الأحد 26 ذو الحجة 1446 ﻫ - 22 يونيو 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ترامب يتقدم رغم محاولات "الدولة العميقة".. زيارة السعودية في صدارة الأحداث

على الرغم من تطور الأحداث الإقليمية وتبدل موازين القوى واشتعال الحروب في المنطقة منذ خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من السلطة وتسليم الديمقراطيين مقاليد الحكم عبر ممثلهم، الرئيس السابق جو بايدن، فقد شهدت الأوضاع تدهورًا وصل إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط مع بدء شرارة أحداث 7 أكتوبر وامتدادها لتشمل سوريا ولبنان، بالإضافة إلى الدور الهدام الذي يلعبه الحوثيون في اليمن عبر استهداف السفن التجارية والعبث بالمضائق المائية.

منذ بداية ولايته، سعى الرئيس الأمريكي جاهداً لتحقيق أهداف سياسته الواضحة. وقد تجلى ذلك داخليًا بإصداره نسبة كبيرة من الأوامر التنفيذية التي شكلت رقمًا قياسيًا، وأطاح من خلالها بالعديد من الشخصيات، خاصة في المؤسسات الأمنية وتلك المرتبطة بما اعتبره منفذًا لهدر أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لصالح ما يُعرف بأركان “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة والشرق الأوسط على وجه الخصوص.

أما على الصعيد الخارجي، فقد عمل على مجمل الملفات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، والملف النووي الإيراني، وملف غزة، الذي سبق وأن هدد بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا لم يُطلق سراح الأسرى لدى حماس. ورغم الإفراج الجزئي عن الأسرى، فقد تمكن من إطلاق سراح معظم الأمريكيين، وآخرهم عيدان ألكسندر، الذي خرج بمفاوضات أمريكية مصرية قطرية لم تشارك فيها إسرائيل، وقد لفت رفض ألكسندر لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الأنظار.

يُعزى إعلان الرئيس الأمريكي الأخير عن وقف إطلاق النار مع جماعة الحوثيين في اليمن، موضحًا أن الولايات المتحدة ستوقف حملات القصف بعد موافقة الحوثيين على التوقف عن استهداف الشحن في البحر الأحمر، وما تبعه من إعلان وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان يوم السبت الموافق 10 مايو 2025 بعد محادثات قادتها الولايات المتحدة لإنهاء أخطر مواجهة عسكرية بين البلدين النوويين منذ عقود، بالإضافة إلى الكشف البارز عن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين في 12 من الشهر الجاري، والذي تضمن تخفيضات كبيرة في الرسوم الجمركية والتعاون في قضايا مثل أزمة الفنتانيل بعد محادثات رفيعة المستوى عقدت في جنيف، سويسرا.

في سياق هذه التنازلات والاتفاقيات الأخيرة، يبدو أن الرئيس ترامب يمارس ضغوطًا على نتنياهو، الذي حصل بالفعل على الأسلحة التي أرادها رغم معارضة إدارة بايدن. ويرى ترامب أن حكومة نتنياهو تتباطأ وتتهرب من إنهاء ملف غزة، وعلى الرغم من الترابط الظاهري بين أهداف الطرفين، إلا أن رؤيتهما للحل تختلف. يسعى ترامب لإنهاء معظم الملفات العالقة قبل الانتخابات التمهيدية الأمريكية لتحقيق مكاسب سياسية. وتبرز زيارته للمملكة العربية السعودية كإنجاز محوري، ستكون لها تداعيات داخلية على الصعيد الأمريكي وعلى ملفات المنطقة الملتهبة، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني الذي لم تحقق جولته الرابعة تقدمًا. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك توقعات بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم بين روسيا وأوكرانيا خلال الزيارة بحضور الرئيس الأوكراني فلاديمير بوتين إلى المملكة. وقد شاب هذه الزيارة إعلانات وتسريبات مثيرة للشك، مثل الإعلان عن هدية قطرية تتمثل في طائرة رئاسية لترامب، والتسريبات حول العثور على رفات الصحفي الأمريكي أوستن تايس دون تأكيدات رسمية أمريكية أو حتى سورية.

من جهة أخرى، كانت هناك أحداث أخرى يُراد منها زيادة الضغوط على الرئيس الأمريكي، لا سيما فيما يتعلق بالصحفي الأمريكي أوستن تايس المختطف في سوريا منذ العام 2012 والتسريبات حول العثور على رفاته في ريف حلب الشمالي دون بيان رسمي من الإدارة الأمريكية أو السورية، وهو الأمر الذي أثار علامات استفهام حول التوقيت.

هذه الأحداث وغيرها تشير إلى محاولات للتشويش على الزيارة التاريخية لترامب في توقيت حرج، خاصة وأن طائرته قد عبرت أجواء مشتعلة وعد بإطفائها، وهو ما سيحاول من تبقى في “الدولة العميقة” وأذرعها في المنطقة عرقلته، لأن ما سطره ترامب في بداية ولايته على الأوامر التنفيذية سيستمر حتى تحقيق ما وعد به. ويبدو أن النتائج ستبدأ بالظهور بعد لقائه بـ “عراب الحلول” ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وصفه ترامب بأنه “رجل عظيم ذو رؤية عظيمة”، مما يؤشر الى ان لقاء العظماء في المملكة سيكون بداية مشرقة للشرق الأوسط والخليج العربي، وهو ما سيظهر بعد انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، والتي كانت وجهته الخارجية الأولى.