الحدود اللبنانية السورية
لا يزال ملف النزوح السوري يحتل واجهة الاولويات في اليوميات اللبنانية، وقد شكلت جلسة المساءلة العامة التي انعقدت يوم الاربعاء الماضي وهي الاولى للمجلس النيابي منذ انتخابة في العام 2022، اهتماما خاصا باعتبار ان الجلسة خصصت للبحث في ملف النزوح وتداعياته، وكما كان متوقعا فقد اصدر المجلس النيابي توصية تتضمن تسع نقاط سيحملها الوفد اللبناني برئاسة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الى “مؤتمر بروكسل الثامن لدعم مستقبل سوريا والمنطقة” والذي سيعقد في السابع والعشرين من الشهر الحالي.
وبينما اعتبرت مصادر دستورية عبر “صوت بيروت انترناشونال” إن التوصية التي أصدرها المجلس النيابي غير ملزمة، باعتبار ان الحكومة هي حكومة تصريف اعمال، رأت مصادر نيابية بان التوصية يمكن النظر إليها كخارطة طريق للخروج من مأزق النزوح الذي أثقل كاهل لبنان وشعبه وبات كقنبلة موقوته يمكنها الانفجار في اي لحظة.
في المقابل، اعتبرت مصادر نيابية معارضة “لصوت بيروت انترناشونال” إن الحكومة وبشخص رئيسها لم تقدم خلال الجلسة النيابية اي خطة واضحة فعلية او اليات تطبيقية، مشيرة الى ان ما اعلنه الرئيس نجيب ميقاتي في الكلمة التي القاها امام النواب اقتصر فقط على بعض العناوين الفضفاضة، والتي تفتقد الى اي جدية لحل الملف.
واشارت المصادر الى ان المعلومات الواردة من الدول الاوروبية تكشف أن هناك بعض الأحزاب في هذه الدول تسعى لابقاء النازحين السوريين في لبنان، من خلال تقديم بعض المساعدات والهبات، لمنع التدفق السوري باتجاه اوروبا قبل الانتخابات الاوروبية المقبلة، مما يؤكد ان هبة المليار يورو التي اعلنت عنها رئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون دير تعتبر رشوة فاضحة للدولة اللبنانية رغم نفي السلطات اللبنانية ذلك.
وإذ اعتبرت المصادر ان بعض القوى السياسية تحاول استغلال ملف النزوح السوري لاعادة فتح القنوات السياسية بين لبنان وسوريا، شددت على ضرورة معالجة موضوع النزوح بالطرق السليمة، وتحديدا مع السلطات السورية من خلال مفوضية اللاجئين، كذلك عبر التواصل بين الجيش اللبناني والأمن العام اللبناني من جهة، وبين القوى الامنية السورية من الجهة ثانية، والتنسيق فيما بينهما بشأن تشديد المراقبة على طول الحدود.
ورات المصادر ان المشكلة بين بعض القوى اللبنانية هي مع النظام السوري المجرم، وليس مع الشعب السوري او الدولة السورية، داعية الى ضرورة معالجة ملف النزوح من خلال تصنيف الوجود السوري، لا سيما ان هناك عدد كبير من السوريين يقيمون على الاراضي اللبنانية بشكل شرعي، ويمارسون أعمالهم وفقا للقانون اللبناني من خلال دفع كافة الرسوم المتوجبة عليهم.
ودعت المصادر الدولة اللبنانية للقيام بواجباتها تجاه ضبط الحدود على كافة المرافق، والتشدد في تطبيق القوانين اللبنانية على كافة الأجانب المتواجدين على الاراضي اللبنانية، وتنظيم الوجود السوري خصوصا ان السلطات اللبنانية تأخرت 13 سنة لوعي خطورة الملف ، بحيث كان من الواجب عليها تنظيم هذا الوجود منذ بداية الازمة السورية كما فعلت تركيا التي تستفيد بمبلغ 6 مليار دولار سنويا من الاتحاد الأوروبي رغم امكانياتها الكبيرة، كذلك المملكة الاردنية التي عملت على ضبط وجود النازحين السوريين في مخيم الزعتري من خلال تأمين الاحتياجات اللازمة لهم، معتبرة أنه على المجتمع الدولي احترام الدولة اللبنانية، كذلك عليه ايضا مسؤولية اعادة النازحين الى بلادهم.
ورأت المصادر أن النظام السوري يريد ثمن لعودة مواطنيه إلى اراضيه، واستعمال ورقة النزوح للضغط من أجل رفع قانون قيصر عنه بمساعدة حلفائه، وما اعلنه حسن نصر الله في كلمته الاخيرة اكبر دليل على ذلك.
وعلى الرغم من أن الجلسة النيابية حققت إجماعا على الهدف وهو حل ازمة النزوح السوري، اسفت المصادر النيابية المعارضة لطريقة تعاطي الكتل النيابية مع الملفات التي تعرض أمام المجلس النيابي من خلال المصالح والمحاصصة والقيام بالاتفاقات بشكل مسبق، مشيرة إلى أن التوصية التي صدرت عن البرلمان جرى التوافق عليها من قبل بعض الكتل النيابية عشية انعقاد جلسة المساءلة.