لـ”بنك مصر” بمدينة الزقازيق شمال القاهرة، يتجمع مئات المصريين الذين يرغب بعضهم في إعادة تدوير ودائعهم بالبنوك، ويرغب آخرون في سحب تلك الودائع ووضع أموالهم في ملاذات أكثر أمنا.

‌‌وتتزايد المخاوف بشدة في الأسواق من قرار تعويم قد يصدر الخميس المقبل، حيث موعد اجتماع “لجنة السياسة النقدية” بالبنك المركزي المصري، التي من المرجح وفق خبراء على الأقل إن لم تتخذ قرارا بالتعويم، فإنها سوف ترفع سعر الفائدة.

وفي المقابل تقلل حكومة رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي، من حدة الأزمة، وتواصل تصريحاتها الإعلامية المؤكدة أن “الفترة المقبلة ستشهد استقرارا بالأسواق وضبطا للأسعار”.
وأشار المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، قبل أيام، لمجموعة الإجراءات لضبط أسعار السلع الأساسية والاستراتيجية، ومواجهة ارتفاع معدلات التضخم في ظل تراجع قيمة الجنيه.

بل إن السيسي، ذاته وخلال الاحتفال بعيد الشرطة، 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، قال إن “الحكومة طرحت رؤية لمعالجة أزمة الدولار”.

وعن حقيقة ما أثاره ساويرس، عن أضرار تأخير القاهرة في قرار “تعويم الجنيه” على السوق المحلية، تحدث الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، لـ”عربي21″، وأكد رفضه لـ”علاج ازدواجية سعر الصرف بعرض الدولار بسعر مماثل للسوق السوداء”، مبينا أسباب فشل ذلك المقترح في إنهاء أزمة غلاء وتسعير السلع وتوفيرها بعد ندرتها.

‌أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، يرى أنه “لا يوجد تأخير في قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية”، مضيفا: “وأرى أن المشكلة الرئيسية كامنة في شح المعروض الدولاري داخل الدولة المصرية”.

وأكد أن “المبادرات والإجراءات التي قدمتها الحكومة المصرية في أعقاب الأزمة التي بدأت فعليا عام 2020، وانتشرت بالفعل أوائل 2022، لم تكن بالإجراءات الكافية وكانت خيالية وغير واقعية إلى حد كبير”.

وتابع: “لو راجعنا مبادرة (جلب السيارات) للمصريين المقيمين بالخارج، ومبادرة (بيع الأراضي) للأجانب، وخلافها؛ سنجد أنها لم تؤت ثمارها على الأرض، وكذلك تحركات الحكومة لبيع أصول الدولة مع وجود خلافات قد نسميها سياسية أو غير سياسية مع دول الخليج المشتري الأكبر للأصول المصرية، أيضا، لم تجد رواجا”.

‌خبير واستشاري التدريب ودراسات الجدوى خلص للقول: “إذا المشكلة تبقى في كيفية وجود موارد دولارية لتغطية النقص في احتياجات مصر من النقد الأجنبي”، مستفسرا: “إذا افترضنا أنه حدث تعويم الجنيه اليوم، وليس غدا، ماذا سيحدث؟”، مجيبا: “لا جديد؛ الدولار ليس متوفرا بالأسواق، للمستوردين ولا لرجال الأعمال والشركات، بل والنشاط الاقتصادي متوقف لحد

كبير”.

‌وأكد أن “التعويم إجراء من وجهة نظري يعقب توفير الدولار على الأقل لعدة أشهر”؛ معتقدا أن “الحكومة هنا تنتظر حتى تحصل على قرض صندوق النقد الدولي، أو تنتظر بيع بعض الأصول الهامة التي يمكن أن تزيد عن حجم التزاماتها بسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، (تبلغ 42 مليار دولار خلال 2024، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري)”.

‌وأشار إلى أنه “بالتالي تحتاج إلى بيع أصول بقيمة زائدة على الأقساط والفوائد لعدة أشهر، وما تبقى توجهه نحو السوق المحلية في الاستيراد وخلافه لتفي باحتياجاته من النقد الأجنبي”.

ويعتقد ذكر الله، أنه “بخلاف ذلك، سيكون التعويم إجراء ليس له أي داع، وبدون ذلك ستبقى الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي موجودة، بل ومتسعة لحد كبير بالفترة القادمة”.

‌إلى ذلك، أكد الخبير والأكاديمي المصري أن “الأمور لن تتحسن إلا بحلول جذرية، والحديث عن مبادرات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع حتى لو تم تحسين شكلها الخارجي بعرض عناوين براقة”.

وضرب المثل، بوضع “التوجه لبيع إيرادات قناة السويس لسنوات مقبلة وتحويل العنوان إلى عنوان أفضل وهو (توريق أصول مصر الدولارية)، أو توريق 25 في المئة من إيرادات مصر الدولارية”.

ويرى أن “كل هذه المبادرات متسارعة وغير مدروسة، ولا يوجد من هو مضمون أن يقبل عليها”، ملمحا إلى أن “آخر تلك المبادرات طرح سندات بالدرهم الإماراتي وطرح سندات بالدولار في هونج كونج”.

‌وتساءل: “من قال إن المتعاملين بهونج كونج وهي بورصة عالمية سيقبلون على شراء سندات مصرية؟، خاصة مع التصنيف الائتماني المنخفض لمصر أكثر من مرة، ووصول تصنيف الاقتصاد لمرحلة السلبية وسط المخاوف من التعثر عن سداد الديون”.

ويعتقد ذكر الله، أن “الحل الأساسي يبدأ بالاعتراف بأن الحكومة نفسها سبب المشكلة، وأن تصرفاتها بالسنوات الماضية أوصلت الدولة للكارثة التي تعيشها الآن، وأن الحل لا يأتي على أيادي هؤلاء”.

‌وفي نهاية حديثه، قال إن “الأمور صعبة”، متوقعا أنها “ستزيد صعوبة الفترة القادمة، وتحتاج لابتكار بالحلول، وإلى حكومة كفاءات وطنية تكنوقراط، يكون لديها خبرات واسعة، وتُعطى الصلاحيات، لأن حكومة مصر بلا صلاحيات أمام صلاحيات الأجهزة السيادية التي تحكم بالفعل”.

بدوره وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، أوضح أن “المشكلة أن إدارة الصندوق لن تقبل بهذا التخفيض لتعويم الجنيه، أو سياسة سعر صرف مرن تنتهجها مصر”.

    المصدر :
  • وكالات