الخميس 1 ذو القعدة 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الانتقام من عائلات تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل بالقتل والإغتصاب.. نُذر حرب جديدة

في خضم الحرب التي تقودها القوات العراقية لتحرير مدينة الموصل شمالي البلاد من تنظيم الدولة الإسلامية، يشتد في القسم المحرر من المدينة وجه آخر للصراع، يقوده مواطنون يطالبون بطرد ما يعتبرونها عائلات عناصر التنظيم.

وتتركز هذه الوقائع في بلدات وقرى جنوبي الموصل، مع تصاعد التهديد بأعمال انتقامية أذكت مخاوف من اندلاع حرب داخلية أخرى، في وقت تقترب فيه القوات العراقية من تحرير المدينة بالكامل.

ومن بين هذه الأحداث، إقدام مئات المدنيين وهم يحملون أسلحة بيضاء من عصي وسكاكين الجمعة الماضية، على مهاجمة منازل في مركز ناحية القيارة (60 كم جنوب الموصل) تقطن فيها عائلات “بعض أفرادها منتمين أو مناصرين لتنظيم الدولة الإسلامية، بحسب ما قاله النقيب محمد عبد الإله الداودي من الشرطة الاتحادية في تصريح للأناضول.

وأشار الداودي إلى أن “المحتجين كسروا أبواب المنازل الخارجية، وخطّوا شعارات تطالب برحيل كل من ساند تنظيم الدولة الإسلامية إلى مخيمات النازحين، مهددين كل من يصرّ على البقاء بالقصاص”.

وللسيطرة على الوضع تمت “الاستعانة” بالشرطة الاتحادية بعدما عجزت الشرطة المحلية عن ذلك، وفقا للضابط العراقي الذي أفاد أيضا بأن “المدنيين الغاضبين استأنفوا هجماتهم صباح اليوم التالي، بإضرام النار في منازل ومتاجر، قبل أن تفرقهم الشرطة الاتحادية مجددا”.

وانتقلت حمى التظاهرات طبقا للمصدر ذاته إلى القرى المحيطة، “حيث أمهل الغاضبون جميع عائلات عناصر تنظيم الدولة “داعش” 72 ساعة للخروج من مناطقهم، وإلا فإنهم يتحملون مسؤولية ما سيتعرضون له”.

وشدد على أن ناحية القيارة وهي من أكبر النواحي التابعة للموصل، “تعيش حالة من الترقب مصحوبا بالحذر والخوف مما ستؤول إليه الأحداث، خلال الساعات المقبلة، مع انتهاء المهلة التي منحها الغاضبون لعائلات عناصر تنظيم الدولة”.

– لا اعتقالات

ورغم أعمال الانتقام والتخريب التي طالت ممتلكات العائلات المستهدفة، إلا أن قوات الأمن لم تعتقل أيا من المحتجين الغاضبين، وفق مراسل الأناضول.

وقال علي الخفاجي وهو أحد منتسبي قوات الجيش العراقي، إن “أول أعمال العنف، التي تنطوي على الانتقام، قام بها في الأساس أفراد من قوات الشرطة المحلية، وطالت عائلات منتمين لتنظيم الدولة الإسلامية”.

وأوضح الخفاجي في حديث مع الأناضول، أن “مجاميع من منتسبي شرطة نينوى شنوا قبل أيام هجمات مسلحة على منازل تقطنها عائلات بحجة أن أفراد منها عملوا مع التنظيم”.

وأفضت هذه الهجمات، كما يشير الخفاجي، إلى “مقتل رجل وإصابة امرأة وطفل، إلا أنه جرى التكتم على الأمر أمام وسائل الإعلام، لمنع حدوث فوضى أو استغلال الحادثة من قبل خلايا تنظيم الدولة النائمة”.

وأكد الرجل أيضا وقوع مضايقات مماثلة من القوات الأمنية بحق عائلات في ناحية حمام العليل.

وبالمقابل، نفى قائد شرطة نينوى العميد واثق الحمداني صحة الاتهامات، قائلا للأناضول إن “عناصر الشرطة كانوا يوفرون الأمن للمتظاهرين، ويرافقونهم خشية وقوع حوادث، ولم يشاركوا في الهجمات على منازل عائلات عناصر تنظيم الدولة”.

– تعد على الشرف

فيما قال مصدر أمني عراقي للأناضول إن فصائل الحشد الشعبي (قوات شيعية موالية للحكومة) وقوات الشرطة الاتحادية، ارتكبت انتهاكات صارخة بحق عائلات ينتمي أفراد منها إلى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في ناحية “الشورة” جنوب الموصل، “لدرجة تصل إلى التعدي على الشرف”.

وصرّح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من قوات الحشد، أن “المليشيات، وبغطاء من الشرطة الاتحادية اقتحمت المنازل التي كان أحد أفرادها يعمل في التنظيم ولا يتواجد الآن بين عائلته، ويخيرون من بقي بين القتل أو الرحيل أو أخذ إحدى النساء للتعدي عليها جنسيا”.

وعلى مدى العامين الماضيين تم توجيه اتهامات متكررة إلى قوات الحشد الشعبي بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين السنة في المناطق التي تجري استعادتها من من تنظيم الدولة “داعش” شمالي وغربي العراق، وذلك بدعوى تعاطفهم مع التنظيم.

وعادة ما ينفي قادة الحشد ارتكاب انتهاكات ممنهجة بحق المدنيين، ويعتبرون ما يحدث من انتهاكات مجرد حوادث “فردية”.

وردا على الاتهامات بحق “الحشد الشعبي”، قال قائد شرطة نينوى “لم نتلق أية معلومات حول وجود انتهاكات في هذه المناطق (..) داعش يروج مثل هذه الشائعات لسرقة النصر الذي تحقق في الموصل”.

وسجلت منظمات حقوقية عراقية ودولية انتهاكات من قبل القوات العراقية خلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدى أكثر من عامين، ولا سيما خلال العملية الراهنة لاستعادة الموصل، فيما تقول الحكومة الاتحادية في بغداد إنها ملتزمة بحماية المدنيين.

وتسود مخاوف من أن أعمال الانتقام قد تفتح بابا جديدا من العنف في العراق، مع اقتراب القوات العراقية من هزيمة تنظيم الدولة “داعش” الذي سيطر عام 2014 على مناطق واسعة شمالي وغربي البلاد.

– حرب جديدة

أمّا الخبير في شؤون الجماعات المسلحة فواز نعمان الصميدعي فقال إن “الانتهاكات التي تحدث في جنوب الموصل لها تأثيرات خطرة للغاية على واقع محافظة نينوى بشكل عام”.

وفي تعليقه للأناضول أضاف الصميدعي وهو أستاذ العلوم الاجتماعية والإسلامية بجامعة بابل (جنوب)، أن “الانتهاكات التي تطال الأبرياء قد تفضي خلال الأشهر المقبلة إلى حرب جديدة ربما تمتد نيرانها بسرعة كبيرة جدا إلى أغلب المدن العراقية”.

ولتعزيز رؤيته يوضح أن “الانتهاكات المحسوبة على المكون الشيعي تطال شرف المكون السني”، وفقا لتعبيره.

وشدد على أن “ما يحدث في نواحي جنوب الموصل يمثل انتهاكا صارخا للقانون وتقليلا من هيبة مؤسسات الدولة، ولا سيما العسكرية، وهو أمر مرفوض، فلا يمكن محاسبة شخص بجريرة شخص آخر حتى وإن كان أخاه”.

وفي حال استمر “تغاضي” الجهات المعنية عن هذه الهجمات، يحذر الأستاذ الجامعي من أن “الوضع سيزداد تعقيدا بتزايد الانتهاكات”.