يخطئ من يعتقد أن سياسة اسرائيل قائمة على الاقتصاد المعترف به، أي صناعات واستثمارات وغيرها من الاقتصادات العالمية، فسياسة اسرائيل واقتصادها قائم على الحروب، وقوتها المالية تأتي من الخارج من اليهودية العالمية وأميركا التي تخصص ميزانيات ضخمة من الأموال لإسرائيل، فقوة اسرائيل المالية موجودة في أميركا من شركات واستثمارات، وما هو في اسرائيل، موجود فقط لتسيير شؤون الدولة، أما اسرائيل ككيان، فهي تعتمد على الحروب لدر الأموال، وطالما أن اسرائيل وحكوماتها يروجون للحروب والمخاطر وتصوير بأن الكيان بخطر، فهذا يعني أن الأموال ستتدفق باتجاه اسرائيل، فهي قاعدة أميركية مهمة في الشرق الأوسط، وعلينا النظر الى اسرائيل كولاية أميركية لا كدولة بحد ذاتها، ولهذه النظرة تداعيات على الشرق الأوسط، البعض يتماشى مع هذه النظرية، والبعض الآخر يريد محاربتها، وهذا يعني محاربة أميركا.
انطلاقاً من هذا المشهد، لا يمكن إغفال أيضاً ما نُشر من تقارير في الصحف الأميركية والبريطانية التي اشارت الى ان هناك تقارير حذرت من عملية ٧ تشرين الأول قبل حدوثها، والمخابرات الإسرائيلية لم تتعامل مع هذه التقارير بجدية، وهذا يعني ان اسرائيل كانت تنتظر الذريعة لتنفيذ خطتها، وهي تغيير واقع غزة، وتغيير الإدارة في غزة، صحيح ان اسرائيل لا تريد احتلال غزة كما تزعم، لكنها تريد فرض حكم مختلف في قطاع غزة، وهذا ما يفسر بحسب خبراء عسكريين، الدمار الهائل وعملية القتل والابادة التي تعرضت لها غزة، وهي باتت مجهولة المعالم نتيجة الضربات الإسرائيلية، واليوم تسعى اسرائيل لتغيير الحكم في غزة، وفرض امر واقع جديد في الضفة العربية.
ويؤكد الخبراء لموقع “صوت بيروت انترناشونال”، أن ما يحصل في غزة والضفة لا يمكن فصله عن جنوب لبنان، فالآلة العسكرية الإسرائيلية لا تزال تعمل وناشطة من دون هوادة، والمخطط المرسوم لغزة والضفة، انسحب الى جنوب لبنان بعدما وجدت اسرائيل أن الوقت مناسباً لتغيير الواقع في الجنوب، وفرض معادلات جديدة وقواعد اشتباك مختلفة عن الحالية، وهذا المخطط يستدعي اجراء عملية جراحية عاجلة بحسب وصف الخبراء، وهي إبعاد حزب الله الى ما وراء الليطاني، وشل قدراته التي تشكل خطراً على المستوطنات الشمالية، بحيث لا تود لحزب الله إمكانية شن عملية تشبه عملية ٧ تشرين الأول التي قامت بها حركة حماس، وابعاد الحزب غير متاح حالياً بالوسائل الدبلوماسية، بالتالي، تسعى اسرائيل لإبعاده بالقوة، وهي اعدت العدة، ولا تزال تتلقى أسلحة نوعية من اميركا للقيام بهذه العملية، فمعركة غزة لم تعد تحتاج الى كل تلك الصواريخ الدقيقة والذكية، وما تتلقاه اسرائيل اليوم من اميركا هو من اجل جبهة الشمال، على أمل ان تحصل المعجزة وتُحل الأمور دبلوماسياً وتجنيب لبنان ويلات الحرب المقبلة.