المرشد الإيراني خامنئي والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان
تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان كانت مثار جدل على عدة مستويات، فهي لافتة من الناحية السياسية، مضحكة بالنسبة للمجتمع الدولي، ومبكية بالنسبة للشعب الإيراني. النظام الإيراني، الذي فقد العديد من أوراقه في الساحة الدولية، لا يزال يمارس لغة الحروب ويرفض التفاوض تحت ذريعة أن الرئيس الأميركي يسعى لإذلال إيران. لكن طهران، في هذا السياق، قد نسيت ممارساتها الإذلالية بحق بعض الدول التي فرضت عليها الهيمنة، مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان، تلك الدول التي بدأت تشهد نوعاً من التحرر من الهيمنة الإيرانية.
يظهر النظام الإيراني، في تصريحات بزشكيان، أمام العالم في صورةٍ تميل نحو المواجهة، حيث يبدو أنه يرفض التفاوض مع أميركا بحجة أن واشنطن تسعى لإذلال طهران. هذه التصريحات على المستوى السياسي قد تكون لافتة، ولكن على صعيد الواقع العملي، تبقى مجرد تصريحات بلا فاعلية حقيقية، إذ أن إيران باتت في وضعٍ لا يمكنها من اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الصدد بحسب مصادر دبلوماسية غربية.
من جهة أخرى، تقول المصادر ذاتها عبر موقع “صوت بيروت إنترناشونال”، “يعتبر المجتمع الدولي أن التصريحات الإيرانية، التي تتبنى دوماً لغة الحروب والتهديدات، تفتقر إلى المصداقية، حيث يعرف الجميع أن إيران ليس لديها القدرة على مواجهة الولايات المتحدة سواء عسكرياً، اقتصادياً، أو حتى سياسياً، وتجربة الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة هي خير دليل على انصياع طهران للخطوط الحمراء التي وضعتها الولايات المتحدة، خاصة في ما يتعلق بتوجيه ضربات إيرانية تجاه إسرائيل. فبدلاً من التصعيد، اختارت إيران إتباع ما يمكن تسميته بـ”الهندسة الأميركية”، التي تهدف إلى ضمان عدم حدوث ضربة إسرائيلية مؤلمة لها”.
تتابع المصادر: “على الصعيد الشعبي، يُعد الأمر مبكياً للغاية بالنسبة لإيران، حيث يرى الشعب الإيراني نفسه ضحية لتوجهات نظامه الذي يسير في اتجاهات تقوض مصالحه الوطنية. الشعب الإيراني، الذي يعاني من ضغوطات اقتصادية كبيرة جراء العقوبات الأميركية والضغوط الداخلية، يشعر بالقلق من أي خيار تصعيدي قد يدفعه إلى مواجهة عسكرية مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة. إيران، التي كانت تعتمد في الماضي على التضحية بشعوب أخرى كالفلسطينيين واليمنيين والسوريين واللبنانيين، تجد نفسها اليوم على شفير التضحية بشعبها، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية لمستقبل هذا الشعب”.
أما بالنسبة لمصادر الدبلوماسية الغربية، فإن التوقعات تشير إلى أن تصريحات بزشكيان لا تعدو كونها رفعاً للسقوف السياسية، وتهدف إلى تعزيز الموقف التفاوضي الإيراني. النظام الإيراني يسعى من خلال هذه التصريحات إلى خلق حالة من “التفاوض المشروط” ورفع الأسعار التفاوضية. ولكن في المقابل، تضع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التفاوض بشكل جاد للحصول على اتفاق طويل الأمد يضمن استمراريتها، أو المواجهة التي قد تقودها إلى خسائر فادحة. ترامب، الذي يعرف جيداً كيف يدير الصفقات، قد لا يتراجع عن موقفه حتى تحقيق أهدافه في الصفقة مع إيران، الأمر الذي يجعل طهران في موقف لا يُحسد عليه.
في النهاية، تدرك إيران أن خياراتها أصبحت محدودة للغاية. فإما أن تحضر إلى طاولة المفاوضات وتلعب اللعبة الدبلوماسية بشكل جاد، أو أن تتحمل عواقب غيابها عن التفاوض وتدفع الثمن في النهاية. ولكن في كلتا الحالتين، يظل مصير النظام الإيراني غامضاً، في ظل الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة.