الجمعة 25 ذو القعدة 1446 ﻫ - 23 مايو 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

طبول الحرب تدق في الشرق الأوسط.. هل نشهد "الارتطام الكبير"؟

مع اشتعال بؤر التوتر في أرجاء الشرق الأوسط، ولا سيما في البلدان التي رسخت فيها إيران نفوذها بالقوة والسلطة، واخترقت مفاصلها الحيوية، أصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إجراء مفاوضات مع طهران، متسلحًا بشروط مسبقة وضعها على طاولة المفاوضات قبل اجتماع الطرفين.

عُقدت ثلاث جولات بشكل غير مباشر، وغالبًا ما صدر عن الوفد الإيراني تصريحات متفائلة توحي بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب، في حين لم يُنشر أي بيان تفصيلي حول النقاط التي نوقشت. وتزامنت هذه الجولات مع أحداث دراماتيكية هزت طهران، أبرزها الكارثة التي ضربت ميناءها الحيوي بندر عباس.
تزامنًا مع هذه الضربة، التي يُتوقع أن تكون لها تداعيات اقتصادية وخيمة على النظام الإيراني، وجه الرئيس الأمريكي ضربة أخرى تهدف إلى تشديد الخناق على النظام بشكل كامل، وذلك بإعلانه عن فرض عقوبات صارمة على أي دولة أو شركة تشتري أي كمية من النفط أو المنتجات البتروكيماوية من إيران، مع حظر التعامل التجاري معها بأي شكل من الأشكال من قبل الولايات المتحدة.

ترافق إعلان الرئيس الأمريكي عن هذه العقوبات مع تغييرات في إدارته في اليوم المئة لتسلمه ولايته الرئاسية. والبارز في هذه التغييرات إقالته لمستشاره للأمن القومي مايك والتز، وتعيين وزير الخارجية ماركو روبيو بديلًا مؤقتًا. وقال عبر وسائل التواصل الاجتماعي إنه سيرشح والتز ليكون السفير الأمريكي القادم لدى الأمم المتحدة. (يؤدي مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض دورًا مهمًا في تحديد السياسة الخارجية، إلى جانب وزير الخارجية). إلا أن السقطة التي تعرض لها والتز في وقت سابق، عندما ضم إعلاميًا عن طريق الخطأ إلى مجموعة دردشة لمسؤولين ناقشوا ضربات على حوثيي اليمن، تثير التساؤلات.

هذه التغييرات قد تكون لها تداعيات على المفاوضات مع إيران، ولا يمكن فصلها عن الملفات التي يريد ترامب إنهاءها وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني، بعد التأجيل الذي أُدرج تحت “أسباب تقنية”، وهو أمر يخفي العديد من التساؤلات. وبعد تصريحات ترامب الأخيرة بشأن توجيه ضربة عسكرية لطهران، قال: “أعتقد أنه يمكننا التوصل إلى اتفاق من دون الحاجة إلى الهجوم. آمل أن نتمكن من ذلك، لكن من الممكن أن نضطر إلى الهجوم، لأن إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا وسأتدخل بكل إرادة وسأكون في “مقدمة الصفوف”.

يدرك ترامب جيدًا أن إيران ستستمر في المماطلة، إلا أن صبره ينفد بسرعة وسط ضغوط من المسؤولين المقربين منه وعلى رأسهم وزير الخارجية ماركو روبيو الذي قال في تصريحه الاخير لقناة “فوكس نيوز” بأنه على إيران أن تبتعد “عن رعاية الإرهابيين وعن مساعدة الحوثيين في اليمن، وعن صنع الصواريخ بعيدة المدى التي لا يوجد أي غرض لوجودها سوى امتلاك أسلحة نووية، وعن تخصيب اليورانيوم”، لافتًا إلى أن إيران أعلنت مرارًا أنها لن تتخلى عن برنامجها الصاروخي أو تخصيب اليورانيوم، وهي عملية تستخدم لصنع الوقود لمحطات الطاقة النووية ولكن يمكن أن تنتج أيضًا المواد اللازمة لصنع رأس حربي نووي.

تصريح روبيو يعبر عن شروط الولايات المتحدة بشكل صريح، وهو يكشف زيف التصريحات الإيرانية الإيجابية بشأن الجولات التفاوضية الثلاث، والتي أرادت من خلالها الإيحاء باتفاق وشيك مع إدارة ترامب، وهو مجرد أسلوب اعتادت طهران انتهاجه. وبذلك تتصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط، وتتلاشى الآمال المعلقة على المفاوضات. فتصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة “إكس” الذي اعتبر فيه أن “حق إيران في تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض”، ردًا على تصريح روبيو والتغييرات في واشنطن، ليسا سوى علامات إضافية على أن “الارتطام الكبير” لم يعد مجرد شبح يلوح في الأفق، بل خطر داهم يقترب بخطى ثابتة من قلب المنطقة.