منذ بدء عملية ما سمي بـ”طوفان الأقصى” وانتقال نيرانها في اليوم التالي لعملية 7 أكتوبر / 2023 إلى الجنوب اللبناني عاد الحديث عن القرار 1701 وآلية تنفيذ جميع بندوه ، بعدما أجمع العديد من الأطراف ، انه لم يطبق وفق البنود التي وردت فيه ، لاسيما البند الثالث التالي نصه: “يؤكـد أهميـة بـسط سـيطرة حكومـة لبنـان علـى جميـع الأراضـي اللبنانيـة وفـق أحكام القرار ١٥٥٩ (٢٠٠٤) والقرار ١٦٨٠ (٢٠٠٦)، والأحكـام ذات الصلة من اتفاق الطائف ، وأن تمارس كامل سيادتها، حتى لا تكون هناك أي أسلحة دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة الحكومة”.
ما حصل من تطورات لناحية العمليات العسكرية ، حيث خرجت الأمور عن قواعد الاشتباك وباتت الاستهدافات العسكرية الإسرائيلية لا تقتصر على خرق القرار المذكور إنما طالت العمق اللبناني بما يتجاوز ال150 كلم وصولا إلى العاصمة اللبنانية حيث نفذت عدة اغتيالات وآخرها ، في الضاحية الجنوبية باستهداف مبنيين بالقرب من مجمع القائم ، تمكنت من خلال هذه الضربة اغتيال ما يقارب 15 من القيادات النخبوية في “حزب الله”، إلا أن الحصيلة الكبرى كانت من نصيب المدنيين لاسيما الاطفال.
هذه التطورات الخطيرة والتي سبقتها عملية كبيرة تمثلت باختراق اجهزة “البيجرز” التي بحوزة عناصر الحزب وتسببت بخسارة العديد منهم بصرهم واطرافهم، في وقت تجاوز عدد المصابين ال3000.
مع تراكم الاحداث وارتفاع وتيرة القصف الاسرائيلي الذي يقابله قصف صاروخي مكثف من “حزب الله” يرافقه اطلاق المسيرات باتجاه العمق الاسرائيلي بعد العمليات التي قامت بها اسرائيل ، بات القرار 1701 لزوم ما لا يلزم ولاسباب أخرى سياسية مع تضارب التصريحات الصادرة عن المسؤولين اللبنانيين، لاسيما وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب المعني الاول بهذا القرار كونه ممثل لبنان في المحافل الدولية ، حيث سبق ان ادلى بتصريح ابدى فيه “استعداد لبنان للدخول بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، ودعوته مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار جديد بديلاً عن القرار 1701 لوقف الحرب في جنوب لبنان” ، الا انه عاد ليوضح موقفه خلال كلمته التي القاها في الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الذي انعقد في 9/سبتمبر من الشهر الجاري “أنّني أطالب وأتمسك بتطبيق القرار 1701، ولقد عمل لبنان بكل طاقته مع عدة دول صديقة للتجديد لليونيفيل مؤخرا، التزامًا بالقرار 1701″، مشيرًا إلى أنّ “ما ذُكر حول إصدار قرار جديد هو أمر إفتراضي، وليس بديلا عن القرار الحالي”.
ورغم المواقف الاخيرة لحكومة تصريف الاعمال التي عبر عنها بو حبيب في كلمته امام مجلس الامن في اجتماعه الاخير، من خلال دعوته للطلب من اسرائيل وقف عدوانها وتطبيقها لقراري مجلس الأمن 1701 و2735، ووقف حربها على كل الجبهات…..وإما نكون شهود زور على الانفجار الكبير الذي تلوح تباشيره في الأفق. فإعلموا اليوم وقبل فوات الأوان بانه لن يوفر شرقا ولا غربا”.
مصدر متابعة للحركة الدبلوماسية يرى ان العودة الى القرار 1701 وفق الآلية التي طبقت من العام 2006 حتى 7 اوكتوبر من العام 2023 غير قابلة للتنفيذ كون التطورات العسكرية التي حصلت في المنطقة لاسيما في غزة ، والتدمير الممنهج الذي تمارسه اسرائيل خارج الخرائط والبنود المتفق عليها في القرار المذكور سابقا لا تؤشر الى امكانية اعادة إحيائه ، وهو الذي طبق بشكل جزئي خلال السنوات الماضية ، كما ان تسارع الاحداث نتيجة الضربات القاسية المتبادلة بين الطرفين لن يتمكن احد من فرملتها ، وأثبتت الولايات المتحدة عجزها عن ضبط حليفتها اسرائيل بعدما ضاق الوقت امام هذه الادارة التي تواجه معركة انتخابات رئاسية مفصلية.