أثار سحب القوات الروسية لسفينتين حربيتين وإحدى الغواصات تساؤلات حول الهدف من هذا الانسحاب، البعض ربطه بالتطورات العسكرية التي مكنت القوى المعارضة لنظام بشار الأسد من دخول حلب وحماه والعديد من المناطق وسيطرتها على مراكز استراتيجية وابززها المطارات والسجون، في حين تحدثت مصادر إعلامية روسية أن القطع عادت إلى طرطوس بعد تنفيذ مهمة تدريبية ترتبط بعمل عسكري تجريبي لصواريخ فرق صوتية في شرق البحر المتوسط.
بعض المتابعين لهذه التطورات يرى ان الامور لن تعود الى الوراء، وان التحرك الروسي لناحية سحب بعض القطع البحرية من مرفق يعتبر المنشأة البحرية الروسية الوحيد في منطقة البحر المتوسط، التي تتمتع بالولاية القضائية السيادية عليها بعد الاتفاق الذي وقعته مع الدولة السورية في يناير/ كانون الثاني 2017 والتي يسمح يموجبها لروسيا بتوسيع واستخدام هذه المنشأة لمدة 49 عاماَ مجاناَ، قد لا يرتبط بالمعارك الجارية في الداخل السوري انما في الحسابات الروسية لناحية المعارك الجارية بينها وبين اوكرانيا.
لا شك ان الوجود الروسي في سوريا سبق ثورة الشعب السوري على نظام آل الاسد، لكنه لعب دوراَ كبيراَ في مساندته عندما اقترب الخطر من ابواب قصر المهاجرين، فكان الطيران الحربي الروسي الاداة المساعدة للميليشيات الايرانية التي توغلت في المحافظات السورية، على الصعيد العسكري والبشري من خلال الاستقرار في بعض مدنها وتغيير معالمها وهويتها.
السؤال الذي يطرح اليوم عن مصير الوجود الروسي، في حال تم تنحية الرئيس بشار الاسد وتغير المشهد السياسي لصالح الشعب السوري الذي اكتوى بنيران الطائرات الروسية، التي لم تتوقف حتى اليوم وان كانت بطلعات خجولة .انطلاقا مما تقدم يبدو ان روسيا تحتاج لاعادة تموضع في منطقة الشرق الاوسط ، لاسيما وانها في مأزق على تخوم حدودها وتنتظر تسلم الرئيس دونالد ترامب مقاليد السلطة، ليفي بوعده بانهاء الحرب الاوكرانية الروسية، وهذا الامر دفع بالطرفين الى تكثيف العمليات العسكرية لتحصيل مكاسب على الارض استعدادا لمرحلة التسوية التي سيقودها الراعي الاميركي بعد تسليم الاوروبيين بانعدام حسم المعركة لصالح اوكرانيا.