يعيش العالم والشرق الأوسط على صفائح متحركة لا سيما في الشرق الأوسط والمثلث الأكثر حماوة فلسطين المحتلة سوريا ولبنان، الذي تشتعل جبهاته على الحدود الجنوبية كما ساحته الداخلية بسبب التجاذبات السياسية بين المعارضة والمحور الذي يقوده “حزب الله”، وفق مصدر متابع للأحداث التي تجري في المنطقة.
مع اشتعال “قطاع غزة” نتيجة المعارك التي تخوضها حركة “حماس” في مواجهة “الجيش الإسرائيلي”، علا دخان المعارك ليحجب معه الاستحقاق اللبناني المرتبط بالانتخابات الرئاسية وتوقفت حركة الموفدين المكلفين إيجاد التقارب بين الأفرقاء، إلا أن الأمور عند بعض السياسيين لم تتوقف، وهذا ما يمكن تبيانه من خلال تحركات رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، الذي يحاول دائمًا اقتناص الفرص مستانساً بالقول المأثور “الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك”، من خلال محاولاته استثمار الوقت اثناء الانشغال القاتل الذي يعيشه “حزب الله” على الجبهة الجنوبية .
أدار باسيل محركاته لجولات لا تشبه تلك التي قام بها برفقة عمه الرئيس السابق ميشال عون على المناطق اللبنانية والتي كانت لاستنهاض شعبيته ولملمتها. اليوم تتميز جولاته وزياراته بطابع سياسي تحت عنوان “الوحدة الوطنية”، حيث زار رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي، الوزير السابق وليد جنبلاط وعدد من الكتل النيابية، ولعل الأبرز كان الاتصال الهاتفي الذي جرى بينه وبين أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله وفقًا للتسريبات الإعلامية، وتوجّها في زيارته إلى بنشعي حيث التقى الوزير السابق سليمان فرنجية.
جولة جبران وفق المصدر، استعراضية بجانب منها، كما لها خلفيات ترتبط بدوره المستقبلي والاستحقاق الرئاسي بشكل خاص، ولذا يحاول استغلال الظرف الذي يعيشه “حزب الله” من إرباك لناحية اتخاذ القرار بخوض حرب واسعة، أو الاكتفاء بالعمليات المحدودة التي تحصل اليوم في الجنوب.
وجد باسيل، وفق المصدر، فرصة يمكن أن يستغلها في ظل هذا الواقع وبادر إلى القيام بنوع من “عملية تبييض وجه وتمنين” مجاني للحزب في هذا الظرف، لا سيما وأن جولاته وكلامه على تفهمه موقف الحزب ودعمه لنصر الله بخياراته التي ستصب لمصلحة لبنان، تعتبر أحد المؤشرات، لكن الأبرز زيارته لفرنجية وتخطيه كل التحفظات والخلافات والتباينات حول الاستحقاق الرئاسي والحملات المتبادلة والمريرة بينهما، بعدما استحصل على غطاء من بري والحزب وتسجيله نقطة بالشكل بلقائه مع الرئيس ميقاتي، وإعادة التواصل مع الوزير السابق وليد جنبلاط .
من الواضح، وفق المصدر، وبناء على النتائج التي تحققت من خلال الزيارة التي توّجها باسيل في بنشعي أنه فرصة سجلها في خانة “حزب الله” وإعطاء دفع مسيحي له في ضوء الاعتراض المسيحي الكبير ولدى جزء كبير من الرأي العام على توريط لبنان بأي حرب جديدة، مع تحركات المعارضة اللبنانية لبلورة موقفها الرافض، كان مسعى باسيل لاستغلال لقائه بفرنجية والخروج بموقف توافقي بنسبة 99% من النقاط التي تحدث عنها ووضعها بتصرف الحزب والإيحاء بأن الخلافات كلها جانبية مقابل “المعركة الكبرى” وبالتالي يمكنه تعويم وضعيته وإنعاش آماله بالحصول على قطعة “حرزانة من الجبنة الرئيسية” في حال انتخب وإعادة وصل ما انقطع مع حزب الله قد يستفيد منها في المرحلة المقبلة.
بالطبع جولة باسيل لها هدف أساسي ومهم بالنسبة له لناحية الحؤول دون إمكانية وصول قائد الجيش العماد جوزف عون إلى قصر بعبدا، خصوصًا من خلال رفض التمديد له، والبقاء في المراوحة لحين انتهاء ولايته في كانون الثاني وبذلك يحال على التقاعد، وبالتالي لا فرصة له للوصول إلى الرئاسة، علمًا أن محاولات باسيل للإيحاء بتسمية أحد ضباط الكاثوليك للحلول مكان عون بالتكليف هو مخالف للقانون، كون هناك أمر يتعلق بـ “حق الإمرة” التي لا تجاز إلا لقائد الجيش أو رئيس الاركان في حال تم تعيينه بالتكليف عند شغور سدة القيادة. بالإضافة إلى اعتبارات أخرى قد تسمح بتسمية ضابط موال للتيار. مع الإشارة إلى أنّ القائد الحالي اعتبر في مرحلة تعيينه أنه “عوني الهوى” إلا أن ممارسته أثبتت إنه شخص مستقل وقادر على القول “لا” في بعض المحطات.