يوم أمس الثلاثاء، لم يكن يوماً عادياً، بل شهد على أكبر عملية خرق أمني في تاريخنا المعاصر، وشكّل صدمة كبيرة في مسار الحروب، وهنا لن نتحدث عن طائرة متطورة، أو صاروخ ذكي يلاحق الأفراد، أو دبابة تتمتع بتقنيات كبيرة، أو مسيّرة تحمل متفجرات، هنا نتحدث عن جهاز للتخابر يحمله عناصر من حزب الله وتحوّل فجأة إلى سلاح قاتل بلمح البصر.
التحليلات كثيرة، ومن المؤكد حصول خرق امني إسرائيلي لتلك الأجهزة التي دخلت حديثاً إلى لبنان عن طريق شركة تيليريم الإيرانية وهي موثوقة بالنسبة إلى حزب الله، لكن الخرق تم، وهو الأكبر والأحدث في الحروب الإلكترونية لأنه طال شريحة كبيرة من عناصر حزب الله وأوقع آلاف الجرحى وعشرات الضحايا، وما حصل، يحتاج إلى وقت كاف لمعرفة حجم الخرق ونوعه.
خبراء عسكريون يعتبرون أن ما حصل كان لافتاً من حيث السرعة، والعدد، خصوصاً أن تلك الأجهزة يحملها الكثيرون في لبنان من أطباء وغيرهم، لكن من استهدفوا هم حصراً عناصر حزب الله، وهذا دليل على أن الخرق أمني ونوعي، ولكن بمعزل عن هذا الخرق الذي يحتاج دراسة خاصة لأنه أدخل المنطقة في مفهوم جديد للحروب والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي بات من اخطر الأسلحة الفتاكة، وبات يضاهي القنابل النووية، لأنه قادر على إصابة الأفراد بكبسة زر من دون تدمير أي منشآت مدنية.
ويضيف الخبراء عبر موقع “صوت بيروت إنترناشونال”، أن ما هو قادم يعتبر الأخطر في الحرب القائمة بين حزب الله وإسرائيل، خصوصاً أننا نشهد أياماً مصيرية سيتم فيها تحديد مصير الجبهة الشمالية لإسرائيل، وتترافق مع تهديدات إسرائيلية بحسم الأوضاع عسكرياً استعداداً لإعادة المستوطنين إلى الشمال الإسرائيلي، والأخطر بحسب الخبراء، وخصوصاً في تفسير الحروب، هو التحضير للمعركة، أي بمعنى آخر، الخطورة تكمن في عزل هذا الكم الهائل من عناصر حزب الله عن الخدمة جراء الإصابات، وهذا يمهّد إلى أن هناك شيئاً ما يتم التحضير له عسكرياً، ربما اجتياحاً محدوداً لبعض المناطق التي تقع ضمن الـ10 كيلومترات في الجنوب، أو تنفيذ أحزمة نارية مع توغلات برية محدودة، وعزل بعض المناطق عن بعضها البعض، لكن ما حصل في غاية الخطورة، ويستدعي استنفاراً على كافة الأصعدة في لبنان خصوصاً السياسية والدبلوماسية، وعلى الحكومة الإسراع بالاتصالات لتجنيب لبنان ويلات أي حرب مقبلة، لأننا غير قادرين على تحمل تبعات الحرب خصوصاً طبيّاً واقتصادياً، ورأينا كيف أنه بخرق امني واحد غصت المستشفيات بالجرحى، فكيف الحال مع اندلاع حرب واسعة؟.