الثلاثاء 9 رمضان 1445 ﻫ - 19 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الإدارة الأميركية في فوضى.. بحثاً عن حلول في سوريا

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفوضى ضخمة في أروقة الإدارة الأميركية بسبب مواقفه وسياسته في سوريا.

المرّة الأولى عندما تمسّك منذ ثلاثة أسابيع بسحب القوات الأميركية من سوريا مباشرة بعد القضاء على جيوب داعش، والمرّة الثانية عندما هوّل بالقصف على سوريا وتراجع ثم أمر بالقصف، وبعدها أوقف فرض العقوبات على روسيا لدورها في دعم نظام بشّار الأسد وتمكينه من قصف شعبه بالسلاح الكيمياوي.
خطة أميركا

قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ”العربية.نت” إن “القضاء على جيوب داعش المتبقية في سوريا سيمهّد الظروف للمرحلة المقبلة من الحملة في تلك البلاد المضطربة”، وأضاف أن الولايات المتحدة “ستتابع التشاور مع الحلفاء والشركاء في شأن الخطوات المقبلة كما فعلت منذ بداية العمليات للقضاء على داعش في العراق وسوريا”.

هذا الكلام الرسمي يخفي الكثير، لأن خطة الولايات المتحدة كانت تقوم على دحر داعش ثم ضمان الاستقرار في المناطق المحررة والحرص على عدم عودة داعش بأي شكل إلى هذه المناطق، شدّد الأميركيون في هذه الخطة على التعاون مع القوات المحلية مثل الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية وعلى إقامة أنظمة من الاكتفاء الذاتي من دون اللجوء إلى السلطة المركزية في دمشق.

الآن يبحث موظفو وزارتي الخارجية والدفاع عن خطط جديدة للحفاظ على الاستقرار، وتحدثت “العربية.نت” إلى عدد من الموظفين الأميركيين واستمعت إلى مصادر تهتم بالمنطقة، وكان من الصعب أن يوضحوا إن كانت هناك بدائل للوجود الأميركي والمجالس المحلّية، فيما الرئيس ترمب يشدّد على أنه يريد انسحاباً “ولتقم الدول الإقليمية بملء الفراغ”.

يسعى الموظفون الأميركيون إلى إيصال رسالة واضحة لمجلس الأمن القومي والحلقة الضيّقة حول الرئيس الأميركي وتقول إنه “لا يمكن التخلّي عن مهمة المساعدة على الاستقرار وهي ضرورية لمنع عودة داعش” وعلى الأميركيين المساعدة في نزع الألغام وتأمين مياه الشرب والتعليم.
دور أكبر للأوروبيين

يعتبر الموظفون الأميركيون أن الرئيس ترمب اتخذ قراره بالانسحاب ليرضي ناخبيه وهو يتسبب بالفراغ، وعليهم إيجاد من يملأ الفراغ.

فالموقف الرسمي الأميركي بحسب مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية هو أن الرئيس ترمب “يريد الشركاء والحلفاء، ومن ضمنهم من هم في المنطقة، أن يزيدوا من مساهماتهم للمساعدة في استقرار سوريا وسلامها ولضمان عدم عودة داعش”.

يفهم مساعدو ترمب أن المطلوب هو دور أكبر للأوروبيين مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في الحفاظ على الاستقرار، وملء الفراغ العسكري بعد خروج القوات الأميركية من سوريا.

أجرى عاملون في الإدارة اتصالات مع ممثلين لدول إقليمية في واشنطن لفهم موقف حكوماتهم من هذا المطلب، واطلعت “العربية.نت” على بعض هذه الحوارات، وقد أثارت قضايا أمنية وسياسية لم يأخذها الأميركيون بعين الاعتبار، ولم يضعها الرئيس ترمب في حسابه عندما اتخذ قرار الانسحاب.

تبدأ التساؤلات من تحديد مهمة “هذه القوات الإقليمية على أرض دولة جارة”، وما علاقتها بالقوى المحلية مثل الأكراد، وما علاقتها مع نظام بشار الأسد في دمشق. كما أثار المبعوثون إلى واشنطن أسئلة عن الموقف التركي خصوصاً أن أنقرة تنشر قوات على أراضي سوريا فيما أثار الأتراك الموقف من “الكيانات الكردية”.
ترمب وروسيا

هذه الفوضى الداخلية لم تنته فصولاً، ولا يبدو أن الأميركيين وصلوا حتى الآن إلى صيغ واضحة لملء الفراغ، وما يزيد انتشار الفوضى موقف الرئيس الأميركي من الحديث مع روسيا بدلاً من معاقبتها.

فالخطة الأولى كانت تشير إلى أن الأميركيين سيردّون على هجوم النظام السوري بالأسلحة الكيمياوية بضربة عسكرية ضد المواقع السورية، تتبعها عقوبات ضخمة ضد النظام السوري وإيرن وروسيا.

أمر ترمب بتوجيه الضربة العسكرية المحدودة ضد النظام السوري، لكنه بعد ساعات طلب وقف إجراءات فرض العقوبات على روسيا، وهذا ما تسبب بفوضى تصريحات بين المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي وتصريحات موظفي البيت الأبيض.

الآن كل شيء معلّق! ويبدو ترمب في انتظار روسيا والرئيس فلاديمير بوتين للقيام بخطوة مفيدة توصل الجميع إلى حلّ سياسي عن طريق جنيف أو بالتوافق الثنائي بين واشنطن وموسكو.

موظفون أميركيون أشاروا إلى أنهم اعتادوا انتظار الحكومة الروسية للقيام بخطوة بعد أي صدام أو خلاف، والخطوة الروسية تأتي عادة بعد فترة صمت وهدوء بحيث لا تبدو موسكو وكأنها خضعت للضغوطات.

 

المصدر واشنطن – بيير غانم