آثار الدمار في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
يشكل تواجد مستودعات ومخازن الأسلحة المزعومة لحزب الله ضمن الأحياء السكنية المكتظة في الضاحية الجنوبية لبيروت تحديًا أمنيًا وإنسانيًا بالغ التعقيد، اذ تتلقى لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بلاغات متواصلة من إسرائيل بهذا الشأن، ما يضع الجيش اللبناني في موقف بالغ الحساسية، حيث يضطر للتدخل بشكل متكرر للكشف عن هذه المواقع أو مصادرة ما يُعثر عليه من أسلحة. هذه الديناميكية لا تهدد الأمن الداخلي اللبناني فحسب، بل تُفاقم أيضًا من مخاطر التصعيد العسكري في منطقة تعاني بالفعل من توترات جمة.
تؤكد مصادر أمنية مطلعة لـ “صوت بيروت إنترناشونال” أن مهمة الجيش اللبناني في التعامل مع هذه البلاغات ليست يسيرة. ففي العديد من الحالات، تُفضي عمليات التفتيش إلى اكتشاف أماكن خالية تمامًا من أي أسلحة أو ذخائر، ما يشير إلى أن بعض البلاغات قد لا تستند إلى معلومات دقيقة. ومع ذلك، هناك حالات أخرى يُعثر فيها بالفعل على أسلحة، ويتم مصادرتها وفقًا للإجراءات المتبعة.
تكمن المشكلة الحقيقية بحسب المصادر، في نوعية الأسلحة، فإذا كانت الأسلحة المصادرة “عادية” أو ذات أهمية تكتيكية محدودة بالنسبة لحزب الله، فإن عملية المصادرة تمر بشكل سلس نسبيًا، لكن السيناريو يتغير جذريًا عندما يتعلق الأمر بالأسلحة الاستراتيجية أو ذات الأهمية القصوى للحزب. في هذه الحالات، يواجه الجيش اللبناني رفضًا قاطعًا من قبل عناصر حزب الله لدخول هذه المواقع، ما يعيق قدرتهم على القيام بواجبهم.
تضيف المصادر أن، ي”هذا الرفض يعد بمثابة نقطة تحول خطيرة. ففي حال منع الجيش اللبناني من الوصول إلى المواقع التي يُزعم أنها تحتوي على أسلحة استراتيجية، يصبح الوضع قابلًا للانفجار”.
تشير المصادر الأمنية إلى أن عدم قدرة الجيش على التحقق من هذه المواقع أو مصادرة ما فيها يمهد الطريق أمام تدخل إسرائيل المباشر. عندها، وكما حدث في السابق، قد تُقدم الطائرات الإسرائيلية على استهداف هذه المواقع بشكل مباشر، ما يؤدي إلى عواقب وخيمة على المدنيين الأبرياء والبنية التحتية في الضاحية الجنوبية.
تقول المصاد إن، “استمرار هذا الوضع يفرض تحديات متعددة، اذ يُعرّض وجود مستودعات الأسلحة داخل المناطق المأهولة حياة السكان لخطر دائم، فضلًا عن إمكانية تعرضهم للضرر الجسيم في حال استهداف هذه المواقع، كما أن هذا الوضع يُضعف من سيادة الدولة اللبنانية وقدرتها على فرض سيطرتها الكاملة على أراضيها، كما يُعد هذا الملف مصدرًا للتوتر المستمر بين لبنان وإسرائيل، ويمكن أن يؤدي إلى تصعيد عسكري غير مرغوب فيه في أي لحظة”.
ترى المصادر انه لمعالجة هذه المشكلة المعقدة، يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأوجه، فمن الضروري تعزيز دور الدولة اللبنانية ومؤسساتها، بما في ذلك الجيش، لفرض سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، كما يجب العمل على إيجاد حلول دبلوماسية وسياسية تحد من مخاطر التصعيد، وتضمن حماية المدنيين، وتُعيد الاستقرار إلى المنطقة. إنّ التعامل مع هذه القضية الحساسة يتطلب حكمة بالغة وتنسيقًا دوليًا وإقليميًا لتجنب تفاقم الأزمات القائمة.