يُعد القتال في الشوارع من أصعب أشكال الحرب، وبالتالي فإن الحملة البرية الإسرائيلية يمكن أن تكون طويلة ودموية، وتتضمن قتالاً في شوارع غزة وأزقتها، فضلاً عن مجمعات الأنفاق الجوفية تحتها.
ووفقاً لخبراء عسكريين، من المحتمل أن يكون قسم كبير من دفاعات “حماس” على مستوى الشوارع في أجزاء من مدينة غزة قد تضرر بسبب الغارات الجوية، على الرغم من أن الأنقاض التي خلفتها قد توفر الغطاء والإخفاء لمقاتليها، علاوة على ذلك، قد تتعقد العمليات الإسرائيلية بسبب الرغبة في عدم إيذاء الرهائن عندما تشير المعلومات الاستخبارية إلى احتمال وجودهم.
ويضيف الخبراء لموقع “صوت بيروت إنترناشونال”، “كثرت التساؤلات القائمة منذ فترة طويلة بشأن مدى جهوزية القوات البرية الإسرائيلية لمثل هذه المهمة المعقدة والصعبة في ظل الرد الضعيف للجيش الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول والمشاكل في تجهيز قوات الاحتياط المجندة في أعقاب ذلك، ومع هذا، فإن الانتظار الطويل قبل بدء العمليات البرية الكبرى قد أتاح الوقت الضروري لتحسين الخطط، وسد الفجوات الاستخباراتية، وحل المشكلات التي تم تحديدها أثناء التجنيد، وإجراء تدريبات تنشيطية للقوات، كما هو الحال بالنسبة لحماس التي أعدت العدة جيداً وهذا ما يبدو حتى اللحظة على الرغم من الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية لغزة، لكن حماس لا تزال تملك القدرة على التحرك.
ويشير الخبراء إلى أن مركز الثقل العسكري لـ”حماس” قد يكون في مدينة غزة، إلا أنه سيتعين على إسرائيل في النهاية توسيع عملياتها البرية لتشمل مناطق مأهولة أخرى في القطاع – النصيرات، والبريج، والمغازي، ودير البلح، وخان يونس، ورفح – إذا كانت تريد تدمير الحركة، كما أن العديد من مقاتلي “حماس” وقياداتها يعيشون في هذه المناطق، وربما فر آخرون إليها منذ بداية النزاع للاحتماء بين حشود النازحين وبالقرب من المرافق التي تديرها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وقد يتطلب هذا التوسع انتقالاً إضافياً للنازحين داخلياً الذين توجهوا سابقاً إلى الجنوب بناءً على طلب الجيش الإسرائيلي، مما يولّد تحديات إنسانية إضافية. ونتيجة ذلك، من المرجح أن تتعرض إسرائيل لضغوط لتجنب عمليات لاحقة في هذه الأجزاء الأخرى من القطاع.
كما أن الإعلام بحسب الخبراء يلعب دوراً مهماً، إذ يمكن أن تخلّف الصور العاطفية تأثيراً كبيراً على الجماهير وواضعي السياسات. وهكذا تم تقليص العمليات الإسرائيلية في لبنان في عامي 1996 و 2006 نتيجة الاحتجاج الدولي الذي أثارته التقارير الإعلامية عن ضربات المدفعية الإسرائيلية التي استهدفت مقاتلي “حزب الله” وقتلت مدنيين في بلدة قانا، كما أن إسرائيل اليوم تواجه عموماً عيوباً هيكلية كبيرة في المجال المعلوماتي.
ويلفت الخبراء إلى انه ليس من الواضح إلى متى ستظل إسرائيل تتمتع بحرية التصرف في غزة، فكلما طال أمد الحرب، كلما زاد احتمال توسع العنف بين اليهود والعرب في الضفة الغربية وإسرائيل، والتصعيد مع “حزب الله” – حتى لو كانت الحرب مع “حزب الله” تبدو غير محتملة، على الأقل في الوقت الحالي – وعدم الاستقرار السياسي في العالم العربي وربما تزايد الضغوط الأميركية لإنهاء العملية بسبب ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، فيمكن الاستنتاج أنه كلما طال أمد الحرب، كلما زاد احتمال أن تؤدي القيود السياسية وربما العسكرية إلى إعاقة قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها الحربية.