ستكون الجمهورية المالية للبنان على موعد مع استحقاق متفجر مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي تولى هذا المنصب عام 1993 الى يومنا هذا ، وحاز خلالها على ثقة من تناوب على السلطة ابان الوصاية السورية وبعد خروج الجيش السوري وانتقال الوصاية الى الثنائي “حركة امل” و”حزب الله”، اللذين احتكرا وزارة المال، بحيث لا يمكن لاحد انتزاعها منهما وكانت الحقيبة الوحيدة التي لا تخضع للمناوبة مع الأطراف الأخرى.
لم يتعرض سلامة لاي انتقاد طيلة فترة توليه الحاكمية حيث تمكن من انتزاع التمديد لـ4 ولايات متتالية، حصد خلالها الألقاب في الخارج كأفضل مصرفي، وفي الداخل بعدما تمكن من تثبيت سعر صرف الدولار على قيمته التي بلغت 1500 ليرة لبنانية ، لكنها بدأت تتهاوى مع انتفاضة 17 تشرين عام 2019 التي استطاعت استقطاب الرأي العام اللبناني على مدى عدة أشهر، لكن في المقابل بدا الانهيار الاقتصادي يتسلل الى القطاعات الخاصة والعامة وفقد المواطن اللبناني قدرته الشرائية وبدأ المصرف المركزي بضخ الأموال لدعم السلع من غذائية الى المحروقات وغيرها واستنزفت الخزينة وودائع اللبنانيين الذين مازالوا ينتظرون استعادة أموالهم.
يرى مصدر متابع لمسار الوضع الاقتصادي وإمكانية انتشاله من الإفلاس والانهيار الكامل، ان الحلول غير متاحة وان الامل بتعيين حاكم جديد للمصرف قد لا تكون العلاج الناجع رغم ان الحاكمية يشبهها البعض بعبارة “جمهورية مستقلة ذات سيادة خاصة وذمة مالية منفصلة عن الدولة اللبنانية”.
يضيف المصدر ان خطوة نواب الحاكم الأربعة لناحية عدم استعدادهم لتحمل هذه المسؤولية لاسيما وسيم منصوري، أظهرت مدى صعوبة إدارة الحاكمية وتلقف كرة النار المالية التي لا يمكن لاحد معالجتها، كونها ارث سنوات طويلة وسياسة مالية تحتاج جرعة دعم خارجية، كما ان عملية اختيار الاسم الذي سيتولى المنصب ستمر في حقل الغام كبير لن ينجو منه أي فريق، لاسيما محور الثنائي الذي لا يمكنه احداث معجزة لإعادة قيمة الليرة اللبنانية فكيف اذا كان في مواجهة المنظومة المالية العالمية التي اغدقت على عدد كبير من ممولي الثنائي بعقوبات مالية ومن بينهم رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل، الذي قاد وفريقه حملة منظمة على سلامة انتهت به امام المحاكم الفرنسية.
يعتبر المصدر ان محاولة استنباط الحلول لما بعد انتهاء ولاية سلامة ارسى حالة “ضياع” وارباك، فمن جهة طرح الرئيس السابق ميشال عون تعيين حارث قضائي وهو امر لا يمكن ان ينطبق على وضع مصرف لبنان وليس له أي مسوغ قانوني وان وجد لها مخرج ما فهو لا يستطيع التصرف في أموال المصرف لناحية صرف الرواتب وتأمين الاعتمادات، كما ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستواجه معارضة شرسة لناحية هوية المرشح “ممانع او سيادي”، وهذا ما يؤشر الى انه في الخلاصة هناك ضياع على مستوى الجمهورية من اعلى سلطة إلى أدناها ، على صعيد اتخاذ القرار وتحمل مسؤوليته يضاف اليها الخوف من عودة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، مع انتهاء الموسم السياحي الذي ستذهب معه أحلام الدولار الاغترابي.