الولايات المتحدة وإيران
تكتسي الساعات الخمس المخصصة للجولة الثانية من المفاوضات الأمريكية الإيرانية أهمية حاسمة في تاريخ الشرق الأوسط منذ صعود نظام الخميني في طهران.
سبقت المحادثات تصريحات متباينة صدرت عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أعرب عن شكوكه حول دوافع الولايات المتحدة، لكنه أكد أن إيران ستشارك بحسن نية. في المقابل، أكد المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف على ضرورة إلغاء إيران لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم.
هذه المفاوضات لن تقتصر على الطرفين، فقد كان لافتاً وصول رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، إلى روما، حيث بدأ محادثاته بلقاء وزير الخارجية الإيطالي قبل بدئها، مما يشير إلى دور محتمل للوكالة في أي اتفاق مستقبلي. وقد صرح غروسي قبيل زيارته لإيران، التي سبقت محادثات الجولة الثانية، لصحيفة لوموند الفرنسية قائلاً: “إن إيران ليست بعيدة عن امتلاك القنبلة النووية”.
إثر زيارته لطهران، شدد على ضيق الوقت المتاح للتوصل إلى اتفاق، قائلاً: “نعلم أنه ليس لدينا الكثير من الوقت. لهذا السبب أنا هنا”، مضيفاً أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران وصلت إلى “مرحلة حاسمة للغاية”.”
يُنظر إلى كلام غروسي بمثابة رسالة تحذيرية واضحة، تؤكد على ضرورة التحرك السريع والفعال للتوصل إلى اتفاق يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني.
انتهت الجولة الثانية من المفاوضات الأمريكية الإيرانية ولم تسفر، على عكس الجولة الأولى، عن أي بيان رسمي مشترك يمكن الاستناد إليه لتقدير مدى التقدم المحرز في المفاوضات المذكورة والنقاط التي تم الاتفاق عليها. واقتصر الأمر على موقف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أبدى تباينًا في مضمونه، حيث اعتبر أن المفاوضات هي إحدى مهام وزارة الخارجية ولا داعي لإحداث الإثارة، مضيفاً أنه لا يوجد سبب للتفاؤل الشديد أو للتشاؤم الشديد، وأعرب عن أمله في أن يكون الوضع أفضل في الأسبوع المقبل بعد الاجتماعات الفنية.
إشارة عراقجي إلى الاجتماعات الفنية التي ستكون موضوع محادثات الجولة الثالثة لم يتبدد الغموض بشأن النقاط التي تم التباحث بها، وهو الذي اعتبر أنه من المبكر جداً دخول الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المفاوضات. ويشير كلام عراقجي إلى أن طهران ما زالت تسعى إلى المماطلة، كونها في مواجهة شرسة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المدعومة بأعضاء من الكونغرس الأمريكي، ولا مجال لبقاء سلاح إيران النووي الورقة الأخيرة للنظام التي يعتبرها بمثابة طوق النجاة.
لم يصدر أي بيان رسمي أو موقف علني من الجانب الأمريكي بشأن نتائج الجولة الثانية من المفاوضات مع إيران في إيطاليا. لكن من يتابع المسار الذي يعتمده الرئيس ترامب، يدرك أنه لا يقبل المماطلة في معالجة الملفات التي يطرحها. وهو يبادر إلى وضعها موضع التنفيذ من خلال المهل التي باتت سمة مميزة له. وهو الذي ألغى اتفاق الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، ليضع شروطه لتوقيع اتفاق جديد، متمسكًا بعدم العودة إلى مضمون الاتفاق السابق، ولن يسمح لإيران بامتلاك القنبلة النووية بأي شكل من الأشكال، ويصر على تفكيك ما بنته إيران في مفاعلاتها.