الجمعة 17 ذو الحجة 1446 ﻫ - 13 يونيو 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الجولة النووية الخامسة.. هل تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط أم تُعمّق أزماته؟

في قلب منطقة الشرق الأوسط المضطربة، تتجه الأنظار مجددًا نحو طاولة المفاوضات النووية، حيث تُعقد الجولة الخامسة وسط ترقب حذر وتساؤلات وجودية حول مستقبل المنطقة بأسرها. فهل تحمل هذه الجولة في طياتها مفتاحًا لتهدئة التوترات المتصاعدة وإعادة رسم خريطة العلاقات الإقليمية والدولية، أم أنها ستكون مجرد محطة أخرى في قطار الأزمات الذي لا يتوقف؟

“التباين الحاد في التصريحات يلقي بظلال كثيفة على المشهد. فمن جهة، أبدت جولة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الأخيرة في منطقة الخليج، وخاصة محطته في الدوحة، نوعًا من الليونة المشروطة تجاه إيران، إذ ربطها بالحد من برنامجها النووي ووقف دعمها للميليشيات في الإقليم. وقد أشار ترامب إلى إمكانية استئناف المفاوضات بشروط جديدة عبر وساطة قطرية، وهو الذي أفصح عن طلب قطري منه بتجنب شن هجوم عسكري على إيران في الشهر الجاري. هذه الإشارات خلقت بصيص أمل في إمكانية فتح صفحة جديدة في هذا الملف الشائك.

ولكن، سرعان ما تبدد هذا التفاؤل الحذر مع عودة ترامب إلى واشنطن، حيث ارتفع سقف المطالب بشكل ملحوظ. التأكيد على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن وقفًا تامًا لتخصيب اليورانيوم، واعتبار ذلك “خطًا أحمر” لا يمكن تجاوزه، يعكس تصلبًا في الموقف الأميركي قد يعيق أي تقدم حقيقي.

في السياق ذاته، جاءت تصريحات مبعوثه للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لتزيد من تعقيد المشهد، فبعد أن كانت مواقفه تتسم بالإيجابية النسبية في الجولات السابقة، رفع ويتكوف سقف المطالب إلى مستويات غير مسبوقة، مطالبًا إيران بتفكيك منشآتها النووية وتدمير المواد الموجودة، ومؤكدًا على أن أي اتفاق جديد لن يكون شبيهًا باتفاق عام 2015، هذه التصريحات الصارمة تثير تساؤلات حول مدى جدية الولايات المتحدة في التوصل إلى حل دبلوماسي.

على الجانب الآخر، ورغم محاولات إيران بث أجواء إيجابية حول مسار المفاوضات في الجولات الأربع الماضية، إلا أنها تصر بثبات على “حقها غير القابل للتفاوض” في امتلاك برنامج نووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم. وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، كان واضحًا في رفضه لمطالب واشنطن بوقف التخصيب، معتبرًا تصريحات ويتكوف دليلًا على “عدم فهم” لطبيعة المفاوضات وتعقيداتها.

في خضم هذه التصريحات المتضاربة والمواقف المتباعدة، تبقى المنطقة بأسرها رهينة لنتائج هذه الجولة الخامسة. فهل ستنجح الأطراف المعنية في تجاوز الخلافات العميقة والوصول إلى تسوية تضمن الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي؟ أم أننا سنشهد فصلًا جديدًا من التصعيد والتوتر ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل المنطقة؟ الإجابة على هذا السؤال المصيري تتوقف على ما سيحمله صندوق المفاوضات في جولته الخامسة، وما إذا كانت الإرادة السياسية ستتغلب على منطق الصراع والتناحر.

ختاما تعتبر هذه المرحلة مصيرية للمنطقة بأثرها نظرا ، وبات المشهد الايراني محكوما بمعالجة هذا الملف، بعدما سقطت الاوراق التي كانت ترفعها، لناحية دعم محور المقاومة في مواجهة إسرائيل، لاسيما حرب غزة ، التي باتت تواجه مصيرها وحيدة ، ولم تعد تشكل صواريخ الحوثيين سوى وبالا على اليمن.

وإزاء هذا المشهد الضبابي، يبقى الخطر قائمًا من أن يؤدي أي فشل في هذه المفاوضات إلى فتح الباب أمام سيناريوهات أكثر قتامة، قد تدفع المنطقة إلى حافة الهاوية وتزيد من حدة الصراعات القائمة.