تعيش الجمهورية اللبنانية حالة فراغ على صعيد القرارات السياسية، في ظل عجز مجلس النواب عن القيام بمهامه، لناحية انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
منذ ذلك التاريخ واللبنانيون ينتظرون قرار نواب الامة تحمل مسؤوليتهم بعيدا عن المحاصصة وفرض الرئيس الذي يتناسب مع مصالح هذه الفئات. هذا الفراغ لم يكن مقتصراَ على رأس الجمهورية فهو انسحب على العديد من مراكز الفئة الاولى التي باتت أغلبيتها بالانابة … لم تسلم من هذه العدوى سوى المؤسسة العسكرية التي بقيت صامدة في مواجهة المتضررين ، اصحاب الطموحات الرئاسية.
يجمع العديد من الافرقاء والاحزاب والكتل النيابية على ضرورة عدم استعادة المناكفات ، في وقت يعيش فيه لبنان حرباَ طاحنة دمرت فيها العديد من القرى الجنوبية على يد “الجيش الاسرائيلي” ، وامتدت باتجاه الضاحية الجنوبية، في وقت نال فيه البقاع وبعلبك النصيب الاكبر، تسببت بحالة نزوح كبيرة الى مناطق تعتبر شبه آمنة.
يفصلنا عن موعد انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون حوالي شهرين ، والمحددة ب10/ يناير/كانون الثاني 2025 ، في وقت لم تتضح الصورة بالنسبة للانتخابات الرئاسية ، التي كانت مدار بحث قبل تطور الاحداث والضربات الاسرائيلية على العمق اللبناني ، وبات البحث يتركز على وقف اطلاق النار ، الا ان الاستحقاق المرتبط بقيادة الجيش لا يمكن تجميده لارتباطه بتطور الاحداث لناحية الاتفاق المذكور اعلاه ان قدر له النجاح ، فسيكون للجيش اللبناني الدور الاساس وفق ما اوردته بعض المعطيات المرتبطة ببنوده.
اوساط عليمة ترى ان التمديد لقائد الجيش سنة أخرى على التوالي ، بات أكثر الحاحا ، باعتبار ان نتائج الحرب الدائرة اليوم بين اسرائيل و”حزب الله” ومن خلاله ايران ، تستتبع مواقف وقرارات واجراءات استثنائية من بينها التمديد للعماد جوزيف عون ، لانه الخيار الوحيد المتاح عمليا في ظل الخلافات السياسية الناشبة على أكثر من خط ، وفي ظل ضرورات المرحلة ، ان على الصعيد الميداني أو لجهة توفير الارضية المستقرة للحياة السياسية ، التي لا بد ان تتجه الى التفعيل ، بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية وصولا لوقف اطلاق نار قد يقصر او يطول انتظاره، لكنه سيتم في لحظة ما.
وتضيف الاوساط ان التمديد لقائد الجيش هو في المبدأ شبه محسوم ، اذ لا يملك اي طرف من الاطراف اللبنانية خيارات بديلة موثوق بها ، فضلا عن ان الجيش اللبناني هو المؤسسة الرسمية الوحيدة التي تقوم بدورها وتتولى مهماتها بافضل ما يمكن ، وبالتالي لا يفترض ان يتصرف أحد بشكل يؤدي الى أذية هذه المؤسسة ودورها المفترض ان يتجه الى تصاعد وتوسع في ضوء المهام المنتظرة لها في الجنوب اللبناني.
اما بالنسبة للمواقف السياسة تجاه هذا الاستحقاق فان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ، المستند الى الانطباع العام لن يكون في استطاعته رفض التمديد لقائد الجيش في نهاية المطاف ، ولو حاول الايحاء بأن المسألة صعبة ودونها عقبات وتحفظات ، وبالتالي المطلوب لانتخاب قائد الجيش أكثرية مطلقة أو بسيطة في مجلس النواب ، قد تكون أكثرية نسبية في حال وجود نصاب بالنصف + واحد ، وبالتالي فأن هذا القرار هو أسهل بكثر من انتخاب رئيس الجمهورية ، اذ يكفي ان تتوافق ابرز التكتلات المعارضة والوسطية وينضم اليها تكتل الرئيس بري ليتم التمديد ، ولو رفض “التيار الوطني الحر” وامتنع “حزب الله “عن التصويت.
في الختام تجدر الاشارة الى ان تكتل “الجمهورية القوية” تقدم باقتراح قانون للتمديد لقائد الجيش بالتشاور مع حلفائه ، وبالتالي فان عملية التمديد لقائد الجيش ، ستسلك طريقها الى الاقرار في مجلس النواب ، مل لم تحصل تطورات عسكرية تشعل لبنان بأكمله.