الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

خط الزلازل يهزّ امبراطورية ولاية الفقيه من بيروت إلى طهران

بعد شهر على استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على خلفية تفجر ثورة 17 تشرين التي دخلت أسبوعها السابع، لا تزال العراقيل والحجج الموضوعة لعدم الدعوة إلى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد على حالها. والتغوّل والانكار ومحاولات الالتفاف على المعطى الجديد وإعادة انتاج السلطة القائمة بأشكال مختلفة لا تتوقف، فيما الأزمة الاقتصادية والمالية تتفاقم وتنذر بمضاعفات اجتماعية كارثية.

الكاتب والمحلل السياسي لقمان سليم يرى، في حديث إلى موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أنه “علينا بداية تفكيك ماذا نعني بالسلطة لتوضيح ما يحصل بشكل موضوعي. فالسلطة القائمة هي مجموعة قوى، لكنها أولا هي هذا الائتلاف المحمي من قبل حزب الله”، مستدركاً: “كي نكون عادلين نقول، من لا يزالون في السلطة، برعاية وحماية حزب الله”.

ويعتبر سليم أن “حزب الله لا يقرأ المشهد اللبناني بالمفردات التي نستعملها نحن، إنما بمفردات إقليمية، قد تلتبس علينا. بالتالي من المنطقي، وليس من المقبول، أن يرفض حزب الله تقديم أي تنازل في هذه اللحظات التي يبدو فيها أن خط الزلازل يهزّ امبراطورية ولاية الفقيه من بيروت إلى طهران. لأن تقديم أي تنازل في بيروت قد يبدو وكأنه تنازل على المستوى الإقليمي، وقد يظهر بمثابة فتح باب التنازلات في عواصم عربية أخرى”.

ويرى أن “موقف حزب الله، قد يبدو من نظرة أولى متناقضاً، فهو يرفض التسويات المقترحة لكنه يصرّ في الوقت ذاته على عودة الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة، إذ يعتبر أنه لا تزال هناك امكانية لترميم الستاتيكو والوضع القائم سابقاً”. ويوضح أن “الحزب، وفي هذه اللحظة الإقليمية الحرجة التي يعترف فيها بعض رؤوس النظام الإيراني بما ارتكبوه من أخطاء في إنكار حجم العقوبات ووقعها والعزلة التي يعيشها أكثر فأكثر، وباعتباره الوكيل الإيراني في لبنان، لا يمكنه تقديم تنازلات”.

وفي إطار “المصارحة والنقد الذاتي عند مختلف الأطراف، يذكّر سليم بما قاله قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في 10 حزيران العام 2018، حين اعتبر أن الانتخابات التي أُجريت في لبنان تُمثل انتصاراً كبيراً لحزب الله حوَّلَته من حزب مقاوم إلى حكومة مقاومة، وبات لديه في مجلس النواب اللبناني 74 نائباً”.

ويضيف ساخراً أن “ما يحكى عن الاستشارات أشبه بنكتة، وإذا كان المطلوب عملياً إجراء استشارات فليُستشر قاسم سليماني. وإذا كانوا فعلاً يمتلكون 74 نائباً، هم ليسوا بحاجة لاستشارة أي نائب آخر ويمكنهم تسمية رئيس حكومة للتشكيل”.

ويشير سليم إلى أن “التأخير مرده إلى أن حزب الله يعرف جيداً أن أي تكليف ـ وحتى قبل أن نصل إلى التأليف ـ لأي رجل، أو امرأة، هو بمثابة وعد أن الشخصية التي ستكلَّف لديها خريطة طريق للخروج من المأزق، وهذا ما لا يملكه أي لبناني اليوم من الذين يتعاطون السياسة بعقلية ما قبل 17 تشرين الأول. بالتالي، بمجرد التكليف وفتح باب التأليف، يعني أننا في بداية مسار يخرج لبنان من المأزق، وهذا ما لا يملكه أحد، لا حزب الله وبطبيعة الحال حلفاؤه الأصغر منه، لكن أيضا، لا يملكه سعد الحريري بشروط التسوية الرئاسية وما تلاها من تنازلات”.

ويلفت إلى أنه “شئنا أم أبينا، الأزمة اللبنانية قد دُوِّلت ولم يعد للبنانيين عملياً إلا دور الكومبارس في أي تسوية مقبلة”، مشيراً إلى أن “هذه التسوية بطيئة لأنها تأخذ في الاعتبار معطيات إقليمية ودولية وغيرها”، ولافتاً إلى أن “تتالي الانهيارات الاقتصادية والمالية قد يكون فرصة لاستدراج أنظار العالم كي يُرفع الملف اللبناني شيئاً ما على جداول الأعمال”.

سليم يرى أن “طلب رئيس الجمهورية ميشال عون من الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي الدعم العربي للبنان، وأنه يجب ان يترجم بخطوات عملية بالنسبة للمساعدات لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي، هو من باب الإنكار”. ويسأل: “من عزلنا وأقفل علينا أبواب العالم العربي؟ فهل سينادي الرئيس العالم العربي اليوم كي يمد لنا يد العون وهو مشارك عملياً بتخريب العلاقات اللبنانية ـ العربية من خلال تغطية مواقف حزب الله وهجوماته العنيفة على الدول العربية؟”.

ويؤكد سليم أن “البعض يحاول أن يبعد عن نفسه تجرع الكأس المرّ، أي الاعتراف بأن الستاتيكو الذي حقق الاستقرار لفترة معينة، والذي قام على اعتراف الدولة بتنازلها عن جزء من امتيازاتها للدويلة، (ما بقا يمشي) وأصبحنا في مرحلة أخرى وزمن جديد”، معتبراً أننا في لبنان “كأننا نعيش في منطقتين زمنيتين، فهناك أناس لا يزالون يعيشون في منطقة زمنية ما قبل ثورة 17 تشرين ويكابرون ويرفضون تيويم برنامج الـ(software) عندهم، ويصرون على استعمال برنامج قديم على هاتف ذكي حديث”.

ويشدد على أن “هناك طرفاً، والمقصود حزب الله، عليه الاعتراف بأن مشروعه السياسي، بدءا من عقر داره في طهران إلى كل امتداداته، باء بالخذلان والفشل، مع مراعاة أنه من غير المطلوب أن يرفع الرايات البيض، وعلينا كلبنانيين أن نجد له مخرجاً مشرفاً بمعنى ما لأنه مكوَّن من لبنانيين وعلينا أن نعيش سوياً. ومن الطبيعي أن هذا الطرف لن يسلِّم بسهولة”.

ويلفت إلى أن “هذا المحور حين يحصي خسائره لا يحصيها فقط في لبنان، إنما يحصيها من طهران إلى بغداد إلى النجف والناصرية إلى بيروت، على مستوى فشل مشروعه السياسي أو تقدمه، وما يجري في العراق ليس تفصيلاً على هذا المستوى”.