الأثنين 19 محرم 1447 ﻫ - 14 يوليو 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

إيران تسرّع برنامجها النووي العسكري.. الكشف عن "خطة كوير" السرية!

كشفت المعارضة الإيرانية، ممثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، (NCRI) يوم العاشر من يونيو/حزيران 2025 عن تفاصيل مشروع سري جديد لتطوير الأسلحة النووية يحمل اسم “خطة كوير”. هذا المشروع، الذي يعد استمرارًا وتطويرًا لمشروع “آماد” السابق، يؤكد إصرار النظام الإيراني على امتلاك قدرات نووية عسكرية، رغم الضغوط الدولية المتزايدة. تستند هذه المعلومات إلى شبكة منظمة مجاهدي خلق داخل إيران، وتؤكدها تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرة.

بدأت إيران تكثيف جهودها لتطوير برنامج نووي ذي طابع عسكري منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي. ففي عام 1999، أُطلق مشروع “آماد” بهدف تصنيع خمسة رؤوس نووية يمكن تركيبها على صواريخ شهاب-3، بالتعاون بين منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ووزارة الدفاع. هذا المشروع شمل مواقع مثل لويزان-شيان (مركز القيادة)، جتشين (استخراج اليورانيوم)، فوردو (تخصيب اليورانيوم)، سنجريان (تطوير مولدات الصدمة)، آباده (اختبارات النيوترون)، محلاتي (تصنيع الهياكل المعدنية)، ميدان (اختبارات تحت الأرض)، بروجردي (تجميع نهائي)، وهمت (تركيب الرؤوس على الصواريخ). في عام 2003، أدى كشف موقع “لوفيزان-شيان” من قبل المعارضة الإيرانية إلى اضطرار النظام لإيقاف المشروع مؤقتًا وإعادة هيكلته، مع الحفاظ على البنية التحتية والتقنية ونقل العديد من الخبراء إلى مواقع سرية أخرى. وبحسب معلومات المعارضة، أصدر المرشد الأعلى علي خامنئي في عام 2009 أوامر مباشرة باستئناف وتوسيع البرنامج النووي العسكري تحت اسم جديد: “خطة كوير”.

وضع هذا المشروع تحت إشراف مؤسسات تابعة للنظام، وبقيادة منظمة الابتكار والأبحاث الدفاعية (SPND)، التي أُعيد هيكلتها لتصبح أكثر استقلالية وفعالية في تطوير الأسلحة النووية.

تسعى “خطة كوير” إلى تطوير أسلحة نووية متقدمة من خلال تغطية أنشطتها ببرامج مدنية، مثل تصنيع صواريخ إطلاق الأقمار الصناعية. يتركز النشاط الأساسي في مناطق صحراوية بمحافظة سمنان، مع امتدادات نحو طهران وقم. تم إعلان أجزاء واسعة من سمنان منطقة عسكرية مغلقة منذ عام 2009، وتم تأسيس مواقع عسكرية عديدة فيها، مستفيدة من غطاء “أمن الصحراء” لإخفاء الأنشطة الحقيقية. تتضمن الخطة تطوير رؤوس نووية ذات قدرة تدميرية أكبر، وزيادة مدى الصواريخ الحاملة لها، بما يتجاوز 3000 كيلومتر، مما يعزز من قدرة إيران على تهديد خصومها الإقليميين والدوليين. يتم العمل على تطوير هذه الرؤوس تحت غطاء تطوير صواريخ حاملة للأقمار الصناعية، مثل صاروخ “سيمرغ” (وقود سائل) وصاروخ “قائم-100” (وقود صلب).

تشمل المواقع الرئيسية المرتبطة بالمشروع: موقع “رنگين كمان” (إيوانكي)، موقع رادار “غدير”، مجمع “معراج-1” لتطوير رؤوس صواريخ “سيمرغ”، ومركز تدريب “الإمام رضا” (موقع شاهرود الصاروخي)، بالإضافة إلى مواقع سنجريان، سرخ حصار، وبارتشين. كل هذه المواقع تلعب أدوارًا متخصصة في تطوير المكونات النووية أو إجراء الاختبارات التفجيرية والجيوفيزيائية. على رأس هذه المواقع، يقع SPND (مقرها مبنى “نور” في طهران) كمركز للقيادة والإشراف على تطوير الأسلحة النووية. قسم النظام محافظة سمنان إلى مناطق أمنية صارمة لضمان سرية المشروع، تشمل مناطق عسكرية محظورة تمامًا ومناطق مخصصة للتجارب الصاروخية ومناطق مدنية تخضع لرقابة مشددة.

اعتمد النظام الإيراني منظومة أمنية معقدة لحماية المشروع. شملت هذه المنظومة إنشاء وحدة أمنية خاصة باسم “أمن كوير”، وتأسيس قاعدة استخباراتية للحرس الثوري باسم “صاحب الزمان”. كما تم إزالة طرق استراتيجية من الخرائط الرسمية لمنع الأجانب من الوصول إلى المواقع الحساسة. تراقب المناطق بدقة باستخدام الطائرات المسيرة والكاميرات الذكية وتقنيات التعرف على الوجوه. فرضت رقابة مشددة على تحركات الأجانب، خاصة الباحثين والسياح الغربيين، مع تكرار حالات الاعتقال والاستجواب. تخضع جميع المواقع لمراقبة جوية عبر طائرات استطلاع خفيفة وطائرات بدون طيار، وتستخدم كاميرات متطورة للتعرف على الأشخاص القادمين إلى المناطق الحساسة. كما تستخدم تقنيات المراقبة الفضائية للحفاظ على السيطرة المعلوماتية الكاملة.

تُظهر “خطة كوير” تحولاً استراتيجياً في تكتيكات النظام الإيراني، حيث يعتمد على التمويه ودمج البرامج المدنية والعسكرية لتجاوز الرقابة الدولية. تؤكد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرة، بالإضافة إلى أربع مؤتمرات صحفية للمعارضة الإيرانية خلال الأشهر الستة الماضية، أن إيران كثفت جهودها للحصول على السلاح النووي، مما يهدد أمن المنطق ويقوض الاتفاقيات الدولية. تطالب المقاومة الإيرانية والمجتمع الدولي بتفعيل آلية “العودة السريعة للعقوبات” (Snapback) وإغلاق جميع المواقع النووية الإيرانية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة مع اقتراب انتهاء بعض القيود الدولية في أكتوبر المقبل.

إن الكشف عن “خطة كوير” يؤكد التحذيرات المستمرة للمقاومة الإيرانية بأن طهران لم تتخل يومًا عن سعيها لامتلاك القنبلة النووية. لقد اظهرت تجربة العقود الماضية، مع مشروعي “آماد” و”خطة كوير”، أن النظام الإيراني يواصل مساعيه النووية تحت ستار برامج مدنية أو فضائية. إن استمرار التراخي الدولي في مواجهة هذه الأنشطة السرية لن يؤدي إلا إلى تمكين إيران من الاقتراب أكثر من عتبة تصنيع السلاح النووي. لوقف هذا الخطر الداهم واستعادة الأمن الإقليمي والدولي، لا بد من تحرك دولي حاسم يشمل تفعيل آلية “العودة السريعة للعقوبات”واخضاع جميع المواقع النووية الايرانية للمراقبة الكاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.